ب :ش :ط
يجمع المراقبون، على أن زيارة الرئيس الأمريكي المقررة للرياض بعد أيام، ستكون مفصلية في تحديد السياسة الأمريكية الواجب إتباعها من قبل المملكة الوهابية في المرحلة المقبلة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مصالح، وتجنبا لأي سوء فهم أو خطأ في التقدير قد يؤثر على المعادلات القائمة، والتي توشك على الإنهيار لغير صالح أمريكا ومحورها.
غير أن ما يتداول بشأن الأجندة الأمريكية التي سيناقشها الرئيس الأمريكي مع العاهل السعودي، توشي بأن هناك مخططا رهيبا يحضر على نار هادئة لتفتيت المنطقة من البوابة الفلسطينية.
تفتيـت المنطقـة مـن البوابـة الفلسطينيـة
وتعتبر مسألة “تصفية القضية الفلسطينية” على رأس الأولويات الأمريكية للمرحلة المقبلة، حيث ينتظر الرئيس ‘أوباما’ أن يسمع من العاهل السعودي دعما مطلقا وغير مشروط للجهود التي يقوم بها الوزير ‘جون كيري’ في هذا الصدد، والتي بلغت مراحل متقدمة في ما له علاقة بيهودية الدولة، وإلغاء حق عودة اللاجئين، ومسألة التوطين في الأردن ولبنان، والسماح للسلطة الفلسطينية بإقامة عاصمة دولتها “المسخ” على أرض مجاورة للقدس الشرقية، ولا مشكلة في أن تُسمّي هذا المكان بـ”القدس الشرقية”، لتتحول القدس الشرقية الحالية إلى قدس غربية تضمها إسرائيل لكيانها.
ولعل ما لا يدركه الكثيرون في عالمنا العربي، هو أنه في حال مررت السعودية “يهودية” الدولة الصهيونية في الجامعة العربية، فستكون سابقة في الأمم المتحدة تمهد لقيام كيانات صغيرة على أسس عرقية ودينية ومذهبية في المنطقة.
والغريب في الأمر، أن روسيا التي تعرف خبايا المخطط الأمريكي، بدأت بالرد عليه في أوكرانيا، بنفس الإستراتيجية التي تعتمد البعد القومي والديني بديلا عن الإديولوجية “الشيوعية” القديمة، ما سيؤدي حتما إلى تقسيم أوكرانيا وضم الجزء الشرقي الغني والإستراتيجي بالنسبة لموسكو، وترك الجزء الغربي الفقير الذي لا يمتلك مقومات الدولة ليقضمه الغرب المأزوم إقتصاديا، تمهيدا لما سيترتب عن هذا الإجراء من تداعيات تفتيت أوروبا، بالتزامن مع عزم إرلاندا إجراء إستفتاء تقرير مصير للإستقلال عن المملكة المتحدة، وتنظيم إستشارات شعبية في منطقة الباسك وعاصمتها كاتالونيا للإنفصال عن إسبانيا قبل متم هذه السنة، وما يمكن أن يصيب بلجيكا نفسها من تقسيم بين منطقة الشمال ومنطقة الجنوب.. والحبل على الجرار.
مصــر.. إلـى الفلـك الأمريكـي در
الموضوع الثاني يتعلق بمصر، وضرورة إبقائها في “الفلك الأمريكي”، وعدم السماح للقيادة المصرية الجديدة ببناء علاقات متوازنة مع دول أخرى وعلى رأسها روسيا، الصين، إيران، سورية. فضعف إقتصاد مصر، وعامل العنف السياسي “الإخواني” والإرهاب السلفي “الوهابي” الطارىء على أرض الكنانة عقب إنقلاب 30 يونيو/حزيران السعودي، يشكلان قوة ضغط سياسية كبيرة على القيادة العسكرية المصرية الحالية، ويرغمانها على القبول بالشروط الخليجية والعودة إلى الحضن الأمريكي من النافذة السعودية، إلى أن يفعل الله أمرا كان مقدورا.
وبغض النظر عما يروجه الإعلام المصري حول قومية “الزعيم السيسي”، وإيمانه بخط ‘ناصر’ العروبي، ودور مصر لقيادة الأمة العربية في المرحلة المقبلة، ما هو واضح لكل ذي بصر وبصيرة، هو أن مصر عادت لتنتج دولة “مبارك” البوليسية والعسكرية مرة أخرى، وقد يكون “السيسي مرغما في ذلك لا بطلا.
