عندما يندهش القاضى وكل من فى قاعة محكمة الجنايات من محامين وأطراف نزاع فإن الحدث جلل، وأن القضية مثيرة وتفاصيلها خطيرة، وهذا ماحدث مع المستشار أحمد رضا عبد الوهاب رئيس محكمة جنايات طنطا، أثناء نظر قضية شابة صغيرة ملامحها ضئيلة ونظراتها زائغة.
تحدثت عن تفاصيل جريمتها النكراء وكيف دست السم لزوجها العامل البسيط ووالد طفلتها الوحيدة ثم تم نقله للمستشفى واسعافه حين عاد دست له السم مرة ثانية، ليلفظ انفاسه ناقما على الزوجة الملعونة، بسبب قيامه بكتابة منزل باسمها بقرية فى مركز بسيون ثم شعر بغدرها فعاد المنزل لملكيته.
لم يجد القاضى سوى حكم الاعدام كجزاء عادل وأحال أوراقها المفتى ليصدق الدكتور شوقى علام على اعدامها وتتحدد جلسة التنفيذ بالاعدام شنقا.
«دعاء ابراهيم أبو هندى» ربة منزل عمرها تسعة وعشرون ربيعا, وهى أم لطفلة جميلة إذا نظرت الى عينيها تشعر بحنان الدنيا فى نظراتها المدهشة للضحكة والمتطلعة للبهجة فهي «رحمة».
وأم رحمة, تزوجت قبل خمس سنوات من محمد كمال اسماعيل شهاب ابن الخمسة وثلاثين ربيعا! الموظف بشركة طنطا للغزل والنسيج! والذى تزوجها بعد انفصاله عن زوجته السابقة!
هذه «القاتلة» قاسية القلب, كان لديها أكثر من فرصة لتعود عن نيتها التى بيتتها وعقدت العزم عليها, ولكن رغبتها فى قتل زوجها, كانت أشد وأقسى من كل «العبر» التى وضعتها أمامها الاقدار وهى تخطط للجريمة البشعة.
القتيل ساقه حظه العاثر فى هذه الدنيا, عندما طلق زوجته الأولى والتى لم تحفظ له شرفه وعرضه, وتطهر منها بعد القبض عليها فى واقعة زنا! وتعرف على زوجته الثانية «دعاء» التى طعنته طعنة عمره.
بعد أن قدمت له الحبوب المنومة أملاً في موته وادعت له أنها دواء «لديدان» المعدة وأنها أخذت نفس الدواء حتى لاتصاب «بالعدوى» من طفلتهما «رحمة» سقط الزوج البائس مغشيا عليه وتم نقله لمستشفى «المبرة» بطنطا، وتبين إصابته بهبوط حاد فى الدورة الدموية، وتم إسعافه وعلاجه، وأنقذته العناية الالهية من كيد زوجته قاسية القلب، وتعافى الرجل وعاد لمنزله.
ولكن الزوجة لم تتراجع ولم تعتبر من فشل هذه المحاولة، ولم تتعظ من عدم فضح أمرها من قبل الزوج الذى لم يشك فيها لحظة!
بل على العكس كررت المحاولة وقامت بدس الحبوب المخدرة للمرة الثانية بعد أيام من خروجه من المستشفى، وسقط أبو رحمة للمرة الثانية مغشيا عليه مصابا بنفس الهبوط الحاد فى الدورة الدموية وتم نقله للمستشفى.
لينفض سرادق العزاء سريعا لتذهب السكرة وتأتى الفكرة! وينصرف الجميع لحال سبيله، وتخلو القاتلة لنفسها وتنظر إلى وجهها البرىء الذى يخفى خلفه قسوة وبشاعة لن يمسح إلا بالقصاص السريع بحكم القضاء العادل!
وبسرعة لم تتوقعها، جاء تقرير مفتش الصحة الكاشف، الذى أكد أن وفاة الزوج ليست نتيجة مرضه ولكن بسبب تناوله لمادة غير معلومة، ولايمكن الجزم بسبب الوفاه!
وهنا كان على رجال البحث الجنائى فى مديرية أمن الغربية، كشف غموض وفاة «أبو رحمة» والقبض على القاتل المجهول.