من أشد اللحظات قسوة في حياة الأبوين هي تلك التي يخبرهما الطبيب فيها أن طفلهما مصاب بالسرطان. ورغم صعوبة المشكلة والتفكير المستمر في العلاج وتأثيره على صحته، يظل الاختبار الأول في كيفية إبلاغه بمرضه، وكيف ستتمكن الأسرة من تهيئته لمراحل العلاج القادمة وبث روح الأمل فيه نظراً للاختلافات التي سيشعر بها مقارنة بأقرانه.

وحسب صحيفة “هافينجتون بوست” الأمريكية، في بداية التعرض لصدمة معرفة الأبوين بمرض طفلهما، يظن البعض أنه يمكن إخفاء الأمر عن الصغير، أو تسمية المرض باسم آخر، لكن احذر فالطفل سيدخل في مرحلة العلاج وربما يسمع من هنا أو هناك بحقيقة مرضه.

المصارحة مع الطفل ستساعد في بناء الثقة، وتقلّل الارتباك والتشوش لديه، وهي أولى خطوات التعاون معه للوصول إلى الشفاء، لكن ماذا لو كان لا يعرف الكثير عن مرض السرطان، لذا حاول أن تملأ الفراغ المعلوماتي لديه بمجموعة من الأفكار المبسطة، فقد يعتقد أن مرضه عقاب له على خطأ ارتكبه، وقد يتساءل كثيراً عن سبب الزيارات المتكررة للطبيب، وربما يثير ذلك أعصابه وخوفه أحياناً.

وهذه مجموعة من النصائح يمكن بها التعامل مع الطفل في تلك الحالة حسب دليل الآباء لتهيئة الأطفال للعلاج من السرطان بموقع Cancer.net.

عمر: يوم إلى 3 سنوات

هذا العمر المبكر جداً لا يعرف أي شيء عن السرطان ولم يسمع هذه الكلمة من قبل، ويخاف كثيراً من الفريق الطبي المعالج الذي يأخذه بعيداً عن والديه، وكذلك يخاف من العلاج والاختبارات الطبية، كما تثير ذعره شعوره بأن والديه سيتخليان عنه ويتركانه في المستشفى، لذا يطلب من الأبوين أن يأخذا الصغير في جولة بالمستشفى والتعرف على الفريق الطبي لإزالة الرهبة لدى الصغير وتعريفه بالخطوات التالية بأسلوب مبسط.

الأطفال قبل سن الالتحاق بالمدرسة لديهم خوف من البقاء لفترات طويلة في المستشفى، لذا عليك أن تخبره فور انتهاء تلقي العلاج بمختلف صوره سوف يعود مباشرة إلى المنزل إن كان ذلك حقيقياً، وإذا تطلب العلاج المكوث في المستشفى لأيام عليك أيضاً أن تخبره بذلك وتطمئنه أن الأمر بسيط وغير مزعج وليس عقاباً على شيء ارتكبه.

عمر: 3 - 7 سنوات

تأكد أن السرطان يمكن أن يتم شرح معناه بأسلوب مبسط للطفل، واشرح له أن السبب الحقيقي للمرض ليس بسببه، وأنكما لن تتخليا عنه أبداً، فالصغار في هذه المرحلة العمرية يظنون أنهم سيعيشون للأبد في المستشفى، لذا قم بتأكيد حقيقة أنه سيعود للمنزل فور انتهاء العلاج.
وفي هذا العمر يخافون من التألم جراء العلاج، كن صريحاً مع طفلك بأن العلاج والاختبارات ربما تكون مؤلمة إلى حد ما، ولكنها ستساعده ليكون بصحة أفضل وليتخلص من المرض، وأن الأطباء سوف يساعدونه على تقليل الألم.

من عمر 7-12 سنة

الأطفال في هذا السن يعرفون بعض المعلومات عن السرطان، وهم مدركون أنهم لم يصبهم المرض به لخطأ ارتكبوه، ويدركون جيداً ضرورة تعاطي الأدوية والعلاج اللازم للشفاء، ولكنهم كجميع الأطفال يخشون الألم، فكن صريحاً معهم مثل المرحلة السابقة.

