في ضوء قراءة المعطيات الإقليمية خلال عام‏2010,‏ فإنه يمكن القول إن ثمة ثلاثة مصادر رئيسية شكلت‏-‏ وما زالت تشكل‏-‏ مصدر قلق لدول مجلس التعاون الخليجي‏.

 يأتي في مقدمتها الملف النووي الإيراني وهو أمر أقر به عدد من كبارالمسئولين بها علي رأسهم عبد الرحمن بن حمد العطية الأمين العام للمجلس‏,‏وجوانب القلق قد لايكون مبعثها المنشآت النووية التي تمتلكها إيران‏-‏ وإن كانت هناك مخاوف من التأثيرات البيئية أبدتها بعض دول المنطقة مثل‏:‏ الإمارات والكويت من مفاعل بوشهر خاصة مع بدء تشغيله قبل فترة قصيرة‏-‏ ولكن من تداعيات الأزمة بين طهران والغرب خصوصا الولايات المتحدة التي تقود التحرك الدولي الرامي إلي إجهاض أي قدرات يمكن أن تمتلكها طهران لبناء برنامج نووي ذي طبيعة عسكرية وتهدد في هذا السياق بإمكانية شن عمل عسكري وهي إمكانية تحظي بالتحريض من قبل إسرائيل علي الدوام وهو أمر يلقي بظلاله علي منطقة الخليج خصوصا علي دول مجلس التعاون الخليجي والتي بالرغم من رفضها للخيارالعسكري في التعامل مع الملف النووي الإيراني‏,‏ فإنها قد تجد نفسها متورطة علي نحو أو آخر في العمليات العسكرية مما يفاقم من خسائرها علي صعيد التنمية والتي حققت فيها معدلات أداء مرتفع خلال السنوات الأخيرة

وثاني هذه المصادر يتجسد في حالة عدم الاستقرار التي تسود الدولة الجارة العراق والتي تعاني من حالة سيولة أمنية لم تتمكن معها من مواجهة القوي التي تسببت في التفجيرات التي تطال مختلف المدن والمؤسسات والأماكن الدينية وتودي بحياة عشرات الأبرياء من البشر ولعل ذلك ناتج عن النزاعات التي تسعي إلي تكريس مفاهيم الانقسام الطائفي والمذهبي‏,‏فضلا عن غياب عدالة توزيع الثروة والتي باتت من نصيب الفئات الوافدة مع سلطات الغزو والاحتلال مما أفضي الي سوء وضعية الخدمات والمرافق العامة وانتشارالمهمشين واتساع دائرة الفقر‏,‏فضلا عن تكشف أدواربعض المسئولين العراقيين الحاليين في عمليات تتعلق بإهدار حقوق الإنسان ولاسيما ضد المعتقلين في سجون بعضها يأخذ طابعا سريا‏,‏ والأهم من كل ذلك تهميش قوي سياسية واجتماعية بل عسكرية بحسبانها تنتمي إلي النظام السابق‏,‏ بالإضافة إلي سيادة قيم مغايرة للمنظومة الاجتماعية العراقية وردت مع القوات الأمريكيةأما فيما يتعلق بالمصدر الثالت ويتمثل فيما أطلق عليه وزراء داخلية دول المجلس خلال اجتماعهم في شهر نوفمبر الماضي بالكويت بالجماعات الإرهابية‏-‏ والمقصود بها تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية‏-‏ والتي لاتكف عن تهديد أمن دول المنطقة وكانت آخر تجليات ذلك ما وقع في البحرين قبل أكثر من شهرين ومن قبل وبعد المملكة العربية السعودية التي خاضت وما زالت تخوض حربا شعواء ضد القاعدة‏.‏ونجحت في مطلع شهر ديسمبر الحالي من توجيه ضربة قوية لهذا التنظيم عبر تفكيك شبكة إرهابية واسعة داخل البلاد بالتنسيق مع غيرها من دول المجلس‏,‏ وفي السياق ذاته فان دول المجلس أكدت إصرارها علي تقديم مختلف ألوان الدعم والإسناد للحكومة اليمنية في مواجهتها مع الجماعات المنتمية لهذا التنظيم والتي تشكل بالفعل ما يشبه الشوكة في خاصرة أمن المنطقة‏,‏وتجلي ذلك بشكل واضح في العون الاستخباراتي الذي قدمته الرياض للكشف عن إرسال الطرود البريدية الناسفة خلال شهر أكتوبر الماضي التي تم إرسالها إلي الولايات المتحدة وعدد من العواصم الأوروبية مما أدي الي إجهاض تأثيراتها‏.‏