محمد عمرو يكتب : الصرف الصحى بين الواقع والمأمول
قائمة قضايا الأمن القومى المصري طويلة وعريضة بطبيعة الأحوال وتبعاً لمستجدات العصر, فضلاً عن أنها حافلة بالكثير من التحديات والآمال , ومن ثم إذا أردنا إجمال كل قضايا الأمن القومي فى جملة واحدة أو تعريف مبسط فبالإمكان أن نقول أن كل الجوانب الحياتية والأمور المعيشية اللصيقة الصلة بالفرد المصرى لا تنفصل عن كونها قضية أمن قومى من دون نقاش أو جدال , لذا وجب على السلطة الحاكمة ترسيخ هذا المفهوم وعده أجندة سياسية تسعى من خلالها السلطة لإرضاء الشعب وتحقيق متطلباته التى نص عليها الدستور الذى هو بالقطع دستور مستقبل وآماني المصريين فى حياة هانئة مستقرة , وعملاً بالمقولة التى تقول ( بالمثال يتضح المقال ) وددت تناول قضية مياه الشرب والصرف الصحى كمثال حى وواقع مر يحياه عموم المصريين فى المدن والريف , فمنذ أسبوع تقريباً سمعت بأذنى لا بغيرها تصريحات لوزير الإسكان الدكتور مصطفى مدبولى أدلى بها خلال مداخلة هاتفية مع أحد برامج التوك شو الليلية بشأن هذا الموضوع الذي هو بين أيدينا , تصريحات هامة بقدر ما هى تبيان وتبصير للمواطن بالحقيقة حتى لا يقع فريسة لمروجى الآكاذيب ومستثمرى الوهم والضحك على عقول المصريين ولعلنا اليوم ونحن على مشارف المرحلة الثانية والأخيرة من الإنتخابات النيابية نلحظ وبقوة أننا فى سوق يباع ويشترى فيه الوهم والخداع بل وتزييف وتضليل العقول من بعض المرشحين وإن كان هذا لا يمنع ان هناك أشخاص يسيروا على الدرب السليم والصحيح بإحترام عقل الناخب ومصارحته , إذاً ماذا صرح السيد الوزير؟
 
 الوزير قال: ان مشروعات مياه الشرب وبحلول العامين ونصف المقبلين لن يكون هناك مناطق محرومة من دخول الخدمة , وأضاف بأنه أيضاً مع حلول ذات المدة المذكورة سلفاً ستصل نسبة التغطية من مشروعات الصرف الصحى بالمدن إلى 100% , أما فيما يخص مشروعات الصرف الصحى بالقرى فقد صرح الوزير بأن نسبة التغطية وصلت إلى الآن 15 % من إجمالى القري ستصل هذه النسبة بعد عامين ونصف إلى 50% وذلك وفقاً للخطة التى وضعتها الوزارة للعرض على السيد رئيس الجمهورية , وبالنظر لهذا الكلام نجد أنه لن ينال رضا المواطن بالقدر الكافى لأنه كل لحظة يقاسي التداعيات الوخيمة لهذا الأمر من إختلاط مياه الشرب بمياه الصرف فى أغلب الأحيان فتتولد الأمراض والأوبئة التى تقتل حياة الإنسان ببطء وكأنها تنكل به , فضلاً عن المواطنين الذين يعيشون فى مياه الصرف التى إقتحمت بيوتهم وممتلكاتهم , والمفارقة الدولة أو دولة 30 يونيو إذا جاز التعبير هى الآخرى نلتمس لها العذر وليس كامله فى ضعف الموارد وعدم كفايتها إذا ما قورنت بالمطلوب , علاوة على الأزمات الفجائية التى ترهق ميزانية الدولة المرهقة بالفعل , وبالتالى هذه المفارقة ليست فى صالح المواطن الذى يتوسم خيراً فى غد أفضل وحياة سعيدة , فالدولة أظن أن تعاطيها مع هذه القضية رغم عذرها الذى أوضحناه ليس كما نرجوا أو نتطلع فهناك خلل وعدم وضوح رؤية فى إدارة هذا الملف , فما معنى أن يتم البدء فى مشروع صرف صحى بقرية ويستمر لمدة تزيد على العشر سنوات دون أن يكتمل مما ينعكس ذلك بالسلب على الأمور الفنية للمشروع التى بالطبع تهدر المال العام من تلفيات وإهلاك للمواسير وغيرها , والسؤال هل فى مقدمة أولوياتنا فى أوجه الإنفاق الصرف الصحى ؟
 
أليس فى حل مشكلة الصرف الصحى قضاءً على الأمراض التى تفشت وفى النهاية تتحمل الدولة كلفتها وتدفع فاتورتها فى العلاج والدواء بالمليارات ؟ أليس فى حل مشكلة الصرف الصحى حفاظاً على مياه النهر الخالد ؟ أين الرقابة على المشروعات التى فتحت ولم تغلق إلى الآن مما يعد ذلك إهداراً لأموال الشعب ؟ أين كل هذا ؟ وبالتالى إذا رغبنا الأفضل فلابد من إمتلاك الرؤية المستقبلية السديدة التى ترتكن إلى ترتيب الأولويات والضرورات , والإدارة الأمثل للموارد وإن كانت ضئيلة وليس تبديدها كما نرى كل يوم , وتحديد أين نحن ؟ وفى أى طريق نسير ؟ وعلى أين نريد الذهاب ؟
من هنا تتمخض مصر المستقبل ... مصر الثورة .
 
  moh.amr2015@yahoo.com