ساعات قليلة تفصلنا عن ذكرى ثورة 25 يناير، تلك التي امتلأ فيها ميدان التحرير عن بكرة أبيه بمصريين يطالبون برحيل الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم، الميدان الذي نزل إليه المصريون للاحتجاج، لا يعرف كثيرون أنه كان موقعًا لدعوة أقدم لـ«كل المصريين» أيضا، حضروا في تلك المرة  للاحتفال وتأييد حاكم جديد، كان هذا الاحتفال في نوفمبر 1952، وأطلقت عليه مجلة LIFE الأمريكية «كرنفال مصر»، أما الداعي فلم يكن سوى الرئيس محمد نجيب.
 
«يجب أن يضحك الناس»، كلمات نطقها ضابط الجيش الذي تولى عمليات التنظيم للاحتفال الذي دعى إليه الرئيس محمد نجيب. أربعة أشهر مرت منذ أن أرغم الضباط الأحرار الملك فاروق على الرحيل، وها هو قائدهم اللواء نجيب يوجه الدعوة لـ«البلد بأكملها» للحضور إلى الميدان الذي تغير اسمه مؤخرًا لميدان التحرير للاحتفال بذكرى قيام الثورة، فيما سيلقي هو خطابا عليهم.
 
القصة أوردتها مجلة LIFE الأمريكية في عددها الصادر في الـ9 من فبراير 1953، في تقرير بعنوان «كرنفال مصر»، وبعنوان فرعي «نجيب يحصل على سلطات مطلقة والمصريون يحتفلون على شرفه»،  ويروي التقرير قصة وقوف نجيب ليخطب في الجماهير، التي وقفت في قلب الميدان بينما تقدم الطائرات العسكرية العروض في الجو، ومحاطة بالجنود من كل الاتجاهات، قائلًا إن الضباط الأحرار سيقودون البلاد لمدة ثلاثة سنوات على أساس من «الوحدة والنظام والعمل»، قبل أن يكمل الجيش استعراضاته، كما أقيمت الألعاب المائية في الميدان، بجانب عزف الموسيقى والرقص في الشوارع.
 
ولفتت المجلة إلى أن الجميع اشترى البالونات وغزل البنات لأطفالهم حتى أصبحت الشوارع مغطاه بالأبيض، وهنأ الجميع الأجانب العابرين باللغة الإنجليزية قائلين: «عيد تحرير سعيد».
 
وأضافت المجلة أن المتابعين من الغرب «قلقون من استقرار نظام نجيب، ويعتبرونها الفرصة الأخيرة الجيدة للاعتدال والتقدم، حتى وإن حصل الآن على سلطات ديكتاتورية. ورغم معرفتهم أن مشاكل مصر هي أبعد ما تكون عن الحل، فإنهم شعروا الأسبوع الماضي أن الناس لا تزال متحمسة وملتزمة تجاه حاكمهم الجديد، وشعروا بالإعجاب من عدم غضب الشعب المصري تجاه الأجانب، بعد عام واحد من أعمال الشغب ضد الأجانب والتي احترق فيها معظم منطقة وسط البلد (حريق القاهرة)».
 
وتقلد «نجيب» رئاسة مصر في يونيو 1953 قبل أن يعزله الضباط الأحرار بعد عام واحد في نوفمبر 1954، ليصعد جمال عبدالناصر إلى سدة الحكم.