شهدت أسعار الدولار بالسوق السوداء تراجعًا ملحوظًا منذ مساء أمس، عقب إصدار البنك المركزي قراره بإلغاء الحد الأقصى للإيداع والسحب بالنسبة للأفراد بالعملات الأجنبية، حيث تراجع 15 قرشً، ليتراوح سعر العملة الخضراء بالسوق الموازي ما بين 9.68 إلى 9.72 خلال الساعات الماضية وحتى صباح اليوم.
وأكد مصرفيون أن قرار البنك المركزي، يبعث برسالة طمأنينة للمواطنين وأصحاب المدخرات، مشيرين إلى أن القرار سيكون من شأنه توفير سيولة دولارية كبيرة للبنك المركزي.
فيما تباينت أراء الخبراء حول سبل الخروج من أزمة نقص وارتفاع سعر العملة الأجنبية، إذ يؤيد البعض تحرير سعر الصرف وتعويم العملة المحلية، بينما يرى آخرون أن آثار التعويم لن يتحملها المواطن البسيط.
كان البنك المركزي المصري، حدد مبالغ قصوى للإيداع والسحب النقدي بالعملات الأجنبية بالنسبة للأفراد يقدر بنحو 10 آلاف دولار يومي للسحب، و10 آلاف دولار يومي للإيداع أيضا بحد أقصى 50 ألف شهريا، وهي قيودٍ أدت إلى تفاقم أزمة الدولار مؤخراً بمصر ونقص موارد البنوك منه وتضخم أسعاره بالسوق السوداء.
من جانبه، رحب الدكتور تامر ممتاز، الخبير المصرفي وعميد الاقتصاديين الأفارقة، بقرار البنك المركزي، مؤكدًا أن القرار من شأنه زيادة موارد البنوك من الحصيلة الدولارية.
وأشار إلى أن القرار السابق بوضع حد أقصى للإيداع تسبب في تخوفات لدى كثيراً من المصريين ما أدى إلى احتفاظ الكثيرين بمدخراتهم الدولارية، ترتب عليه توجه رافد كبير من النقد الأجنبي إلى التخزين بالمنازل والشركات.
وأضاف أن المدخرات كانت عرضة للمضاربة بالسوق السوداء ما مكن البعض من السيطرة على السوق.
وأكد ممتاز أن حجم النقد الأجنبي المخزن خارج البنوك كبير للغاية ويفوق التوقعات فأغلب الحصيلة الدولارية للمجتمع لم تكن تتجه إلى البنك خاصة أن معدل الفائدة ضعيف، لافتًا إلى أنه في ظل وجود قيود على الاستيراد سيكون من المطلوب تعويم العملة المحلية ورفع الدولار تدريجيًا ليمثل ذلك حافز للمصريين على إيداع مدخراتهم الدولارية بالبنوك.
ولفت الخبير المصرفي إلى مطالبة العاملين بالخارج إنشاء مدن متكاملة يتوافر بها الوحدات السكنية والتجارية خاصة بهم على أن يسددوا قيم وحداتهم بالدولار، خاصة أنه في ظل الأزمة التي تعانيها دول الخليج والتي بات معها كثير من المصريين يبحثون عما سيعودون إليه هنا في مصر، مؤكداً أن هذا الإجراء يوفر عوائد دولارية كبيرة للغاية.
فيما أوضح أحمد آدم الخبير المصرفي، أن قرار البنك المركزي بإلغاء الحدود القصوى للإيداع والسحب النقدي بالبنوك بالنسبة للأفراد الطبيعيين هدفه تهدئة أي مخاوف للمصريين بالخارج تجاه تحصيلهم عوائد شهادات ادخار «بلادي» الدولارية، التي أعلنت الحكومة عن طرحها بالبنوك الأسبوع الماضي.
وقال آدم، إن ما تردد بشأن استخدام البنوك لأموال العملاء لدعم احتياطياته من النقد الأجنبي، ربما أثار مخاوف لدى البعض من ضمان استرداد مدخراتهم من البنوك في وقت الحاجة خلال الفترة الحالية، وتزامن ذلك مع طرح شهادة "بلادي" مما قد يؤثر في مدى الإقبال عليها.
وأضاف أن المركزي أراد بالقرار التأكيد على أن هذه المخاوف ليست في محلها، بفتح الباب بكل حرية للعملاء الأفراد بسحب وإيداع أموالهم من العملات الأجنبية في أي وقت.
وأكد أن حل الأزمة الحالية ممكن عن طريق وضع سعرين للصرف، أحدهم (منخفض) يخصص لاستيفاء المستلزمات والسلع الأساسية والأخر (محرر) لباقي الواردات والسلع الترفيهية، مشيراً إلى أن تحرير سعر الصرف كاملاً يثقل كاهل المواطن في الوقت الحالي.
كان البنك المركزي قد أصدر قراره أمس بإلغاء الحدود القصوى للإيداع والسحب بالعملات الأجنبية بالنسبة للأفراد الطبيعيين فقط، مع الإبقاء على الحدود القصوى المعمول بها بالنسبة للأشخاص الاعتبارية.