دائمًا تغيب أحداث السيول والأمطار الغزيرة عن عيون المؤرخين، الذين لم يقوموا بتدوين ارتفاع منسوب مياه البحر في الإسكندرية وإغراقه عدة أحياء سكنية في نهايات العصر البطلمي في مصر. 
تظهر الصورة التي تكشف "بوابة الأهرام" حكايتها قيام الشرطة بعقاب المتلاعبين بأقوات الشعب في ميدان عام، وهي القصة الحقيقية للصورة، فأغلب الذين يقومون بنشر الصورة حاليًا لا يعرفون تاريخها وارتباطها بالسيول والأمطار الغزيرة في قنا، وقيام الواقع عليهم العقاب بالتسبب في مجاعة وسرقة قوت 5 آلاف مواطن في محافظة قنا. 
في العصور التي شهد التاريخ فيها حركة تدوين حقيقية كانت السيول والأمطار المدمرة التي شهدتها كافة المحافظات المصرية مدونة وإن كانت شذرات بسيطة، حيث كانت الشذرات القليلة تقوم غالبا بعرض مجهودات الحكام والسلاطين إلا أنها لم تعرض حالة الضحايا والمغلوبين على أمرهم من المواطنين إلا نادرا. 
في العصر الحديث، وقبل ظهور عالم الإنترنت، شهدت الكوارث الطبيعية التي ضربت مصر حركة تدوين من المواطنين القدامى في أجندات قديمة، ففي خمسينيات القرن الماضي دون "الشيخ هاشم الفوال"، أحد مشايخ الطرق الصوفية بقنا عدة سطور في أجندة قديمة لذكر السيل المدمر، كما يؤكد الباحث ضياء العنقاوي، لافتا إلى أن المدونة الورقية التي تم تدوين فيها أعوام الموتى وصفت السيل بأنه كان مدمرا لقنا وناسفا لمبانيها القديمة العتيقة. 
الأجانب والرحالة وصفوا في مذكراتهم ما حدث لمصر وللآثار الفرعونية للفيضانات المدمرة، حيث وصف جورج ليجران مدير آثار مصر العليا تساقط 19 عمودا جراء سيل 1899م من صالة الأعمدة بمعبد الكرنك بالأقصر بعد انحسار مياه الفيضان، وقال مدير آثار مصر العليا إن التساقط أحدث صوتا كالزلزال بعد انحصار مياة الفيضان التي هبطت في أساسيات المعبد والتي أدت لتساقط الأعمدة.
في نوفمبر من عام 1923م، وفي ديسمبر من عام 1944م، وفي نوفمبر من عام 1949م، حدثت سيول في محافظة قنا، أما السيل الأكبر المدمر فقد حدث يوم الأحد 9 ديسمبر عام 1954م الذي أدى إلى تشريد 5 آلاف مواطن، كما يؤكد ضياء العنقاوي لافتا إلى أن الصحف المصرية آنذاك ومنها جريدة الأهرام تابعت الكارثة بكافة تفاصيلها. 
يؤكد الباحث التاريخي ضياء العقباوي أن السيل المدمر في عام 1954م ترك آثارا مدمرة على المدينة وكاد يمحو المدينة من الخريطة، وكان من المناطق المنكوبة منطقة سيدي عمر والصهاريج والشنهورية وشارع الجميل وطاحونة سفينة وكوم عنيبس والمنشية الجديدة، كما دمرت من النجوع نجع السيد ونجع المعنا والنحال وعدة قري بدشنا. 
تصدرت جريدة الأهرام في المانشيت الرئيسي صبيحة يوم السيول الجارفة بـ"سيول جارفة تجتاح 500 منزل في قنا"، وعدة عناوين فرعية، منها: "الماء يغمر المدينة ويبلغ ارتفاعه مترا في شوارعها"، و"إيواء المنكوبين في المدارس والمساجد وتوزيع الأغطية عليهم". 
كان من قوة السيل المدمر الذي أدى لتشريد 5 آلاف مواطن كما يقول العنقاوي إعطاء الأمر للجيش بالنزول وقيام البكباشي حسين الشافعي وأحد أعضاء ثورة الضباط الأحرار بالنزول للمحافظة ومشاركة الجيش في الإغاثة. 
في عدد الأهرام في ديسمبر 1954م قالت الأهرام: "السيول تجرف سفاجا بعد قنا "و5 آلاف من سكان قنا بلا مأوى"، كما حفلت عناوين الصحف "وزير الشئون الاجتماعية يأمر بجلد المتلاعبين بأقوات المنكوبين". 
يؤكد ضياء العنقاوي أن التجار قاموا برفع الأسعار وإخفائها كما قاموا بالتلاعب في الدقيق مما أدى إلى غضب شديد من المواطنين مما أدى الحكومة إلى اتخاذ إجراء الجلد في الشوارع علانية ضد التجار والمتلاعبين بقوت الشعب حيث تم تصوير العقاب في صورة ما زالت موجودة ومنتشرة. 
تم عقاب المتلاعبين بأقوات الشعب في ميدان عام أمام المواطنين في ميدان المحطة لقيامهم بالتسبب في مجاعة وقامت الحكومة باتخاذ تدابير للحد من الكارثة، حيث تم تغيير محافظ قنا وهو الأميرالاي محمد عزمي الديب وتعيين حاكم عسكري لإدارة الأزمة بدلا منه كما حددت عناوين الصحف آنذاك. 
قالت الأهرام في عدد 29 ديمسبر إنه تم توزيع 100 ألف جنيه لمعسكر للرجال وآخر للنساء والأطفال "كإعانة للمنكوبين وقام المحافظ الجديد الأميرالاي أركان حرب محمد عثمان الذي كان يشغل منصب نائب رئيس هيئة الامتداد والتموين ببناء مدينة قنا الجديدة. 
حدثت عدة سيول بعد السيول الكاسحة في خمسينيات القرن الماضي في عام 1973م وفي ديمسبر 1979م وفي يونية 1979م وهي السيول التي أدت لقيام الحكومة ببناء 20 نفقا لتصريف المياه كما يؤكد ضياء العنقاوي، لافتا إلى أن الأنفاق كانت تستوعب لتصريف 157 مترا مكعبا من السيول. 
وأضاف أن سيول عامي 1994م و1996 التي دمرت عدة قرى في قنا كان من نتيجتها هدم 8 أنفاق تتسع من 30 إلى 50 مترا مكعبا من المياه، مما أدى إلى تشريد مئات المواطنين. 
وحذر ضياء من أن محافظة قنا ستكون مقبلة على سيول كاسحة بسبب عدم وجود بنية تحتية سليمة، لافتا أن السيول لو جاءت لقنا ستكون كارثة ربما توازي سيل خمسينيات القرن الماضي بسبب البناء العشوائي بالقرب من مصدات السيول مما سيؤدي إلى كارثة حقيقية أشد من كارثة الإسكندرية.