الأطفال في هذه المرحلة العمرية لديهم كثير من المصادر للمعلومات مثل الانترنت والأصدقاء والتلفزيون، لذا شجعه على إبلاغك بأي معلومة يعلمها حتى تقوم بتصحيحها وتخفيف حدتها، حتى لا يشعر بالقلق وحده ويفتقد يداً تساعده.

المراهقون

الأبناء في مرحلة المراهقة لديهم الكثير من المعلومات حول السرطان، ولديهم الإجابات على بعض الأسئلة التي ربما يسألها الأطفال الأصغر عمراً، كما يصبح لديهم الفضول لمعرفة تأثير ذلك على حياتهم اليومية في المدرسة والنادي وعلاقتهم بأصدقائهم، ولكن انتبه من المعلومات الخاطئة التي قد يتعرف عليها من الأصدقاء، ولا تتجاهل خوفه من الألم والحزن حتى وإن تظاهر بالعكس، وقم بإبلاغه بكل خطوة واجعله شريكاً في القرار.

المراهقون يهتمون بمظهرهم وحالتهم الصحية، وكذلك كيف سيندمجون مع من حولهم، هو قلق بالتأكيد من فقدان الشعر والوزن والتغيرات الشكلية التي ستحدث له أثناء مراحل العلاج، حاول أن تطلب من المحيطين مشاركته في الأنشطة والمظهر إن أمكن دون أن يكون ذلك عبئاً عليهم، بعض الأسر يحلق أفرادها شعرهم للتضامن مع الطفل بصورة عفوية دون أن يبلغوه أنهم يفعلون ذلك من أجله.

تذكر!!

- تدرب على ما ستقوله لطفلك قبل أن تبدأ في محادثته، واطلب النصيحة من الطبيب المعالج أو أي مختص بهذا الشأن.

- في المرة الأولى من حديثك، اطلب من أحد أفراد العائلة معاونتك في إبلاغه بالمرض، أو اطلب معاونة الممرضة أو الطبيب المعالج اللذين قد يقدمان العون في التفاصيل الطبية بصورة مبسطة، لكن احذر من واقعية الطبيب الزائدة لذلك حاول أن ترتب هذه الأمور معه قبل الحديث مع طفلك.

- لا تكتف بالحديث مع طفلك مرة واحدة، افتح باب النقاش دائماً وكرر الحديث أكثر من مرة بصورة هادئة وقوية وغير حزينة، فهو أضعف من أن يرى في عينيك الحزن أو الدموع، فهو يكتب القوة من رسائل لغتك الجسدية.

- أجب على تساؤلات طفلك، وإذا لم تجد إجابة لسؤال لديه ابحث عنه واسأل الطبيب ثم تابع الأمر لاحقاً.

- لا تمنع طفلك من ممارسة حقه الطبيعي في التعبير عن مشاعره، أنت مصدر قوته ودعمه، افسح له المجال لمشاركتك مشاعره وخوفه وحزنه، فإذا حرمته سيظن أنه ليس من حقه البوح بمشاعره لأحد وسيشعر بالوحدة.

- لا تعزل طفلك عن حياته الطبيعية والأصدقاء واللعب ومشاهدة التلفزيون والحضور بالمدرسة.

- ربما يسمع طفلك كلمات عن المرض من الطبيب أو الفريق المعالج، قم بشرح معناها بشكل مبسط، مثل ما هو العلاج الكيميائي، اشرح له بأنه علاج خاص يقضي على الخلايا السرطانية، مع التعرف على المزيد من المعلومات على مصطلحات السرطان.

ماذا عن الموت؟

قد يصبح التحدي الأكبر هو طمأنة الطفل فيما يتعلق بأمر الموت، فهو يحب الحياة بلا شك، ومهما كانت معلوماته عنه إلا أنه لا يحبه ولا يتمناه، عليك أن تطمئنه أنك ستظل إلى جواره وستدعمه حتى يصل إلى مرحلة الشفاء والاستمتاع بحياته ومستقبله.