بيروت - حسن فحص
 
يوم سياسي بامتياز شهده مبنى السفارة السعودية في العاصمة اللبنانية بيروت، إلى جانب موجة من التأييد الشعبي للمملكة العربية السعودية أمام الهجمة والتطاول من قبل حزب الله وجماعاته الموالية.
 
رئيس الحكومة تمام سلام افتتح النشاط السياسي اليوم باللقاء الذي عقده مع السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري الذي زار مقر مجلس الوزراء بناء على طلب سلام وبحث معه آخر تطورات الموقف اللبناني من قيام أحد الأطراف اللبنانيين بالتهجم على السعودية، حيث أكد العسيري أن سلام حمّله رسالة إلى العاهل السعودي، مشيراً إلى أنه سينقل هذه الرسالة نصاً وروحاً بأمانة إلى "القيادة الرشيدة"، رافضاً الخوض في تفاصيل ما دار في لقائه مع سلام أو تفاصيل الرسالة.
 
سلام بدوره أعرب للعسيري عن رغبته في زيارة المملكة لتوضيح الموقف اللبناني من التضامن العربي مع السعودية والتأكيد على أن التصريحات والمواقف الصادرة عن جهة لبنانية، في إشارة إلى "حزب الله،" لا تمثل الموقف اللبناني الشعبي والرسمي.
 
زيارة سلام إلى الرياض لن تكون في القريب العاجل كما كان منتظراً بعد الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء وصدور البيان "الذي رفع من حدة الإشكالات" خاصة وأنه لم يأت بحجم التوقعات، وهو، أي سلام، يعتقد بأن الزيارة لن تحصل "حتى تحل الأمور لأن الزيارة ليست مؤاتية في ظل الأجواء التصعيدية".
 
العسيري زار بعد ذلك دار الإفتاء والتقى مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان الذي أكد بدوره رفض لبنان أي اعتداء على السعودية أو أي مساس بمبدأ التضامن العربي لصالح مشاريع غير عربية وإقليمية على حساب الدول العربية.
 
دريان أكد وحسب بيان صادر عن دار الفتوى "أنّ البحث جرى في الشؤون اللبنانية وما يجري في المنطقة بالإضافة إلى التطورات الأخيرة بين لبنان والمملكة والحرص على تعزيز العلاقات اللبنانية السعودية ومعالجة تصحيحها بالطرق الدبلوماسية التي تعبر عنها الحكومة اللبنانية بالتعاون مع القيادات السياسية في لبنان الحريصة على توطيد العلاقات الأخوية التاريخية التي ينبغي أن تكون على أفضل ما يرام".
 
وفود سياسية وحزبية توافدت على السفارة منذ الساعات الأولى لصباح اليوم الأربعاء، أكدت جميعها الوقوف إلى جانب المملكة وتأييد مواقفها في القضايا العربية المصيرية ورفض أي اعتداء عليها انطلاقاً من الحرص على مبدأ التضامن العربي والتأكيد على دورها واتهام إيران و"حزب الله" في محاولة جر لبنان إلى معسكر يعادي أشقاءه العرب خاصة الدول الخليجية.
 
ومن السفارة السعودية، طالب وزير الداخلية نهاد المشنوق "حزب الله" بالاعتذار للسعودية، وأكد على أن "المطلوب التصرف بواقعية والاعتذار من المملكة العربية السعودية عن الإهانات"، معرباً عن أمله بالتوصل إلى "تسوية سياسية حفاظاً على الاستقرار"، ومؤكداً أن "لا خيار للبنان إلا العروبة". وأضاف مشدداً أن "هناك أزمة جدية تتعلق بموقف "حزب الله" من خلال الاعتداء كلامياً وأمنياً على المملكة العربية السعودية"، معتبراً أن القرار السعودي "ليس غريباً ولا مفاجئاً".
 
النائب أنطوان زهرا زار السفارة أيضاً على رأس وفد من حزب القوات اللبنانية ضم نواباً وحزبيين، وأكد بعد لقائه مع العسيري أن "العلاقة العربية مكرسة في الدستور، ولا يمكن التردد عندما يكون الموضوع يتعلق بالتضامن العربي"، مضيفاً: "نرفض التعرض لمصالح لبنان وعلاقاتنا العربية ليست خياراً ولا رفاهية".
 
وهاجم زهرا بيان الحكومة حول الأزمة مع السعودية وأكد "أن الحكومة ليست مجلساً رئاسياً بل هي جسم واحد ولا يجوز تحميل وزير واحد مسؤولية الحكومة كلها".
زهرا حاول توضيح اللبس الذي حصل حول موقف القوات اللبنانية من البيان الذي صدر عن اجتماع قوى 14 آذار وما قيل عن رفضها لإدراج اسم التيار الوطني الحر ووزير الخارجية جبران باسيل إلى جانب "حزب الله" في المسؤولية عن تدهور علاقات لبنان مع السعودية والدول الخليجية فأكد: "لم يتم تسمية أي كان في بيان بيت الوسط، لا بل ينسب إلينا أننا تشددنا في اللهجة في البيان الذي صدر، واتفقنا على الحفاظ على علاقتنا بورقة إعلان النيات وترشيح العماد عون".
 
وأشار زهرا إلى دور المملكة السعودية في إعادة إعمار لبنان بعد حرب عام 2006 وقال: "من أعاد بناء لبنان بعد حرب تموز 2006، حرب "لو كنت أعلم"، كانت دول الخليج وعلى رأسها السعودية، وليس المال الإيراني طبعاً، ناهيك عن مصالح 560 ألف لبناني يعملون في الخليج فعند مس كرامة هذه الدول لا نعلم ما هي العواقب عليهم".
 
الحزب التقدمي الاشتراكي ممثلاً بوزير الصحة وائل أبو فاعور أكد أن "كل القضايا التي تعنى بأمن العرب تعنينا وملتزمون بالإجماع العربي". وأضاف أبو فاعور "ملتزمون بالإجماع العربي في كل قضايا البلاد في ظل تدخل جهات خارجية أولها إيران"، مشدداً على أن "بعض الجحود اللبناني على السعودية لا يمثل كل اللبنانيين"