وللإشارة، فبسبب محاولة ‘بوتين’ إستمالة مصر لمحور روسيا إيران وتأييده ترشح ‘السيسي’ للرئاسة، ثارت ثائرة واشنطن، وبلغ بها الغضب حد إفتعال إنقلاب سياسي على شكل ثورة “نازية” في أوكرانيا، الفناء الخلفي الإستراتيجي لموسكو، وهو ما شكل متنفسا أفسح المجال أمام دمشق لتسريع الحسم على الأرض مع الإرهابيين، بعد أن إنتقل ثقل الإهتمام العالمي لمنطقة البحر الأسود.
وهناك حديث سعودي جدي عن إمكانية ضم مصر إلى منظومة مجلس التعاون الخليجي بعد أن إنفرط عقده، وأصبحت السعودية عارية أمام إيران التي حاصرتها بالتقارب مع سلطنة عمان ثم قطر من مدخل التنافس القائم بين البلدين، ورفض الدوحة الإلتزام بالخط السياسي السعودي في التعامل مع شؤون المنطقة، فيما تلعب الكويت حتى الآن في منطقة الحياد الرمادي.. وبالتالي، لم تعد السعودية تمتلك ما كانت تعتقد أنها مقومات للدفاع عن النفس، والتي تعني بالنسبة للرياض شراء ولاء أقوى جيش في المنطقة بعد أن تغيرت المعادلة بسقوط الرئيس المخلوع ‘حسني مبارك’، وبعد أن تخلت الإدارة الأمريكية عن مبدأ التدخل العسكري الخارجي المباشر.
عودة على بدأ.. صراع مشروعين
الحلف الجديد الذي تعتزم الإدارة الأمريكية أن تقيم من خلاله نوع من التوازن بين الإسلام السني والإسلام الشيعي في الشرق الأوسط، سيجمع السعودية ومصر والأردن وإسرائيل، في مواجهة حلف إيران العراق، سورية، حزب الله والجهاد الإسلامي بعد رفض إيران إستمرار دعم حماس ورفضها إستقبال خالد مشعل في طهران، لتتحول منظمة الجهاد الإسلامي إلى رمز للمقاومة الملتزمة بقضية شعبها وأمتها.
أما تركيا، فيجمع الخبراء أن عهد السلطان ‘أردوغان’ إنتهى إلى غير رجعة، وأن تركيا مقبلة على تحولات سياسية جديدة ستغير من إستراتيجياتها الخارجية تجاه العديد من القضايا الدولية والإقليمية، وأن تقاربها مع إيران، هو تقارب على مستوى المؤسسات لا الأشخاص، ما سيضمن له الصمود والإستمرار والتأثير في التوجهات التركية المستقبلية تجاه الجارة سورية، لأسباب إقتصادية وجيهة، حيث تطمح تركيا أن تتحول إلى معبر لنفط وغاز دول المنطقة نحو أوروبا.
هذا يعني، أننا سنكون أمام حلف عربي إسلامي مناهض لمشروع الهيمنة الأمريكية ومقاوم للإحتلال الصهيوني، ليس له ولي ولا نصير غير الله، وفي المقابل، هناك حلف ماسوني، صهيوني، سني، عربي، تحميه أمريكا ويدعمه الغرب وجامعة الأعراب، غايته، وهمه، وهدفه، إسقاط سورية مهمى كلف الأمر من وقت وأثمان، ليتسنى إسقاط حزب الله بعد ذلك، والإستفراد بإيران على رواقة، فينتهي وجع إسرائيل ويسود السلام الصهيو – أمريكي المنطقة، ويتحول العرب أبناء الجارية المصرية ‘هاجر’ إلى عبيد في خدمة السادة الأحرار أحفاد ‘سارة’ الجميلة الحرة المصونة، زوجة خليل الله ‘إبراهيم’ (ع)، صاحب العهد، والأب الروحي للرسل والأنبياء.. وبذلك ينتقل العهد من بيت وارثه الأخير محمد بن عبد الله (ص)، إلى بيت آل يعقوب (ع)، بعد أن إنتزع من سلالتهم زمن المسيح عيسى بن مريم، لخيانة بني إسرائيل العهد، وتكذيبهم للرسل، وقتلهم للأنبياء، وأكلهم السحت والربا الذي خرب إقتصاد العالم، وإفسادهم للنسل والزرع والعمران في الأرض.
