عُرف الشعب المصري بحبه للطعام بوجه عام وربط جميع مناسباته بأنواع معينة منها، كذلك يحرص المصري على الاستمتاع بقدر الإمكان بالطعام رغم الظروف المعيشية الصعبة التي تمنعه من شراء أفخم الأطعمة والتردد على المطاعم الراقية، وبطبيعة الحال ورد ذكر الطعام كثيرًا خلال الخمس سنوات الماضية والتي شهدت اندلاع ثورتين أضيفت لسجل أعظم ثورات التاريخ.
وتنوع ذكر الطعام خلال أحداث الثورتين ما بين اتهامات وجهت لثوار 25 يناير بحصولهم على تمويل خارجي ووجبات من سلسلة المطاعم الأمريكية الشهيرة "كنتاكي"، أما في الفترة التي سبقت ثورة 30 يونيو فقد أثيرت أحاديث حول مقطع فيديو ظهر فيه أحد مؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي وهو يمسك علبة جبن ويتوجه للكاميرا قائلًا العبارة الشهيرة "جبنة نستو يا معفنين؟!"، إلا أن حقيقة الأمر هي وجود ما يشغل المعتصمين والثوار أكثر من الحصول على نوعية معينة من الطعام.
وجبات كنتاكي بميدان التحرير
زار الكولونيل كنتاكي صاحب الخلطة السرية لمطاعم كنتاكي الشهيرة، القاهرة يوم الإثنين الماضي والتقطت له صورًا بجوار أشهر معالمها بهدف دعم السياحة، إلا أن زيارته أعادت إلى أذهان المصريين ذكرى الاتهامات التي وجهت لثوار يناير بحصولهم على تمويل خارجي ووجبات كنتاكي، حيث قال سخر بعض مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي من الزيارة، قائلين: "جاي قبل الثورة عشان يوزع وجبات".
وأكد البعض، ومنهم الفنان هشام عبد الله أنه إن كان يتم توزيع وجبات كنتاكي في ميدان التحرير فإن من قام بذلك هم أعضاء بالحزب الوطني المنحل بغرض تشويه الثورة وإحاطتها باتهامات العمالة، إلا أن ثمة فنانين آخرين أيدو تلك الاتهامات منهم الفنان حسن يوسف والذي تراجع عن تلك التصريحات معتذرًا لشباب ثورة 25 يناير.
وكان حسن يوسف صرح خلال الأيام الأولى من ثورة يناير على أكثر من قناة فضائية بأن الثوار يحصلون على وجبات كنتاكي ليتهمهم ضمنيًا بالعمالة والنفعية، إلا أنه تراجع عن تلك التصريحات، مؤكدًا أن ابنته ناريمان شاركت في ثورة يناير، وهي من أوضحت له أن بعض الشباب الأثرياء هم من وزعوا عدد من الوجبات على الثوار ولكن ذلك كان بدافع وطني وللمشاركة في الثورة وليس لتغيير موقف الثوار أو لأهداف خفية أخرى.
ولم تكن تبرعات الشباب الثري بعدد من وجبات الكنتاكي مصدر الطعام الذي يعتمد عليه ثوار يناير فقد كان لساكني ميدان التحرير والمناطق القريبة منه دورًا لا يقل أهمية، وأوردت مجلة "المعلم" الإلكترونية شهادة بعض ساكني الميدان ومنهم "نهى" وهي سيدة أربعينية لكنها لا تقل حماسًا للثورة عن شباب يناير، وفي ثورة يناير أخذت على عاتقها إعداد طعام الإفطار لنحو 200 شخص من الثوار.
"جبنة نستو يا معفنين"
تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لأحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين ويدعى، غفران صالح خلال الاشتباكات التي شهدها محيط قصر الاتحادية بين معارضي ومؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي، عقب الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في 2012، وكان أحد الاعتصامات التي أنبأت باندلاع ثورة 30 يونيو، حيث ظهر غفران ممسكًا بعلبة جبن مثلثات، وهو ينظر للكاميرا بانفعال ويتساءل: "جبنة نستو يا معفنين؟!" ليظن الجميع وقتها أنه يسخر من المعتصمين لأنهم يأكلون هذا النوع من الجبن.
وكشف غفران صالح في لقاء أجرته قناة الجزيرة الفضائية معه، أن عبارته الشهيرة التي ظهرت في الفيديو اقتطعت من سياقها لإظهار غير ما كان يقصده، حيث لم يكن يوجه تلك العبارة لمعتصمي الاتحادية بل لأفراد كانوا إلى جواره واتهموه هو وزملاؤه بمحاولة سرقة خيام المعتصمين فقال لهم وماذا أسرق "دي جبنة نستو يا معفنين".
وأورد غفران ذكر "الجبنة النستو" مرة أخرى في أحد منشوراته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قال فيه: "في مثل هذا اليوم أفتخر أنني أعلنتها على الملأ أن حمدين والبرادعي خونة وعملاء، وأنهما وأتباعهما خانوا الثورة ودماء الشهداء. وفي الآخر رايحين ياكلوا جبنه نستو عند القصر".
وظهر غفران في فيديو شهير وهو يكسر خيام المعتصمين الرافضين للإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في 21 فبراير 2012 أمام قصر الاتحادية، وأوضح غفران في سياق منشور آخر له أن خيام المعتصمين كانت تحتوي على أغذية معلبة من ماركة أمريكانا وهو ما اعتبره دليلًا على حصول معارضي مرسي على تمويل من "أمريكا"!
واعتبر البعض غفران نفسه حلقة وصل بين ثورتي 30 يونيو و 25 يناير عندما عرض له نشطاء صورة ظهر فيها خلال فاعليات ثورة يناير ليجمع بذلك بين اتهامات الكنتاكي و"الجبنة النستو".