فى متابعة منها لآخر التطورات على الصعيد السياسى التونسى، وبعد تشكيل الحكومة التونسية الجديدة، نشرت إذاعة راديو"دويتشة فيلة" الألمانية تقريراً تحت عنوان، "هل سيتوقف دور المؤسسة العسكرية على إسقاط بن على؟".

وتساءلت الإذاعة الألمانية، هل سيظل الجيش التونسى على الحياد، أم أنه من الممكن أن يلعب دوراً سياسياً مباشراً بعدما لعب دوراً أساسياً فى إسقاط الرئيس بن على؟

من ناحيتهم، أعرب مراقبون غربيون للإذاعة الألمانية، عن اعتقادهم بإمكانية تولى رئيس أركان الجيش التونسى الجنرال رشيد عمار مهمة رئاسة البلاد فى حال حدوث فراغ قيادى فى البلاد، أو صعود تحدى الإسلاميين للسلطة، الذين استبعدوا من الساحة السياسية خلال عهد الرئيس السابق.

ومن جهة أخرى، استبعد عبد السلام مغراوى، أستاذ العلوم السياسية فى جامعة ديكه الأمريكية، هذا السيناريو لأسباب جاء على رأسها، حياد المؤسسة العسكرية ويقظة ووعى المجتمع المدنى والحركة السياسية التونسية المدعومة الآن بانتفاضة شعبية غير مسبوقة فى العالم العربى.

بينما يرى كمال بن يونس رئيس تحرير مجلة دراسات دولية بتونس، أن الجيش يحظى بتقدير كبير من قبل التونسيين، وله فضل كبير فى إعادة الأمن للبلاد، وتأمين عملية الانتقال السياسى، مضيفاً: "تلتزم المؤسسة العسكرية لحد الآن باحترام دستور البلاد، الذى يمنع على الجيش التدخل فى السياسة مباشرة، وهى ملتزمة بوعدها فى الحياد إزاء العملية السياسية التونسية".

وأشارت الإذاعة الألمانية إلى إمكانية تولى الجيش التونسى القيادة بسبب حالة الفراغ القيادى الذى تعيشه تونس، بعد إسقاط رئيسها وغياب شخصية سياسية تحظى بالإجماع، بسبب سياسة الرئيس السابق، المتمثلة فى إبعاد كل المرشحين المحتملين لخلافته، وقمعهم سواء من داخل النظام، أو من المعارضين.

وفى حوار لإحدى الصحف الفرنسية أعرب الأدميرال جاك لانكساد، رئيس أركان الجيش الفرنسى السابق والسفير الأسبق فى تونس، عن اعتقاده بأن "قرار قيادة الجيش برفض قمع الانتفاضة الشعبية بخلاف ما فعلت أجهزة الشرطة، كان له أثر حاسم فى سقوط الرئيس بن على، ويمكن للجيش أن يكون عنصراً ضامناً للاستقرار، وتجاوز حالة الفوضى التى تشهدها البلاد".

وفى تعقيبه على إمكانية تطور دور الجيش ودخوله كلاعب مباشر فى الحياة السياسية، أوضح بن يونس، أن "تقاليد الحياد عن تسيير الشأن العام السياسى والاقتصادى متجذرة لدى المؤسسة العسكرية فى تونس منذ تأسيسها"، مشيراً إلى أن تدخلها فى الأحداث السياسية كان تاريخياً ومنحصراً فى "إعادة الأمن وعدم التدخل مباشرة فى الحياة السياسية".

وأضاف بن يونس، أن الجيش التونسى يحظى "بتقدير ومحبة التونسيين على نطاق واسع" بسبب "عدم تورط الجيش فى الحياة السياسية أو قضايا فساد اقتصادى، وتركيز دوره على حماية أمن البلاد من المخاطر الخارجية، وتولى المهمات المدنية مثل تشييد مشاريع تنموية ضخمة، والتدخل فى حالات الكوارث الطبيعية، وقيامه بمهمات إنسانية أو حفظ السلام فى الخارج فى إطار الأمم المتحدة".

وفى تقرير لمجلس العلاقات الخارجية الأمريكى، أشار خبير فى شئون شمال أفريقيا، ستيفن كوك، إلى احتمال صعود الإسلاميين من جديد فى تونس بعد سقوط نظام بن على، الذى كان يقدم نفسه للغرب على أنه الحصن ضد صعود الإسلاميين، مما قد يطرح على الجيش تحديات جديدة، وبالتالى "دوراً سياسياً أكبر من الذى يقوم به لحد الآن".