الحرب على الإرهاب لحماية أمن الخليج و أوروبا
الموضوع الثالث يتعلق بالإرهاب، خصوصا بعد أن فشلت كل المخططات لإسقاط القيادة والدولة السورية في أفق تقسيمها، وتحولت سورية إلى أكبر وعاء للإرهابيين في العالم، حيث باتت تهدد دول المنطقة وأوروبا وغيرها بإرتدادات دموية لا يمكن التحكم فيها، وفق ما تؤكد خلاصات تقارير المخابرات الغربية.
وفي هذا السياق جاء القرار الأمريكي بإزاحة الأمير ‘بندر بن سلطان’ من على عرش المخابرات السعودية وتصفية إرثه الضخم النثن، بعد أن نجح في تجنيد جيوش لا عد لها من الإرهابيين والمرتزقة القادمين من مختلف أصقاع الأرض للقتال في سورية، لتنقلب هذه الجماعات اليوم ضد بعضها البعض من أجل الغنائم، وضد مشغليها بعد أن أكتشفت أن أمريكا والسعودية إنقلبت عليها، فخرجت تهدد بالإنتقال إلى ساحات الدول المجاورة، ومنها السعودية على وجه الخصوص، كما سبق وأن حذر الرئيس السوري والعراقي بل والروسي أيضا.
وكان مصدر ديبلوماسي غربي رفيع المستوى قد كشف لصحيفة “الرأي” الكويتية بداية الأسبوع، أن الإرهاب أصبح يهدد أكثر من أي وقت مضى السعودية ومشيخات الخليج والدول الأوروبية، وأن تغيير الإدارة الأمريكية لإستراتيجيتها بالنسبة لإرهاب مؤخرا، جاء من منطلق قناعتها بأن التحديات التي ستواجهها المنطقة في القادم من الأيام قد تغير المشهد في الشرق الأوسط، ما حدى بها للتدخل من خلف الأبواب، لوضع حد لمغامرات ‘بندر’ الفاشلة في سورية. حرصا منها على حماية أمن مشيخات الخليج ومصادر الطاقة، والتعاون الإقتصادي الذي يبقي الدولار على قوته في السوق الدولي.
الثمــن رأس الأســد و حــزب الله
أما الموضوع الرابع، فيتعلق بالثمن الذي تريد أن تقبضه السعودية من ‘أوباما’، مقابل موافقتها على مخطط “تصفية القصية الفلسطينية” و”إحتواء مصر” تحت العبائة السعودية، و”محاربة الإرهاب” في الداخل السعودي خوفا من إرتداده عليها من العراق وسورية كما حذرت تقارير إستخباراتية غربية، والتحالف مع إسرائيل، والقبول بها كمكون طبيعي من مكونات المنطقة.
والثمن كما هو معروف اليوم للجميع هي سورية وحزب الله لمحاصرة إيران ما وراء مياه الخليج، بعيدا عن العالم العربي. وهو ما جعل رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني ‘علي لاريجاني’ يقول الأربعاء من هذا الأسبوع: “إن معظم دول المنطقة التي كانت تحكمها الديكتاتوريات كانت من حلفاء الولايات المتحدة، وأن الديكتاتوريات في المنطقة لا يمكن أن تستمر إلا في ظل الدعم الأميركي”. لافتا إلى أن “خارطة الشرق الأوسط قد تتغير بالديمقراطية ولكن لن تتغير بوجود الإرهابيين”. ومؤكدا أن “الاميركيين يريدون استمرار الأزمة السورية وليس حلها”. لذلك هم يخافون الإنتخابات السورية القادمة، لمعرفتهم أنها ستحمل الرئيس ‘بشار الأسد’ لسدة الحكم في سورية بأغلبية مريحة قد تفوق 70% من الأصوات.
