دخل اليابانيون صراعا غير متكافيء مع كارثة ثلاثية خطيرة ممثلة في: الزلزال وتسونامي والإشعاع النووي كلها نجمت عن الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد يوم الجمعة الماضي وبلغت قوته9 درجات بمقياس ريختر حسب أحدث القياسات.
وقد ارتفع عدد القتلي إلي عشرة آلاف شخص علي الأقل حسب بعض التقديرات, وسط مخاوف كبيرة من حدوث انصهار مركزي في محطة فوكوشيما1 النووية.
فمن جانبه, تعهد رئيس الوزراء الياباني ناوتو كان ببذل قصاري جهده لإنقاذ الناجين بعد تفقده لأسوأ المناطق تضررا في شمال البلاد, وقال: سنبذل قصاري جهدنا في محاولة لإنقاذ الناجين وجميع المعزولين, خاصة أن لكل دقيقة حساباتها.
وأضاف أن50 ألف جندي انضموا إلي فرق الإنقاذ مزودين بقوارب وطائرات مروحية, كما أصدر رئيس الوزراء توجيهات بتعزيز عدد افراد قوات الدفاع الذاتي المرسلة الي المناطق المتضررة الي100 ألف, وهو ما يجعلها إحدي أكبر عمليات القوات اليابانية علي الإطلاق حسبما قال وزير الدفاع توشيمي كيتازوار.
وأكد كان أن اليابان تواجه أسوأ كارثة تتعرض لها منذ الحرب العالمية الثانية, ولكنه شدد علي أن مشكلة التسرب الإشعاعي ليست في نفس حجم مأساة مفاعل تشيرنوبيل الأوكراني.
وكانت تصريحات كان عن حجم الكارثة بصفة عامة واقعية للغاية, فقد عاش أمس ملايين اليابانيين بالفعل دون مياه و طعام وكهرباء تقريبا, حيث اقتصر الطعام علي الأرز والمكرونة لعدم وجود بدائل, وشوهدت طوابير من المواطنين تصطف أمام مصادر مياه الشرب للحصول علي احتياجاتهم من المياه.
ونقلت هيئة الاذاعة والتليفزيون اليابانية( إن.اتش.كيه) عن مسئول بالشرطة إن عدد القتلي جراء الزلزال وأمواج المد التي اجتاحت شمال شرق اليابان قد يفوق العشرة آلاف قتيل, غير أن الشرطة لاتزال تصر علي الإعلان في بياناتها الرسمية أن الضحايا يتخطون الألف قتيل فقط.
وكانت السلطات اليابانية قد فقدت الاتصال بعشرات الآلاف من الناس في المنطقة الشرقية الشمالية من البلاد, حيث أعلنت وكالة أنباء كيودو اليابانية عن العثور علي600 جثة علي سواحل ولايتي مياجي وايواتي الواقعتين شمال شرق اليابان.
ومن جانب آخر, صرح مسئول حكومي بارز بأن الشركات اليابانية المسئولة عن الخدمات ربما تقلص استخدامها للكهرباء من أجل التعامل مع نقص موارد الطاقة.
وأكد مسئول في وزارة التجارة أنه ربما يحدث انقطاع للكهرباء في مناطق تغذيها شركة طوكيو للطاقة الكهربائية( تيبكو) وشركة توهوكو للطاقة الكهربائية, وأنه من المتوقع قطع التيار في بعض المناطق لتفادي حدوث اظلام تام.
وجاءت هذه التدابير في الوقت الذي عدلت فيه السلطات اليابانية من تقديراتها لشدة الزلزال المدمر من8.9 إلي تسع درجات بمقياس ريختر مما يجعله الأقوي في تاريخ الزلازل منذ بدء نظام التسجيل الحالي.
أما عن كارثة الإشعاع النووي, فقد أعلن يوكيو ادانو كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني أنه من المحتمل أن يكون قد حدث انصهار نووي في المفاعل رقم3 في محطة فوكوشيما1, مشيرا إلي أن هذا يرجع إلي تعطل نظام التبريد بنفس الطريقة التي حدثت في المفاعل رقم1 بالمحطة.
