سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الضوء على حادثة إطلاق النار على الشاب الفلسطيني "إسحاق خليل حسان" 28 عامًا خلال عبوره البحر من غزة إلى مصر، مشيرة إلى الحصار المحيط بالفلسطينيين في غزة، والذي جعلهم غير قادرين على السير حتى ولو خطوات صغيرة بعيدًا عن حدوهم.
وقالت الصحيفة "شئ ما دفع الشاب حسان إلى السير عاريًا وسط مياه البحر، في محاولة "مستحيلة" على الفلسطينيين للهروب من قطاع غزة، لافتة إلى أنه بالرغم من إصرار المسؤولون الفرنسيون على أن (حسان) كان مريضًا عقليًا، إلا أنه أسرته ذكرت أنه كان عاقلاً لكن "يائسًا"، وذلك بعد عدة محاولات باءت بالفشل خلال العام الماضي للدخول إلى مصر بشكل قانوني للمعالجة من إصابة قديمة.
ونقلت عن شقيقه "إبراهيم" قوله "إسحاق اعتقد أن المصريين سيكونون مثل الأوروبيين، الذين يتعاملون مع السوريين ويرحبون بهم"، إلا أنه بمجرد تجاوزه الحدود، فتح حراس الحدود المصريين النار عليه".
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن حرسًا فلسطينيًا أطلق صفيرًا، وأشار بيده محذرًا "أن حسان مصاب بمرض عقلي"، وبالرغم من ذلك أوضح مقطع الفيديو الذي أبرز واقعة إطلاق النار إلى أن الشاب الفلسطيني لم يكن يشكل تهديدًا مباشرًا على أي أحد.
وأضافت الصحيفة "عندما توقف إطلاق النار، سحب الجنود المصريين جثة حسن من الماء، في صورة استدعت تقارير الرحلات الخطيرة للمهاجرين عبر البحر المتوسط لكنها تكشف للعيان أيضًا الحصار المحيط بالفلسطينيين في غزة، والذي جعلهم غير قادرين على السير حتى ولو خطوات صغيره بعيدًا عن حدوهم".
ونوهت الصحيفة إلى أنه على مدى العامين الماضيين، أصبحت حدود مصر مع غزة جبهة غير قابلة للاختراق بشكل متزايد، وهو ما أجج مشاعر اليأس في نفوس الفلسطينيين المحاصرين بين مصر وإسرائيل، التي تضع أيضًا قيودًا شديدة على المعابر.
ولفتت الصحيفة إلى أن الحكومة المصرية بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي تفرض قيودًا صارمة على مواطني غزة خلال حربها مع المتشددين، وهو ما أدى لإغلاق الحدود لما يزيد عن 339 يومًا، منع خلالها أكثر من 25 ألف شخص ينتظرون العبور، بينهم فلسطينيون يبحثون عن العلاج الطبي، أو يحاولون الدراسة بالخارج، كما دمرت السلطات المصرية أيضًا العديد من أنفاق التهريب التي كانت إحدى وسائل الاتصال القليلة بين غزة والعالم الخارجي.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن آمال العديد من مواطني غزة بأن يتسبب هذا الحدث في وضع ضغوط أكثر على مصر للتخفيف من حصارها على القطاع,
من جانبه، قال محمد لوباد، الذي نظم مظاهرة أمام السفارة المصرية بغزة: “ربما يكون حسن قد كسر الحصار على طريقته الخاصة، ونال بالمقابل سلامًا أبديًا".
وأفاد إياد البزم الناطق باسم وزارة الداخلية في القطاع، أن حرس الحدود الفلسطينيين حاولوا احتجاز "حسان"، لكنه لاذ بالفرار، وتابع :”المصريون قتلوه بدم بارد..إنها جريمة في وضح النهار، وانتهاك صريح للقانون الدولي، لأن الرجل كان أعزل بشكل تام، ويعاني من مرض عقلي".
من جانبها نفت عائلة حسان بشدة أن ذويهم كان يعاني من أي أمراض عقلية، قائلة: إنه "كان يجهز شقة جديدة ويبحث عن عروس، فقد درس حسان اللغة الإنجليزية في منظمة أمريكية غير ربحية توفر التعليم بمنطقة الشرق الأوسط"، مضيفة "كان يرغب بشدة في مغادرة غزة، لمعاناته من جروح بطلق ناري في القدم منذ عام 2007، أصيب بها خلال اشتباكات بين فصائل فلسطينية"
وصرحت شقيقة إبراهيم: “لم يكن يستطيع النوم أثناء الليل من فرط الألم"، مشيرًا إلى أنه استطاع السفر للقاهرة مرة واحدة منذ إصابته، لكن محاولاته للعودة إلى مصر باءت بعد ذلك بالفشل، وذلك في أعقاب إغلاق الحدود.
ووفقًا لعائلته، تجرد حسان من ثيابه ليعلم غفر الحدود أنه شخص مدني غير مسلح في وقت ما الخميس، ووضعها على صخرة بالشاطئ بالقرب من الحدود.
واتهمت العائلة الأمن الفلسطيني بالفشل في منع حسان من العبور، كما اتهمت الحكومة المصرية على أنها "أكثر قمعًا من الحكومة الإسرائيلية".
وقال خليل حسن، والد القتيل الفلسطيني: “الألم الذي ينتابني عميق، لقد نشروا الفيديو على الجزيرة، وأتساءل لماذا لم يوقفوه؟ لماذا استمرت الكاميرا في التصوير؟"، لكن الغربي في الأمر أن العائلة قالت إنها لم تتلق بعد أي تأكيد بشأن مقتله.
ولم يشارك أعضاء العائلة في الاحتجاج أمام السفارة، والذي نظمته حركة حماس، لكنهم عبروا عن تقديرهم للتضامن، حيث أوضحت شقيقته نعمة: “هذه القصة لا تخص إسحق فحسب، لكنها تخص الجميع، الآن يشعر الناس أن أبناءهم يمكن أن يكونوا إسحق آخر في أي لحظة".