قالت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية إن الإخوان المسلمين يمثلون القلق الأكبر بالنسبة للغرب حتى قبل سقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك على يد ميدان التحرير، مشيرة إلى أن الساسة في الغرب يتسائلون حاليا عن الدور الذي من الممكن أن تلعبه الجماعة في مصر ما بعد مبارك.
وتابعت الصحيفة بالقول إن هناك خمسة أساطير عن جماعة المسلمين تفند تلك المخاوف والشكوك حول الدور الذي من الممكن أن تلعبه الجماعة مستقبلا، مشيرة إلى أن كل ما يعلمه الغرب ومالا يعلمه عن طموحات الجماعة ومبادئها وطموحها و تاريخها يظل محاطا بسحب من الفهم الخاطئ.
الأسطورة الأولى عن جماعة الإخوان هي أنها تنظيم دولي، فمنذ تأسيس الجماعة عام 1928 استطاعت الجماعة نشر أفكارها بسرعة كبيرة في العالم العربي وخارجه، لتتكون جماعات في أكثر 80 دولة يتبنون أفكار و أيدولوجيات الجماعة، غير أن ذلك لا يجعلها أكثر من مجرد مدرسة أفكار ينتمي إليها كثيرون وليس تنظيما دوليا يحمل أعضائه بطاقات عضوية.
وأوضحت الصحيفة أن محاولات الجماعة لخلق تكوين دولي أكبر بائت بالفشل، وبدلا من ذلك لجأت الجماعة إلى تكوين أشكال أو تكوينات مختلفة، ففي الأردن تتعامل الجماعة على أنها حزب سياسي، بينما تعاني الاضطهاد في سوريا، وتأخذ شكلا غريبا في فلسطين وهو حركة حماس.
الأسطورة الثانية هي أن الإخوان سيحكمون مصر الجديدة، ففي الوقت الذي تبدو فيه جميع القوى السياسية في مصر ضعيفة أو غير منظمة، يعتقد البعض أن ماكينة الإخوان السياسية هي التي ستلعب دورا محوريا في مستقبل الحكم في مصر.
إلا أن هناك أسبابا تجعل من ذلك أمرا مستبعدا، فقبل رحيل مبارك كان يقول أعضاء الجماعة في مجلس الشورى إن 60% من المصريين يدعمون الجماعة باعتبارها التيار المعارض الأكبر لنظام مبارك، بينما يؤيدها 20% كخيار آخر في أي انتخابات نزيهة، أما الآن فقد أظهر استطلاعا للرأي أجراه معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أظهر أن 15% فقط يؤيدون الجماعة، بينما لم يحصل قادة الجماعة إلا على 1% من الأسماء المرشحة لخوض الإنتخابات الرئاسية.
الأسطورة الثالثة هي سعي الجماعة لفرض الشريعة الاسلامية، فعلى الرغم من الاخوان يسعون إلى توسيع تأثير الشريعة على الاسلامية على الحياة، إلا أن صراع الأجيال بداخلها سيحول دون فرض رؤية واحدة فيما يتعلق بتطبيق الشريعة.
فالحرس القديم في الجماعة مازالوا يؤمنون بأن القرآن هو الدستور، بينما يتحدث الجيل الأحدث عن حقوق الإنسان ويقارن نفسه بالديمقراطيات المسيحية في أوروبا التي تدعم الديمقراطية مع الاحتفاظ بالهوية الدينية. أما الجيل الثالث خاصة في المدن فيميلون إلى دعم نظرية الجيل الثاني مع الرغبة في المزيد من الفصل بين الدين والدولة..
أما الأسطورة الرابعة فهي ارتباط الجماعة بتنظيم القاعدة، فتاريخيا يمكن تأكيد ذلك، أما الآن فالعلاقة متوترة بشكل كبير.
أما الأسطورة الخامسة فهي أن الولايات المتحدة لا يمكنها العمل مع الاخوان المسلمين، فعلى مستوى المسؤولين، هناك ما يشبه الرفض المتبادل بين الولايات المتحدة والجماعة، فأحد أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في الإدارة الأمريكية وصف الاخوان مؤخرا بأنهم الوجه القبيح في السياسة المصرية، كذلك قال المرشد العام للجماعة محمد بديع أن أمريكا في طريقها للزوال.
ولكن إذا وضعنا تلك المواقف جانبا، فانه يمكن رؤية مساحة ما يمكنها جمع الإدارة الأمريكية بالاخوان ممثلين في التيار المعتدل داخل الجماعة، وهو ما حدث بالفعل في الماضي، حيث تواصلت إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق أيزنهاور مع الجماعة باعتبارها تيارا مضادا للشيوعية، وهو ما جعل هناك تعاونا مباشرا وان كان محدودا بين الجماعة والإدارة الأمريكية.