المنطقــة علــى أبــواب إنفجــار كبيــر
ولإسقاط سورية وحزب الله، يتم التحضير اليوم لـ”غزوة دمشق” في الأردن والجولان، حيث تعد السعودية جيشا جديدا من المرتزقة من غير التكفيريين، وصل قوامه اليوم 30 ألف مقاتل، وتعمل على إستكمال عديده الضخم الذي قد يصل إلى 50 ألف مقاتل، باستقدام عناصره من باكستان وعديد الدول العربية، حيث تدربهم المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية والفرنسية في الأردن، تحضيرا للعدوان الكبير الذي يفترض أن ينطلق من منطقة درعا والجولان تحت راية “الجيش الحر” في إتجاه دمشق شهر يونيو/حزيران المقبل، كما أكدت عديد التقارير الإستخبارية، وكانت روسيا أول من كشف عن هذه الخطة، كما كشفت عن مخطط إسرائيلي جاهز لشن حرب خاطفة ضد حزب الله في لبنان، في حال سقطت القلمون، لمنعه من التحكم بالحدود السورية اللبنانية وفتح جبهة الجولان للمقاومة الشعبية.
ما يعني أن المنطقة تمر اليوم بفترة إعادة تقييم لموازين القوى على الأرض، وإعادة نظر في المخططات التي فشلت، وإعداد أخرى جديدة تكون أكثر نجاعة لتحقيق الأهداف ولو على مراحل وعبر تكتيكات مختلفة ومتحكم بها، وبتنسيق تام بين مختلف القوى المتدخلة، وعلى رأسها إسرائيل التي اصبحت تخوض حربا مباشرة اليوم ضد سورية وحزب الله معا، بعد أن فشل الإرهاب الوهابي السعودي، وقبله الإرهاب الإخواني القطري التركي في تحقيق ما كانت تصبو إليه بالوكالة.
حزب الله عندما دخل الحرب في سورية أعلن أنه إتخذ قرارا إستراتيجيا بمحاربة التكفيريين لمنعهم من إسقاط بيروت بعد دمشق، وأن ما يجري في المنطقة هي حرب وجود ومصير ضد محور الممانعة والمقاومة، تتجاوز تداعياتها التفاصيل السياسية الصغيرة التي تشغل بال أدوات السعودية في تكتل 14 عميل وسمسار، الذي أصبح له وصي أمين جديد في لبنان بفضل المال السعودي، إسمه ‘ناتور بعبدا’.
والذين يحاولون الضغط على حزب الله للإنسحاب من سورية، سواء بالسياسة أو بالإرهاب من خلال الإنتحاريين والسيارات المتفجرة في الضاحية، يراهنون على الوهم، لأن حزب الله الذي وعد جمهوره ومناصريه في الوطن العربي والإسلامي بتحقيق نصر إستراتيجي في سورية، لن ينسحب قبل القضاء على آخر تكفيري، وإسقاط كل المخططات الأمريكية و الصهيو – وهابية التي تدبر لسورية ولبنان، وتحصين شريط الحدود السورية اللبنانية، وغوطة دمشق الشرقية، والمناطق الجنوبية المتاخم للشريط الممتد من البحر في لبنان إلى الأردن مرورا بالجولان، وهي المناطق التي سيضل يحرسها الحزب إلى أن يعود الأمن والأمان لسورية، قبل أن يفكر في سحب جنوده إلى لبنان، أحب من أحب وكره من كره، لأن الحرب هذه المرة حرب وجود تتجاوز منطق الحدود.
و وفق آخر المعلومات عن الميدان، فقد كشف مصدر قيادي في غرفة عمليات حزب الله والجيش السوري، أن أمر العمليات في القلمون قد عُدّل، وأن توجّه القوات الخاصة والجيش السوري قد انصبّ على مدينة ‘يبرود’ من دون فك الحصار عن ‘فليطا’ المحاصَرة.
وأشار المصدر القيادي لصحيفة “الرأي” الكويتية الأربعاء، الى ان “الهجوم سيكون هذه المرة أعنف من قبل على يبرود حيث جُهزت صواريخ بركان وصواريخ زلزال لتدكّ برؤوسها الحربية المعدّلة تحصينات المسلحين في المدينة ابتداءً من هذا الاسبوع، مع إعطاء الأوامر بتكثيف الغارات الجوية على المدينة، وسيتبعها اقتحام الوحدات الخاصة الموجودة على تماس مع يبرود من جهة مزارع ريما المسيطَر عليها بالكامل ومن الجهات الشرقية والغربية المطلة على المدينة مما يجعلها ساقطة عسكرياً”.
