واصل سعر صرف الدولار فى السوق موجة الهبوط، اليوم السبت، إثر الضربة الجديدة التى تلقتها السوق الموازية بإعلان دولة الإمارات عن تقديم دعم لمصر بقيمة 4 مليارات دولار، منها 2 مليار فى صورة وديعة لدعم أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى، و2 مليار فى صورة استثمارات فى مشروعات تنموية. وأكد أكثر من متعامل بالسوق السوداء، أن سعر صرف الدولار تراجع، اليوم السبت إلى 10.8 جنيه للشراء و11 إلى 11.05 للبيع، بعد الإعلان عن الدعم الإماراتى عصر يوم الجمعة، ليستكمل الأخضر رحلة الهبوط التى بدأها الخميس إثر قرار البنك المركزى عن شطب 9 شركات صرافة نهائيا، وذلك بعد أن دفعت المضاربات الحادة فى تعاملات السوق الموازية العملة الأمريكية إلى مستويات تاريخية وصلت إلى 11.07 جنيه. وأشارت مصادر بسوق الصرف إلى أن هناك شللا تاما فى تعاملات السوق السوداء، وسط حالة من الإحجام عن البيع والشراء أو التعامل بالسعر الرسمية، كما رصدت "اليوم السابع" اتجاه العديد من شركات الصرافة فى القاهرة إلى إغلاق أبوابها، ترقبا لقرارات المركزى، بعد الإعلان عن الوديعة الإماراتية التى ستعزز قدرته على المناورة للقضاء على السوق السوداء. وتوقع مسئول مصرفى- طلب عدم ذكر اسمه- أن يواصل الدولار التراجع مع بداية تعاملات الأسبوع، يوم الأحد، ليصل إلى 10.5 للشراء و10.70 للبيع، مرجحا أن يرفع البنك المركزى قيمة العطاء الدولارى الأسبوع أو أن يلجأ لضخ عطاء استثنائيا لتغطية الطلبات المفتوحة. ونوه المصدر عن أن الوديعة الإماراتية ستعزز الاحتياطى الأجنبى لدى البنك المركزى، بما يمكنه من السيطرة على السوق السوداء على المدى القصير لمدة 3 شهور تقريبا، مؤكدا أن المضاربات كانت السبب الرئيسى وراء القفزات التاريخية التى شهدتها العملة الأمريكية فى السوق الموازية. وتراجعت أرصدة الاحتياطى من النقد الأجنبى لدى المركزى المصرى من 36 مليار دولار قبل ثورة يناير 2011، لتصل إلى 16.5 مليار دولار بنهاية مارس الماضى، هو ما يكفى فقط لتوفير واردات مصر الاستراتيجية لمدة 3 شهور. ويرى هانى توفيق، الخبير الاقتصادى ورئيس الجمعية المصرية للاستثمار لمباشر، أن الوديعة الإماراتية تدعم الاحتياطى الأجنبى لفترة لا تتعدى أسبوعين فى بلد تقدر فاتورة وارداته بحوالى 90 مليار دولار سنويا. وأضاف توفيق، فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع"، أن البنك المركزى ليس لديه ذخيرة كافية لمواجهة السوق السوداء وتلبية الطلب المتنامى على العملة الصعبة، مشددا على أنه لا بديل عن اقتصاد الحرب، مطالبا وزراة التجارة والصناعة بتشديد سياسات الحد من الواردات ووقف استيراد السيارات الفارهة والسلع الاستفزازية وياميش رمضان. واقترح توفيق عدم السماح لمن أدى فريضة الحج أو العمرة بالسفر لمدة عام أو عامين لتخفيف الضغط على العملة الصعبة، لافتا إلى أن تكلفة الحج والعمرة تقدر بحوالى 2 مليار دولار سنويا. وفى ظل أزمة السياحة وتراجع تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات قناة السويس والاستثمار الأجنبى المباشر، يرى توفيق أن الأمل الوحيد لزيادة الاحتياطى الأجنبى خلال الفترة المقبلة هو الاستثمار غير المباشر وهو بالفعل ما يتجه إليه طارق عامر محافظ البنك المركزى والبنك الأهلى المصرى من خلال تفعيل "آلية التحوط" بعد لقائه عدد من مديرى صناديق الاستثمار البريطانية فى لندن ونيويورك. وآلية التحوط هى أحد أشكال الاستثمار غير المباشر فى أذون الخزانة المحلية، وهى الآلية التى اعتمد عليها فاروق العقدة المحافظ الأسبق، فى زيادة الاحتياطى الأجنبى إلى حوالى 36 مليار دولار. وأوضح توفيق أن آلية التحوط تسمح بتثبيت سعر الصرف للمستثمر الأجنبى لمدة معينة، لتفادى مخاطر تقلبات سعر الصرف، وبالتالى يحصل المستثمر على العملة المحلية المطلوبة لشراء أذون الخزانة المحلية، على أن يرد البنك الدولار للمستثمرعند الخروج بنفس السعر الذى تم الاتفاق عليه، مقابل تحصيل البنك عمولة نظير تثبيت سعر الصرف. وشرح توفيق أن تلك الآلية تنقل مخاطر سعر الصرف من المستثمر الأجنبى إلى البنك، مع حصول الأخير على ضمانات من مؤسسات التأمين ضد عدم السداد والتى تعرف بالـ Credit Default Swap (CDS)، إذ يتحمل البنك تكلفة هذا التأمين، ليحصل المستثمر فى النهاية على عمولة أو ربح صافى مخاطر. ويرى توفيق أن تلك الآلية توفر العملة الصعبة بفائدة لا تتعدى 4% وهى مغرية جدا للمستثمرين الأجانب، نظرا لتدنى معدلات الفائدة عالميا إلى الصفر وتحت الصفر، وبالنسبة لمصر تعد تلك النسبة أقل من طرح سندات دولية فى هذا التوقيت نظرا لتراجع شهية المستثمرين، فضلا عن تحمل نسبة فائدة مرتفعة قد تصل إلى 8% لأن تصنيف مصر الائتمانى منخفض.