وصفت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية أمس الصفعة التي تلقاها الشاب التونسي محمد البوعزيزي من شرطية تونسية بأنها دوت في أنحاء العالم بأكمله وأشعلت الثورات في العالم العربي.
وقالت الصحيفة الأمريكية في تعليقها علي ما حدث في تونس وامتد بعدها إلي العالم العربي: يا لها من صفعة دوت في العالم كله واشعلت العالم العربي, ورأت أن هذه الصفعة ما زالت تدوي في العالم بعد أن أضرم البوعزيزي النار في نفسه في ميدان عام لتنطفيء جذوة جسده وتستعر في جميع ارجاء الوطن العربي.
وذكرت الصحيفة في سياق تقرير بث علي موقعها الالكتروني أن تضحية بوعزيزي بنفسه واستشهاده الباعث علي اليأس والاسف معا, قد ألهم تونسيين اخرين بحق تقرير المصير, حيث قرروا كسر العرف السائد الذي يحظي بقبول العديد من العلماء والدبلوماسيين و العرب انفسهم بان ثقافة الديمقراطية دخيلة وحرية التعبير غربية لا تتفق وثقافتهم.
ومضت الصحيفة تقول إن صرخة كفي! التي رددها بوعزيزي قبل انتحاره المأساوي كسرت الاغلال والقيود التي كانت تغلف عقول التونسيين والعرب واسقطت دكتاتورا ظل قابعا في السلطة منذ سنين وهو الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي, مشيرة إلي أن التونسيين تصرفوا كأحرار, وها هم الان قد نالوا حريتهم بالفعل وبدأت الاقدار تكتب الحياة لميلاد تاريخ جماعي في المنطقة كلها.
وكانت الأحداث قد اشتعلت في تونس بداية من تلك الصفعة التي تلقاها بائع الخضراوات محمد البوعزيزي في شهر ديسمبر الماضي من شرطية تونسية بسبب بيعه الخضر دون تصريح, مما دفعه إلي إشعال النار في نفسه.
ومضت الصحيفة تقلب في صفحات التاريخ وبدأت تستعيد الذكريات, وقالت إن الشيوعية تحت الامبراطورية السوفييتية انهارت بسرعة رهيبة في الفترة من عام1989 حتي عام1991, وفي آسيا, تتبني تايوان فكرة ديمقراطية صينية تمزج ما بين المعايير الكونفوشيوسية مع الحقوق الفردية, وانه في واشنطن نفسها في السنوات الاخيرة الماضية تغير فكر الامريكيين للغاية بشأن التفكير القديم وتمكن رجل اسود من الوصول للبيت الابيض.
وقالت الصحيفة إن الاحداث التي يموج بها الشرق الاوسط منذ شهر ديسمبر الماضي هي بداية صحوة العرب الذين بدوا وكأنهم استيقظوا لتوهم من كابوس وألقوا جميع مخاوفهم القديمة وراء ظهورهم وفي لحظة او لحظات وجد بعضهم البعض بالملايين وتدفقوا وخرجوا للشوارع كالنحل من خلاياهم, مشيرة إلي ان الروح العربية اصبحت حرة, وأن أجمل ما فيها انها جاءت من الداخل.
وأردفت الصحيفة تقول إن المصريين تحرروا بسرعة غريبة مذهلة, وكأن فيضا غامرا من الشجاعة تغلغل في صدورهم ليخرجوا من جميع الطبقات والاعمار إلي الشوارع لتنحية الرئيس السابق حسني مبارك في الحادي عشر من شهر فبراير الماضي بعد احتجاجات لم تدم سوي18 يوما لم يكن لها قائد وكانت عفوية وتلقائية تماما. وقالت الصحيفة إن التحرر الفكري الذي رآه العالم في ميدان التحرير قد حرك امال360 مليون عربي في22 دولة من المغرب إلي اليمن, ومازالت قصصهم واخرون في المنطقة يتكشف عنها يوما بعد يوم, مستشهدة بقول متظاهر ليبي لقد انكسر حاجز الخوف.. ولن نتراجع بعد اليوم, ومستشهدة بلافتة كان يحملها متظاهر في القاهرة وهكذا تقرأ سامحني يا ألله.. كنت خائفا والتزمت الصمت, وفي الأردن قال المدون نسيم الطراونة: لم يذهب خيالنا ابدا إلي ان يثور الناس هكذا. وذكرت الصحيفة أن مشاهد الشوارع الجياشة وهي مكتظة بالمواطنين الذين بدوا وكأنهم ولدوا من جديد كانت كافية لاقناع الجيوش في تونس ومصر وليبيا بعدم استخدام الاسلحة ضدهم.
وفي الختام قالت الصحيفة إنه مع حلول الربيع العربي الجديد بات الناس في الشرق الاوسط يتساءلون لماذا استسلموا لعقود لحكام مهلكي النسل عديمي الرحمة؟.