ومعلوم أن إستعادة يبرود ستُسقَط ‘فليطا’ التي تُعتبر منتهية عسكرياً منذ فترة بعد احتلال كل التلال المشرفة عليها ومنع الدخول او الخروج منها مما يعزز احتمال ان تتفاوض المدينة مع القوات المهاجمة اذا أرادت ذلك، وبهذا تكون كل الحدود التي تربط لبنان من اللاذقية وحتى يبرود تحت السيطرة، لتبقى منطقة ‘عسال الورد’ و ‘رنوكس’ الى المرحلة المقبلة.
غير أن إسرائيل التي ترفض مثل هذا الحسم، وتتربص بحزب الله والجيش العربي السوري الدوائر، وتحاول إقامة منطقة عازلة في الجولان لتحولها إلى سد في وجه المقاومة لتحرير الجولان، وتخطط في إسقاط دمشق من خلال إدارة عمليات الهجوم من الجنوب السوري، فوجأت هذا الأسبوع بجبهة غزة تفتح على حين غرة، وهي التي كانت متؤكدة من أن حماس التي وقعت هدنة لـ 14 سنة مع تل أبيب ومن ‘مرسي العياط’، لن تقدم على إفتعال أي خرق أمني يعكر صفو ذهنية جيشها، وإهتمام ساستها وجنرالاتها بمشروع إسقاط دمشق وحزب الله في لبنان..
فهمت تل أبيب أخيرا أن اللعبة تغيرت، وأن الأمر صدر من إيران بفتح جبهة غزة تمهيدا لفتح بقية الجبهات في الجولان والجنوب اللبناني، لأن أصل الصراع في المنطقة هو بسبب هذا السرطان المسمى إسرائيل.
الساسة في تل أبيب لا يعرفون كيف يتصرفون حيال هذا الهجوم المباغث، وكل محاولة لفتح جبهة غزة التي أنزلت في يومها الأول مليون صهيوني إلى الملاجأ من شأنها أن تشغل الجيش الصهيوني في معركة لا يريدها، ولا يرغب في أن ينجر الجناح العسكري في حماس إليها، متمردا على قيادته السياسية.
وإلى أن تتخذ إسرائيل القرار بشأن الرد على هجوم الجهاد الإسلامي النوعي، ستظل بوصلة التفجير موجهة من طهران ودمشق وبيروت وغزة، تجاه قبلة المسلمين الأولى في فلسطين المقدسة.. وإن كنا لا نستبعد أن تتوسل تل أبيب والرياض الحكام في القاهرة، ليتوسطوا بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي لوقف التصعيد، وهو الدور المشين الذي لا تستطيع القاهرة الإعتذار عنه.
وبذلك، لم تعد إسرائيل قادرة على تنفيذ تهديداتها لحزب الله بمهاجمته في حال سقطت “يبرود” الإستراتيجية، والتي تحولت إلى مركز إهتمام ومتابعة في أمريكا والغرب وأوروبا والخليج بما يفوق الإهتمام الذي حضيت به معركة “بابا عمرو” ومعركة “القصير”.
لكن المفاجأة، أن الجيش العربي السوري وحزب الله وحلفائهما في الميدان، مصران على إسقاط “يبرود” و ما تبقى من بؤر سوداء في “حلب” في نفس الوقت، وقد يكون الأسبوع القادم حاسما ويحمل معه الكثير من مفاجآت النصر.
أو سيبدأ التفجير الكبير في حال إتخذت إسرائيل القرار الخاطئ بمهاجمة ‘غزة’ والإصرار على حماية الإرهابيين في ‘يبرود’، لترك الحدود مشرعة لتنقلاتهم بين لبنان وسورية.. في هذه الحالة وإن كانت مستبعدة الحدوث، فلن يستمر حزب الله في سياسة ضبط النفس، وسيعرف كيف يجر رجل إسرائيل لمستنقع السقوط الكبير الذي سيغير وجه المنطقة كما وعد سماحة السيد ذات خطاب.
وبهذا المعنى، فلبنان بدوره سيكون مقبل على تطورات أمنية قد تشتدُ حدّتها مع وصول البيان الحكومي إلى طريق مسدود، ودخول السعودية وقطر على خط الصراع في الساحة اللبنانية المشرعة على الفراغ السياسي، والإنفلات الأمني، والتفجير الطائفي، ومن غير المستبعد أن تُحرّك المخيمات الفلسطينية لتزيد الطين بلة.