‘تصعيد وليس صعود ‘ ..’هكذا يصف المستأجرون الوافدون في الكويت حال القطاع السكني في البلاد، فعندما تجد إيجار شقة متوسطة المستوى يلتهم نصف راتبك فإعلم أنك في الكويت.
الوافدون فقط، الذين يمثلون نحو ثلاثة أضعاف المواطنين في الكويت، هم من يدفعون نصف ما يتقاضونه تقريبا من مرتبات في إيجار شقة متوسطة المستوى، وهو ما لا ينطبق على الكويتيين أبناء البلد، إذ توفر الدولة الغنية بالنفط لكل من مواطنيها بدل سكن يبلغ 250 دينار شهريا (900 دولار) .
ولا يضطر المواطن الكويتي مع هذا البدل الجيد لتحمل عبئ كبير في استئجار شقة لا تقل عن ثلاث غرف بمتوسط إيجارشهري يبلغ 450 دينار، لأن حكومته تتحمل أكثر من نصف هذا المبلغ .
في المقابل يدفع الوافد المقيم مع أسرته في الكويت إيجارا يتراوح متوسطه بين 200-300 دينار كويتي، وهو نصف ما يتقاضاه في وظيفة جيدة، إذ يتراوح متوسط الاجور في الوظائف ‘المعقولة’ للوافدين بين 400-600 دينار على أكثر تقدير .
وتمثل مشكلة السكن الخاص قضية كبرى في الكويت بالنسبة لمواطني البلاد الأصليين، ما يضطر الحكومة لتوفير قطعة أرض سكنية لكل مواطن عبر توفير تمويل بقيمة 70 ألف دينار من بنك التسليف الحكومي، كقرض حسن يسدد على مدى 40 سنة، للبناء عليها.
‘ومع إنحسار الأراضي الصالحة لبناء مساكن في الكويت، بسبب هيمنة وزارة النفط والمؤسسة العسكرية على معظم أراضي البلاد، يضطر المواطنون لإنتظار دورهم في مؤسسة الرعاية السكنية الحكومية لتملك قطعة أرض سكنية.
ويضطر المواطنون لاستئجار شقق، لحين الحصول على أراض سكنية من الحكومة، وهو ما يستغله ملاك العقارات الإستثمارية القريبة من أماكن العمل الرئيسية، برفع الإيجارات، ما ينعكس بالسلب على الوافد الذي يسدد الإيجار من راتبه، في حين لا يؤثر بنسبة كبيرة على المواطنين، الذين يتميزون أيضا برواتب تصل إلى بضع أضعاف الوافد .
يذكر أن 108 الاف مواطن كويتي ينتظرون دورهم في تملك سكن خاص ويأخذ هذا الامر أبعادا إجتماعية وسياسية خطيرة إذ يتساءل الإقتصاديون الكويتيون مرارا وتكرار كيف بدوله تمتلك فوائض مالية بحجم الكويت يعاني مواطنيها من أزمة سكن؟.
ويقول توفيق الجراح، رئيس إتحاد العقاريين في الكويت، ‘مشكلة تضخم قيم الإيجارات لدينا في الكويت تأخذ منحنى مقلقا للغاية’. ويتساءل ‘كيف يدفع وافد ما قيمته ألف دولار شهريا في شقة لا تزيد مساحتها عن 50 مترا مربعا؟’.
ويرى الجراح أن هناك من يفتعل الأزمات للتربح في حين أنه لا توجد هيئة ولا قانون ولا رقابة تلزم أصحاب العقارات بإيجارات محددة، مضيفا ‘الأمر شبيه بألفوضى’ .
وقال أيضا أن الدولة تغض الطرف عن معالجة تضخم الإيجارات، إذ أن تحرير مزيد من الأراضي التي تهمين عليها شركات النفط وتوجيهها للسكن الخاص كفيل بإنهاء الأزمة.
ويقول سراج البكر، الخبير العقاري والرئيس التنفيذي الأسبق لشركة ‘مزايا قطر’ العقارية، إن نسبة إشغال الشقق في الكويت تخطت 95′، ما يعني نقص المعروض مقابل إرتفاع الطلب، وخاصة فيما يتعلق بشقق الغرفة وصالة والغرفتين وصالة المطلوبة بشكل كبير من قبل الوافدين .
وأضاف البكر أن هدم العقارات القديمة والإستعاضة عنها ببناء أبراج تجارية شاهقة أدى إلى إرتفاع الإيجارات لمستويات باهظة في ظل ضغوط تمويلية من قبل البنوك على شركات الإنشاءات العقارية، ما يجبر بعض الملاك، أحيانا، على تعويض شح السيولة .
وقال طارق العتيقي، المدير العام السابق للشركة الكويتية للمقاصة العقارية، ان الوافدين هم المتضررون الأساسيون من إرتفاع الإيجارات بفعل الهجمة الكويتية على التأجير دون النظر للسعر لأن الدولة تدفع لهم.
ويقول عمرو حسن، وهو محاسب مصري في إحدى الشركات الإستثمارية الكويتية ‘أسعار الإيجارات هنا لا تطاق. تلتهم نصف راتبي الذي لا يتعدى 450 دينارا’.
وأشار إلى أنه استقدم زوجته إلى الكويت للعيش معه، ما إضطره لإستئجار شقة قريبة من عمله بقيمة 220 دينارا، وبما أن زوجته لا تعمل يصبح الإدخار أمراً مستحيلا، على حد قوله.
ويقول إبراهيم السلاموني، وهو موظف أردني في وزارة الصحة الكويتية، ‘أتقاضى 500 دينار شهريا كنت أدفع منها 200 للإيجار، وقد أجبرني صاحب العقار على زيادة الإيجار بعد انتهاء مدة العقد المقرر بيننا إلى 270 دينار’.
وأشار إلى أن ملاك العقارات الكويتية يرفعون الأسعار ‘وفقا لأهوائهم’، مستغلين شح العرض والزيادة على الطلب وغياب الدوائر العقارية التي تحدد القيم الإيجارية .