لم يشأ عام‏2010‏ أن يسقط أوراقه الأخيرة‏,‏ قبل أن يضيف إلي أوجاع العرب آلاما‏..‏ ويزيد من احباطتهم‏..‏ ولا يترك لهم بصيصا من أمل يستقبلون به العام الأول من العقد الجديد‏.‏

فها هي قضية العرب الأولي تزداد تأزما وتعقيدا‏..‏ بعد أن إزداد سراب إقامة سلام عادل وشامل في المنطقة بعدا‏,‏ بسبب تعنت السياسات الاسرائيلية التي لم تفلح معها وعودا أمريكية‏,‏ ولا ضغوطا دولية‏..‏ حتي تلاشي حلم قيام دولة فلسطينية مستقلة بعد كل الجهود المبذولة طوال السنوات الماضية‏..‏ لدرجة جعلت القوة العظمي الأولي في العالم وراعية السلام الكبري‏,‏ تسلم بكل متطلبات اسرائيل‏,‏ وتعزف علي أنغام رئيس وزرائها‏,‏ نيتانياهو وتعلن علي الملأ أنها لن تطالب حليفها الاسرائيلي‏,‏ بوقف بناء المستوطنات رغم تأكيدها أنها غير شرعية وغير قانونية‏.‏

وها هي دولة السودان‏..‏ في طريقها أن تصبح دولتين بعد أيام قليلة من إطلالة العام الجديد‏,‏ بمجرد إجراء الاستفتاء المزمع في التاسع من شهر يناير المقبل‏.‏

ولا يقتصر خطر التقسيم علي السودان وحده‏..‏ وإنما يمتد أيضا إلي العراق‏..‏ الذي انطلقت من داخله دعوة للإنقسام علي لسان أكبر مسئول في كردستان‏..‏ بعد أن لوح مسعود برزاني رئيس الأقليم‏,‏ بضرورة تحقيق الحكم الذاتي لإقليمه‏..‏ وهو ما أفسد فرحة تشكيل الحكومة الجديدة التي أعلنها رئيس الوزراء نوري المالكي بعد أيام من دعوة برزاني‏,‏ ولسان حاله يقول تقسيم العراق يبدأ من كردستان‏..‏ ولن تفلح بوادر الاستقرار السياسي النسبي وتراجع وتيرة العنف في البلاد‏.‏

ولا يبتعد اليمن أيضا عن مخاطر التقسيم والانفصال بعد أن تراكمت في سمائه سحب الخطر مع تلاقي مثلث الدم والنار الذي يمثله حرب القاعدة و تمرد الحوثيين في الشمال‏..‏ ودعاوي الانفصال في الجنوب‏,‏ الأمر الذي يهدد كيان الدولة‏,‏ ويستنزف مواردها المحدودة في حروب علي كافة الجبهات‏.‏

 وفي لبنان‏:‏ تتجسد حاليا مخاوف حرب جديدة في العام الجديد‏,‏ تكرر مأساة حرب صيف‏2006,‏ بين حزب الله وإسرائيل في الجنوب‏,‏ يدفع اللبنانيون بسببها فاتورة باهظة الثمن هم في غني عنها في وقت تتطلع فيه الأنظار إلي تحقيق الاستقرار السياسي في بيروت والتخلص من تداعيات مسألة المحكمة الدولية في حادث أغتيال رفيق الحريري‏.‏

 وفي الخليج‏..‏ مازالت المخاطر والتوترات الأمنية تسكن المنطقة من جراء وجود ثلاثة مصادر للتهديد‏,‏ أولها‏:‏ الملف النووي الإيراني‏,‏ وثانيها‏:‏ تداعيات ما يحدث في العراق‏,‏ وثالثها‏:‏ تنظيم القاعدة‏,‏ والذي بالرغم من خفوت صوته نسبيا‏,‏ ما زال يشكل حالة إرباك للمعادلة الأمنية وهو ما تجلي خلال‏2010 في كل من السعودية والبحرين‏,‏ وإن كانت سلطات الأمن فيهما قد تمكنت من إجهاض تمدده‏.‏

والخلاصة أن العرب يودعون العقد الماضي بإنتكاسات عديدة وإنكسارات مذلة وإنقسامات مؤكدة‏..‏ لم تترك لنا بصيصا من أمل نستقبل به العام الأول من عقد جديد‏.‏