مع موجة الترشيد والتقشّف التي بدأت في مؤسسات الدولة، وبموازاتها حاولت جهات مختلفة زيادة إيراداتها وخفض المصروفات في سعيها للترشيد، يعيش الكثير من العمالة الوافدة وأسرهم حالة من الترقب والخوف على مصيرهم في ظل قوانين جديدة بدأت تضيق عليهم، او حتى إشاعات تنتشر بين حين وآخر تعزز مفهوم «الوافد لازم يدفع أكثر»، او مفهوم اشد تمييزاً «الخدمات للوافد اقل حتى لو دفع أكثر».

فبدأ الحديث عن ارتفاع اسعار البنزين، رسوم الاقامة، زيادة غرامات المرور، زيادة اسعار الضمان الصحي.. وقائمة طويلة تتضمن زيادات على رسوم الخدمات المقدمة إلى الوافد واسرته، مما قد يضطره الى التفكير في مغادرة البلاد، او على الاقل تخفيض تكاليف اقامته فيها، مما قد يؤدي الى تفكيره في تسفير اسرته وتفضيل بقائه عازبا في بلد اصبحت تكاليف معيشة الاسرة فيه مرتفعة للغاية.

وبحسبة بسيطة، إن افترضنا ان الاسرة الوافدة، يعمل بها الاب فقط، فسيكون اوفر له ان يرسل اسرته للعيش في بلده، على ان يدفع ضعف او ضعفي ما يدفعه الآن على رسوم الاقامة والصحة، هذا مع افتراض وهمي ان اسعار جوانب المعيشة الاخرى ستبقى من دون ارتفاع، كالايجار والمأكل، مما ينتج عنه ارتفاع في عدد الوافدين «العزّاب»، الامر الذي يحمل ضمناً مشاكل عديدة اخرى بالتأكيد المجتمع في غنى عنها.

رسوم الخدمات
وليس بعيداً عن إقرار رفع رسوم بعض الخدمات فعلياً، بدأت موجة اطلاق إشاعات بين حين وآخر، ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في زيادتها، فما عاد الوافد يعرف «صجها من جذبها»، فهناك من يردد ان رسوم الاقامة ستتضاعف، ومنهم من يقول إن التأمين الصحي سيصل الى ضعف ونصف الضعف، وآخر يقول ان البنزين بكوبونات للمواطن وباسعار مضاعفة للوافد، في مشهد يصوّر الأمر وكأن الوافد مضطر ان يدفع في مقابل الخدمات المقدمة إليه وللمواطن.

ولا تقتصر اشاعات التضييق على الوافدين على الاشاعات المادية فقط، بل هناك حديث بين حين وآخر حول تضييق من نوع آخر يمكن تصنيفه بالتضييق العنصري إن صح التعبير، فتتردد اشاعات كالحديث عن ان «المقابر للكويتيين فقط»، او تخصيص مستشفى جابر للمواطنين دون الوافدين، او المطالبة بجعل مستشفى حكومي واحد للوافدين، وتخصيص باقي المستشفيات للمواطنين، علماً بأن الوافد يدفع تأميناً صحياً سنوياً، ويدفع ايضاً رسوماً على كل زيارة لمستشفى او مستوصف حكومي، فضلاً عن عدم حصوله على كل الخدمات المقدمة من وزارة الصحة، كعدم صرف بعض الادوية او عدم السماح للوافد باجراء بعض الفحوصات الا بدفع رسوم اضافية، وفضلاً عن كل ما سبق، تنتشر بين حين وآخر «برودكاستات» في وسائل التواصل الاجتماعي، تتجه نحو تصوير الوافد وكأنه يقيم بصورة مؤقتة، ويشارك المواطن في مصدر رزقه، من دون التفكير جدياً في تعديل بعض القوانين، واقرار اخرى، خصوصاً تلك المشجعة على الاستثمار، للاستفادة مما يجنيه الوافد من اموال في البلاد بدل ان يضطر الى تحويلها للخارج، لكون القوانين طاردة له ولاسرته. 
ففي ظل اجواء مشحونة من قبل المواطنين تجاه الوافدين، وفي ظل اشاعات متكررة حول التضييق على الوافد، وقوانين طاردة جديدة يوماً بعد آخر، تجعل الوافد يعيش حالة من الخوف على مصير اقامته في البلاد، ستجعله يفكر في كيفية تحويل كل ما يكسبه من راتب واموال الى بلد اكثر اماناً، او على الاقل بلد يسمح له باستثمارها، فلماذا لا يتم التفكير بدل التضييق على الوافد، بالاستفادة من وجوده وتحويله الى مستثمر ومستهلك يضيف الى عجلة التنمية، بدل ان يكون مجرد مستلم لراتب يتم تحويله لاسرته في بلد اخر؟!