على مدار الأيام التسعة الماضية، تواصلت الغارات الجوية التي تشنها قوات النظام السوري مدعومة بالطيران الروسي على مدينة حلب شمالي البلاد، وقد خلفت تلك الغارات مئات الضحايا بين قتلى وجرحى، ورغم استغاثات المنظمات الإنسانية وعدد من الأنظمة السياسية في الدول العربية والغربية، إلا أن الرئيس السوري بشار الأسد مصمم هو وقواته على استعادة حلب من أيدي المعارضة.. "التحرير" تستعرض معكم الأهمية الاستراتيجية لمدينة حلب والتي تجعل جميع أطراف الصراع في سوريا تتقاتل من أجلها..
 
أولا: حلب تحمل أهمية رمزية كبيرة، فهي ثاني أكبر المدن السورية، وقد كانت أكبر المراكز الاقتصادية في البلاد قبل أن يتم تدميرها بفعل الحرب، وهي المدينة السياحية الأولى في البلاد، وكانت الموقع المفضل للعديد من البعثات الدبلوماسية لفترة طويلة من الزمن.
 
ثانيا: حلب تمثل أهم المراكز الحضرية في البلاد بعد العاصمة دمشق ما يجعل السيطرة عليها من الأهمية بالنسبة للنظام الذي يرغب في أن يحكم سيطرته على مدن البلاد الرئيسة، إضافة إلى أنها تعد مركزا استراتيجيا تنطلق منه الهجمات ضد تنظيم داعش والمعارضة وبالتالي مركزا لاستعادة بقية أنحاء سوريا.
 
ثالثا: حلب هي أحد معقلين كبيرين للمعارضة على الحدود الشمالية مع تركيا، والمعقل الآخر هو إدلب، وتعتمد المعارضة في الشمال بشكل كبير على تأمين المساعدات والإمدادات عبر تركيا إلى حلب وإدلب من خلال معبري باب السلامة وباب الهوى على الترتيب، ومع قطع طريق الإمدادات في حلب فإنه لا يبقى للمعارضة سوى طريق إدلب للحصول على الإمدادات مع العلم أن جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة تتمتع بنفوذ كبير في إدلب مقارنة بحلب.
 
رابعا: سقوط حلب، إضافة إلى كونه نكسة استراتيجية للمعارضة، فإنه سوف يمثل انتكاسة معنوية كبيرة خاصة بعد الخسائر المتتالية خلال الأسابيع الماضية في اللاذقية ودرعا وحمص وريفها لصالح قوات النظام السوري.
 
خامسا: بالنسبة للسعودية، فإن سقوط حلب في يد النظام سوف تتم قراءته على أنه انتصار لجديد لإيران في سوريا، وهو انتصار لحزب الله أيضا، أحد الشركاء الرئيسين في معارك حلب، وهو انتصار قد يلقي بظلاله على لبنان وفقا لتحليل أحد الخبراء لموقع عربي 21، وبخاصة في الوقت الذي ميل فيه كفة المرشح المدعوم من إيران وحزب الله ميشيل عون بعد حصوله على دعم خصمه سمير جعجع إثر خلافه مع تيار المستقبل حول دعم سليمان فرنجيه.
 
سادسا: بالنسبة لتركيا، فإن سقوط حلب سوف يضع النظام السوري وروسيا في مواجهة مباشرة مع تركيا. وهو يعني وصول الحرب فعليا إلى الأراضي التركية عبر تطويق حدودها بحزام علوي كردي، خاصة في ظل المحاولات التي تشير إلى سعي روسيا لاستقطاب حزب الاتحاد الديموقراطي السوري المعادي لتركيا، بما يعني ذلك أن ريف حلب الشمالي قريب من الوقوع في حصار كامل بين تنظيم الدولة الإسلامية، ووحدات "حماية الشعب" الكردية المتمركزة في بلدة عفرين شمال غربي حلب، وقوات النظام السوري.
 
سابعا: النظام السوري يرغب بالاستفادة الكاملة من التدخل العسكري الروسي، لذلك هو يوظف هذا التدخل الجوي في الأساس لتحقيق انتصارات مدوية وحلب ستكون أكبر تلك الانتصارات تزامنا مع مفاوضات جنيف.
 
ثامنا: روسيا بطبيعة الحال تريد اللعب على حبل الوقت حتى تستعجل هي والقوات الحكومية السورية تأمين مدينة حلب والسيطرة عليها بالكامل، حينذاك سيكون سهلاً على موسكو أن توافق على بعض الشروط الأمريكية والغربية لاستمرار مباحثات جنيف.