أكد نائب رئيس الوزراء، وزير المالية السابق، الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح، ألا تأثير للأزمة البريطانية بالخروج من الاتحاد الأوروبي على سعر صرف الدينار الكويتي، لافتاً إلى أن سعر صرف الدينار الكويتي مقابل الدولار (عملة التدخل)، يتحدد باستخدام سله مكونة من العملات العالمية، التي لدولها علاقات تجاريه ومالية مؤثرة وملموسة مع دولة الكويت.
وفي تصريح خاص لـ «الراي» أوضح الشيخ سالم أنه على ضوء مدى تحرك وتقلب أسعار صرف العملات العالمية المكونة لتلك السلة، مقابل بعضها البعض، فإنه يتم استنباط وتحديد سعر صرف الدينار يومياً، قائلاً «لا أعتقد بأن الدينار سيتأثر بشكل سلبي جراء خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، فلايزال الدينار الكويتي يتمتع بقوة واستقرار نسبيين، وسيظل كذلك شريطة حُسن إدارته، والتي ينبغي أن تكون مصحوبة أيضاً بقيام الدولة بالتصدي المهني المدروس والمتدرج لمعالجة موضوع الاختلالات الهيكليه التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، وبالذات في ما يخص جانب المالية العامة (الموازنة العامة)».
أما فيما يتعلق بفروع البنوك الأجنبية في بريطانيا، أوضح الشيخ سالم أن «هذا الأمر يتألف من شقين، الأول يتعلق بوجود فروع لبنوك أجنبيه في لندن، والثاني يتعلق ببنوك متواجدة في لندن متخذة شكل وكيان شركة تابعة لبنك أجنبي، وكلا الشكلين (فرع أم شركة تابعة) لهما معالجات مختلفة. فالبنك المتواجد في لندن على شكل شركة تابعة للبنك الأجنبي ألأُم، يُعتبر بالواقع بنكاً إنكليزياً وتنطبق في شأنه كافة القوانين الإنكليزية وكافة التعليمات الرقابية الصادرة عن هيئة الخدمات المالية الانكليزية، في شأن البنوك الإنكليزية العاملة في بريطانيا. أما إذا كان البنك الأجنبي متواجدا في لندن على شكل فرع، فلا يُعتبر من الناحية القانونيه بنكاً إنكليزياً، وبالتالي لا تنطبق عليه كافة القوانين والتعليمات والتوجيهات الرقابية السائدة على البنوك الإنكليزية، بل تُطبق بشأنه الأنظمه السائدة على فروع البنوك الأجنبيه العاملة في بريطانيا، وهذه الأنظمه تختلف عن تلك المطبقه على البنوك الإنجليزية».
واستبعد بأن يكون هناك أي تأثير يُذكر على ذلك التواجد في بريطانيا بالنسبة للفروع أو الشركات التابعة للبنوك الأجنبيه جراء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في هذه المرحله على الأقل، حيث ستعمل إنكلترا ما في وسعها للحفاظ على تلك الوحدات ضمن المؤسسات المالية العاملة على أراضيها، وذلك ضمن الأنظمه الرقابية السائده حالياً، خصوصاً أن مدينة لندن تُعتبر المركز المالي الأول عالمياً، ولا تُريد أن يُؤثر ذلك الخروج على وضعها ومركزها المالي المتصدر عالمياً.
وفي حين شدد الشيخ سالم على «أن الغموض هو سيد الموقف، وينبغي ألا يغيب عن ذهننا أن بريطانيا لن تخرج على الفور من ذلك الاتحاد. كما أن هناك شروطاً للخروج سيتم الإتفاق عليها بين الطرفين لاحقاً لا نعلمها الآن، وهي التي سوف تُحدد معالم ألأوضاع المستقبليه لكل من بريطانيا والاتحاد الأوروبي.
ولفت إلى أنه «كما هو معروف، فلقد طال انتظار العالم لمعرفة نتيجة ما ستؤول إليه نتيجة التصويت في بريطانيا حول بقائها أو خروجها من الاتحاد الأوروبي. ولقد تم حسم الموضوع من خلال ذلك التصويت بخروج بريطانيا من الاتحاد المذكور بتغلب جناح الخروج بنسبة ضيئلة. وفي هذا الشأن، ينبغي احترام نتيجة قرار البريطانيين الذي أدى الى خروج دولتهم من الاتحاد الأوروبي، على الرغم مما قد يؤدي ذلك الى نتائج قد تكون صعبة على مختلف الصُعد، فهو قرار تاريخي ستكون له نتائج سلبية على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، حيث جاء ذلك القرار خلال فتره يمكن وصفها بحالة عدم تأكد مؤسسي، مصحوبة بهشاشة الأوضاع الماليه في تلك المنطقه.
واعتبر أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد بقائها فيه لمدة تجاوزت 43 عاماً، قد أحدث هزات عنيفه على المستويين السياسي والاقتصادي، من شأنها إحداث مزيد من الصدمات السلبية على صعيد الاستقرار المالي الذي تعاني منه بعض دول ذلك الاتحاد، وذلك في الأجل القصير والمتوسط.
ورأى أن كلاً من بريطانيا والاتحاد الأوروبي ستصيبهما نكسات وعثرات على مستوى الأداء الاقتصادي مقاساً بالنمو في الناتج المحلي الإجمالي، وعلى مستوى النشاط التجاري وحركة التجاره وانسيابها في ما بينهم، وأثر ذلك على موازين التجارة الخارجية، فضلاً عن الانعكاسات السلبية على أداء الأسواق المالية، ناهيك عن التذبذبات والتقلبات الشديدة في مستويات أسعار صرف العملات العالمية الرئيسية والمعادن الثمينة والنفط، كل ذلك مصحوباً بسريان حالة عدم التأكد واليقين. كما أن هناك تخوفا من انتقال عدوى تلك الأزمه وانعكاس آثارها على أداء معظم اقتصادات الدول المتقدمه والناشئة.
وأضاف «كل ذلك أدى الى حدوث حالة من الهلع والفزع في أسواق الصرف، والأسواق المالية، وأسواق المعادن الثمينة والنفط والسلع، بما يُدلل بشكل واضح على حالة التخوف وعدم الاستقرار السائده. ونتيجة لذلك، وعقب ألإعلان عن تغلب جناح الخروج على جناح البقاء، صرح مارك كارني محافظ بنك انكلترا (البنك المركزي) بأن البنك على إستعداد لضخ مبلغ 345 مليار جنيه إسترليني لتهدئة تلك ألأسواق من خلال تأمين سيوله كافيه لعملها وتحاشياً لخلق مزيد من ردات الفعل السلبية.
ولفت إلى أن كل تلك الأمور لها آثار سلبية على كثير من الجوانب السياسية والاقتصادية والمالية في تلك المنطقة. وعلى جانب آخر، فإن بريطانيا و3 دول من الاتحاد الأوروبي يُعتبرون ضمن مجموعة السبعة (G7)، أي أن اقتصاداتهم تُعتبر ضمن أكبر 7 اقتصادات في العالم، وبالتالي يمكننا إدراك ما قد يمكن أن يُصيب أداء الاقتصاد العالمي من تعثرات وضعف إذا لم يتم التصدي للتداعيات التي قد تنجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي.