بدأ أقطاب ورموز التيار السلفي العودة مرة أخرى إلى الفضائيات المختلفة لتقديم البرامج الدينية من جديد، بعد أن توقفوا بعد عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي عقب ثورة 30 يونيو 2013 لأسباب مختلفة، منها المرض، ومنها خوفهم من رفض المجتمع ظهورهم بسبب تحريضاتهم السابقة، وكان من أبرز العائدين الشيخ أبو إسحاق الحويني- الداعية السلفي الشهير- الذي ظهر على قناة "الندى الفضائية" أول أمس والتي يمتلكها؛ ليتحدث في مجال الدعوة، وأسباب غيابه كل تلك الفترة دون أن يتطرق إلى دنيا السياسة ورأيه في التغييرات التي حدثت فيها.
ومن مصادر مقربة من الحويني، فالداعية السلفي الشهير يستعد بشكل فعلي للعودة إلى برنامجه الدعوي القديم مرة أخرى على شاشة قناة "الندى"، على أن يكون هذا البرنامج مرة في الأسبوع فقط ولمدة ساعة واحدة؛ حرصًا على صحة الشيخ ومرضه الصعب.
لم يكن الشيخ أبو إسحاق الحويني هو الداعية السلفي الوحيد الذي قرر الظهور مرة أخرى في الفضائيات السلفية لتقديم برنامج ديني جديد؛ حيث لحقه في هذا صديقه وشريكه محمد حسين يعقوب الذي أعلن هو الآخر عودته إلى قناة "الندى" الفضائية وتقديم أكثر من برنامج ديني يتفق عليها مع فريق الإعداد في القناة في الفترة المقبلة.
ومن العائدين أيضًا بشكل دوري ومستمر إلى الفضائيات السلفية، الداعية الشهير محمد حسان الذي كشفت مصادر مقربة منه- رفضت نشر اسمها- عودته رسميًّا إلى قناة الرحمة التي يمتلكها، وتقديمه لبرنامجه الديني.
وبدأ حسان بالفعل في تصوير حلقة جديدة من برنامجه- رفض المصدر تسريب موضوعها- كي تُذاع خلال الأيام القليلة القادمة ليتم الإعلان بعدها عن عودة الشيخ محمد حسان رسميًّا إلى الفضائيات السلفية من جديد، وبشكل مستمر، وليس مجرد حلقات متقطعة.
أما المفاجأة الكبرى، فكانت ما أعلنته قناة "الصحب والآل" السلفية المتخصصة في مواجهة الفكر الشيعي وانتشار التشيع في مصر، وذلك بعد أن أكد وليد إسماعيل- أحد مؤسسي القناة- في تصريح له على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تواصله مع الشيخ محمد إسماعيل المقدم- القطب السلفي الكبير وأحد مؤسسي الدعوة السلفية بالإسكندرية- وإقناعه بتقديم عدة حلقات على قناته الفضائية، يتحدث فيها عن الشيعة، ومخاطر تواجدهم في مصر، ونقد أفكارهم ومذهبهم.
محمد إسماعيل المقدم رفض في أوقات سابقة الخروج في أي فضائية رغم الإغراءات المالية الكبيرة له لمجرد الظهور كضيف، وأصر على البقاء في الظل بعيدًا عن المشاكل التي تواجهها الدعوة السلفية وذراعها السياسي حزب النور في المجتمع المصري، مكتفيًا بكتبه، ومحاضراته في المساجد المختلفة التي جعلته يستقيل من منصبه بالدعوة السلفية مؤخرًا، ويكتفي باختياره مستشارًا لها بعد تحويلها إلى جمعية قانونية مشهرة.
وفي هذا الصدد، احتفل أبناء الدعوة السلفية وحزب النور بقرار المقدم بالظهور فضائيًّا من جديد، متمنين أن تملك الدعوة السلفية قناة فضائية هي الأخرى، وهذا بالفعل ما يجهز له برهامي الذي سيكون هو الآخر من ضمن المنضمين إلى الفضائيات في مجال الدعوة؛ لتكون بذلك نهايات عام 2015 وبدايات عام 2016 هو موسم عودة السلفيين إلى الفضائيات.
ولا نغالي بحال من الأحوال عندما نصف مشايخ الدعوة السلفية في القاهرة بفقهاء داعش، ولا نتهمهم بشيء ليس فيهم، فهناك الكثير من الفتاوى التي تم إصدارها من قبل هؤلاء المشايخ أقل ما توصف به أنها فتاوى تدعو للتطرف والإرهاب وإقصاء الآخر واستحلال ماله ودمه وعرضه، وتلك الفتاوى منشورة إما في كتب خطها هؤلاء بأيديهم، أو في مقاطع فيديو منتشرة على موقع اليوتيوب، والمشكلة التي سوف نواجهها في حال عودة هؤلاء الى القنوات التليفزيونية، أننا نقوم بتوسيع دائرة الدعوة إلى الإرهاب وليس القضاء عليه، فلم يملك هؤلاء المشايخ خطابًا دينيًّا معتدلًا، بل يكرسون لذلك الخطاب الوهابي الذي يضطهد المرأة والأقباط والآخر أيًّا كان هذا الآخر، ويقوم بتكفيره مستندًا إلى مرجعياته الدينية المتشددة بداية من أحمد بن حنبل وابن تيمية وصولًا إلى محمد بن عبد الوهاب، ومرسخًا لتلك العادات النجدية التي جعلها محمد بن عبد الوهاب من ركائز الدين الإسلامي.
وفي نفس السياق استنكر الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، عودة الشيخين السلفيين أبو إسحاق الحويني، ومحمد حسين يعقوب، مرة ثانية إلى المشهد الديني.
واعتبر "كريمة" في تصريحات صحفية هذه الخطوة بالرجوع للخلف، متوقعًا أن تظهر مجددًا إلى الترويج للمفاهيم الدينية المغلوطة، والاختلاف في الخطاب الديني المقدم.
ووصف عودة "الحويني" و"يعقوب" بعودة منظري "داعش" في مصر، مشيرًا إلى أنهم سيقدمون وجبات تحمل الفكر المتطرف للمصريين.
وفي وقت سابق قد أطلق ما يعرف بـ"ائتلاف المسلمين للدفاع عن الصحب والآل"، رسميًا قناة جديدة لهم تحت عنوان "الصحب والآل" والتي بثت أول برامجها بالهجوم على الشيعة وإعلان وقوفها أمام تحركاتهم؛ مما أثار رد فعل قويًّا من قيادات الشيعة داخل مصر، الذين أبدوا استياءهم من الحكومة المصرية لموافقتها على إعطاء حقوق البث للقناة.
وذكرت القناة في بيان انطلاقها أن "عددًا كبيرًا من الفضائيات انتشرت بصورة كبيرة وملفتة للنظر، بغرض الطعن في الإسلام والصحابة وبث السموم والكذب والضلال والتضليل في بيوت المسلمين، هذه الفضائيات يرعاها وينفق عليها قادة الشيعة في كل مكان لنشر التشيع في أرجاء العالم، لذلك تم إطلاق القناة دفاعا عن سنة النبي وصحابته وآل بيته".
وقال وليد إسماعيل، القيادي السلفي ومؤسس القناة: إن الهدف من القناة وضعها سدًّا منيعًا وحصنًا واقيًا ضد شبهات الشيعة الذين يحملون الحقد الدفين والأفكار الهدامة التي يستخدمونها في تشويه صورة الإسلام - بحسب قوله، وتم تدشينها لتكون أول قناة سُنِّية ضد الشيعة على مدى "النايل سات".
وليد إسماعيل نفسه أكد في تصريحات سابقة أن القناة لها أهداف ثلاثة: وهي مواجهة "الشيعة والإلحاد والتنصير"، وأنها ستلجأ لرصد مرشحي الشيعة في الانتخابات البرلمانية القادمة، ودخولهم في تحالفات مع قيادات وأحزاب صوفية.
وتم التنويه إلى أنهم انتهوا من تجهيز كل معداتها بواسطة "التبرعات"، وتم تسجيل حلقات للشيخ محمد الزغبي، الداعية الإسلامي والشيخ مصطفى العدوي، المشرف العام للقناة، لعرضها فور البث لمحاربة "المد الشيعي".
القناة السلفية أثارت غضب قيادات التيار الشيعي في مصر، وقال الدكتور أحمد راسم النفيس، القيادي الشيعي في تصريحات لـ"البوابة": إن القناة لم تأسس بالتبرعات بل كان مصدرها عدة طرق رئيسية، أما عن طريق غسل الأموال أو مدفوعة من أجهزة مخابرات دول بعينها، بقوله: "هذه القناة التي أسست لم تكن مصرية خالصة وشأنها شأن القنوات الفضائية الخاصة الموجودة في مصر، فلم تكون بأموال مصرية خالصة، وعليها علامات استفهام سواء بغسيل أموال أو أجهزة مخابرات ودول أخرى".
ووجه النفيس، التهمة لأجهزة الدولة التي سمحت بإعطاء البث لوليد إسماعيل وقيادات التيار السلفي بإنشاء قناة لمهاجمة الشيعة وإعطاء الترخيص لهم، مشيرًا إلى أن الحكومة إذ لم ترد هذه القناة كانت أوقفت ترخيصها من البداية، ولم تسمح لها بالبث عبر "النايل سات" أو أي قمر صناعي آخر، موجهًا سؤاله إلى الحكومة: "هل تتفقون مع وليد إسماعيل في الرؤية وتخوضون معهم معركة مشتركة؟". متهمًا السلطة بالتقاعس عن أداء واجبها وتطبيق الدستور الذي يدعو لمناهضة التميز.
وانتقل القيادي الشيعي، إلى الهجوم على وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة بسبب عدم تدخله في مسألة القناة بجانب موقفه الأخير بإغلاق ضريح "الحسين" يوم عاشوراء، بقوله: "رسالة همجية تدميرية وجهت بغلق الحسين فجمعة يسب الدين لنفسه"، وذلك باعتبار أن ضريح الحسين له رمزية حضارية كبيرة وإغلاقه بمثابة إهانة للهوية واعتبر القلة الشيعية في مصر هم هويتها الأساسية رجوعًا الى العصر الفاطمي.
وتابع النفيس: "إن الشيعة أصحاب حضارة في العالم العربي، وإن العالم العربي والإسلامي يتعرض لحملة إرهابية كبيرة"، متهمًا ما وصفه بـ "التيارات السلفية الإرهابية" بأنها المسئولة عن العنف والإرهاب في مصر والوطن العربي.
في سياق متصل، هاجم محمد علاء أبو العزائم، شيخ الطريقة العزمية الصوفية ورئيس الاتحاد العالمي للطرق لصوفية، التيار السلفي، واعتبرهم يصطنعون "فتنة" بأفعالهم.
وتابع أبو العزائم: "السلفيون عملاء، وهم سبب الفتنة بين المسلمين بعضهم البعض لدعوتهم لتقسيم المسلمين ما بين مسلم ومتطرف وغيره، ولسنا عملاء لأحد فالإخوان والسلفيون عملاء لإسرائيل وأمريكا".
وكأنه لا أحد يعلم عاقبة عودة هؤلاء إلى الفضائيات ونشرهم للفكر الوهابي.