وأضاف أدانو أنه من الممكن أن يكون هناك انصهار نووي قد حدث علي نطاق ضيق, موضحا عدم الحاجة إلي إخلاء السكان القريبين من المفاعل حتي لو حدث انفجار كالذي وقع في المفاعل رقم1 بالمحطة, حيث أن حاوية المفاعل تستطيع تحمل هذا الانفجار.
وفي المقابل, نقلت وكالة كيودو اليابانية للأنباء عن خبراء في ولاية مياجي الواقعة شمال شرق اليابان قولهم إن مستويات الإشعاع التي تم قياسها تزيد400 مرة علي المستوي العادي, كما تم رصد مستويات مرتفعة من الإشعاع حول محطة أوناجاوا, حيث يعتقد أن الإشعاع جاء من إقليم فوكوشيما بعد تضرر محطتين نوويتين هناك.
وبالرغم من ارتفاع مستويات الإشعاع الي هذه الدرجة الكبيرة, فإن الخبراء أكدوا في بيان تليفزيوني إنه لا يوجد خطر حاليا علي صحة المواطنين.
ومن فيينا- أعرب رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو عن أمله في أن تتمكن السلطات اليابانية من اتخاذ تدابير تقي البلاد شر كارثة نووية, مؤكدا استعداد الوكالة الدولية لمساعدة اليابان علي تجاوز الموقف الراهن الذي تمر به بعد وقوع انفجار في مفاعل بمجمع فوكوشيما.
من ناحية أخري, تسببت موجات الموجات العاتية الناتجة عن زلزال اليابان المدمر والتي ادت الي حالات اجلاء علي ساحل المحيط الهادي في امريكا الشمالية والجنوبية في فيضانات وصلت الي شيلي لكن الاضرار كانت محدودة.
وعلي الرغم من ان موجات المد العاتية فقدت قدرا كبيرا من قوتها بعدما قطعت آلاف الكيلومترات عبر المحيط الهادي, فإن الحكومات أمرت بعمليات اجلاء علي نطاق واسع للمناطق الساحلية والموانيء والمصافي.
وعلي الرغم من قوة اكبر زلزال تشهده اليابان علي الاطلاق وموجات المد العاتية فقد هدأت موجات المد نسبيا مع وصولها الي الامريكتين وتسببت فقط في فيضانات محدودة واصبحت المخاوف من حدوث كارثة ليس لها ما يبررها. ومن جانب آخر, قال عالم الجيو فيزياء أمريكي لشبكة سي ان ان الإخبارية إن الزلزال تسبب في تحرك الأراضي اليابانية جانبا بما لا يقل عن2.4 متر كما أحدث ميلا في محور الأرض بنحو ثمانية سنتيمترات.
وعلي صعيد المساعدات الدولية, وصلت أمس حاملة الطائرات الأمريكية رونالد ريجان قبالة سواحل اليابان لمساعدة القوات اليابانية التي تقوم بعمليات إغاثة واسعة النطاق.
كما وصل فريق انقاذ صيني يتألف من15 فردا الي طوكيو عن طريق الجو في مهمة للبحث عن ناجين من الزلزال وموجات المد البحري تسونامي, حيث جلب الفريق أربعة اطنان من المواد والمعدات الخاصة بالبحث والانقاذ وامدادات الطاقة والاتصالات. وفي سياق متصل, اعلنت وزارة البيئة الصينية ان الزلزال المدمر الذي وقع في اليابان لم يكن له تأثير مطلقا علي المحطات النووية الصينية ولكن الحكومة طلبت القيام بتفتيش علي اي حال.
وفي إسرائيل, أجري باحثون في جامعة الخليل دراسة لسيناريو لموجات تسونامي محتملة بارتفاع قد يصل إلي ستة أمتار ربما تضرب سواحل إسرائيل علي البحر المتوسط وتغرق الجزء الأكبر من حيفا بنسبة23.5 من إجمالي مساحتها.