ارتفعت وتيرة الأزمة بين المملكة العربية السعودية وإيران، التي اندلعت بعد إعدام الشيخ الشيعي نمر باقر النمر و46 آخرين السبت الماضي، في السعودية بتهم التخطيط لهجمات إرهابية، إلى درجة كبيرة، بخاصة بعد تهديد طهران للرياض، والاعتداء على السفارة والقنصلية السعودية في طهران، من قبل إيرانيين شيعة، وما تبعه من إعلان السعودية، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران.
لم تكن المملكة العربية السعودية، أولى الدول التي تقطع العلاقات مع إيران، بل اتخذت مصر والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، نفس الخطوة من قبل، حيث شهد تاريخ إيران الدبلوماسي، سجلًا حافلًا في الاعتداء على البعثات الدبلوماسية والسفارات الأجنبية، واقتحامها وإضرام النيران فيها، وترهيب موظفيها وأسرهم في بعض الأحيان، وهو الأمر الذي يمثل خرقا لقواعد ومبادئ العهود والمواثيق والقوانين الدولية الخاصة بالبعثات الدبلوماسية.
بدأت الأزمة الإيرانية الأمريكية، بعد اقتحام بعض الطلاب مقر السفارة الأمريكية في طهران، واحتجاز نحو 52 أمريكيا، دعما للثورة الإيرانية، منذ 1979 وحتى 1981، ونفذت الولايات المتحدة، عملية عسكرية لإنقاذ الرهائن، لكنها فشلت ودمرت خلالها طائرتين، وانتهت الأزمة بعد 444 يوما، حيث تم الإفراج عن المختطفين عقب حلف اليمين للرئيس الأمريكي رونالد ريجان بيوم واحد.
قطعت القاهرة علاقتها بطهران، عقب الثورة الإيرانية في 1979، بعد استقبال الرئيس السادات لـ"شاه إيران"، عقب الثورة التي أطاحت به من حكم إيران، إضافة إلى اتهام طهران برعاية الإرهاب في الشرق الأوسط، ودعم الجماعات الإرهابية المسلحة بمصر في السبعينيات، وتسمية أحد الشوارع في إيران باسم "خالد الإسلامبولي" قاتل الرئيس الراحل أنور السادات.
ومن سيء لأسوأ سارت العلاقات بين مصر وإيران، بعد عرض إيران فيلم "إعدام فرعون" الوثائقي، الذي يمجد قاتل السادات.
كانت أولى خطوات الإصلاح الدبلوماسي بين مصر وطهران، في أكتوبر 2012، زيارة الرئيس المعزول محمد مرسي طهران، كأول زيارة لرئيس مصري لإيران منذ الإطاحة ببهلوي؛ لحضور قمة دول عدم الانحياز.
وفي أكتوبر من نفس العام، وقعت مصر وإيران بروتوكولا بينهما، يقضي باستئناف الرحلات الجوية المباشرة بينهما، بمعدل 28 رحلة جوية أسبوعيًا.
وأعقبت زيارة مرسي لطهران، زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد القاهرة في فبراير 2013؛ لحضور قمة دول المؤتمر الإسلامي، ورغم ذلك، استمر الفتور في العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإيران من الجانبين.
وقطعت كندا، علاقتها الدبلوماسية مع طهران في 7 سبتمبر 2012، بعد أن أوضحت الخارجية الكندية، على لسان وزيرها السابق جون بيرد، إغلاق السفارة الكندية في إيران، وإعلان الدبلوماسيين الإيرانيين في كندا، بأنهم أشخاص "غير مرغوب فيهم"، على اعتبار أن طهران تعد التهديد الأكبر للسلام والأمن العالمي في العالم، بتقديم مساعدات عسكرية متزايدة للرئيس السوري بشار الأسد، ورفض الالتزام بقرارات الأمم المتحدة الخاصة ببرنامجه النووي، وبث خطابات عنصرية معادية للسامية، وتحرض على الإبادة الجماعية، وتصنيفها من بين أسوأ دول العالم في انتهاك حقوق الإنسان، وأنها تأوي وتساعد الجماعات الإرهابية، ما يفرض على كندا أن تدرج رسميا إيران كدولة راعية للإرهاب بموجب قانون العدل الكندي الخاص بضحايا الإرهاب.
وفي طريق العلاقات الدبلوماسية المتوترة، جرفت إيران في طريقها المغرب، منذ فرار محمد رضا بهلوي للمغرب، حتى بعد اضطرار ملك المغرب الحسن الثاني، لطرد صديقه الشاه خارج البلاد، وشكل التأثير الديني الإيراني مصدر قلق للمغرب منذ انتصار الخميني، واتهم الحسن طهران رسميا بوقوفها وراء الانتفاضة الشعبية، التي سبقت انعقاد مؤتمر القمة الإسلامية في مراكش عام 1984، واستصدر فتوى بـ"تكفير الخميني"، ووقف إلى جانب العراق في الحرب ضد إيران.
وآلت العلاقات البحرينية الإيرانية إلى تدهور ملحوظ، حيث اندلعت الاحتجاجات الشيعية في البحرين مطلع 2011، في تحركات اتهمت الحكومة جمعية الوفاق الشيعية المعارضة ومن ورائها إيران بالوقوف خلفها، واستطاعت إخمادها بمساندة من قوات درع الجزيرة التي تقودها السعودية، حيث كان أول تراشق بينهما بعد تولي "روحاني" الرئاسة في 2013، على خلفية التصريحات للمتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، التي تحدثت عن الأوضاع الداخلية للبحرين، وأعقبها اعتقال القيادي الشيعي بجمعية الوفاق، خليل المرزوق.
فيما ردت وزارة الخارجية البحرينية، برفض تصريحات المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية، معتبرة إياها تصريحات "غير مسؤولة".
وبادرت السودان والكويت بقطع علاقتهما الدبلوماسية مع إيران، على خلفية الاعتداء على السفارة والقنصلية الإيرانية في طهران.