في اليوم العشرين من رمضان 8هـ، 10 يناير 630م، دخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة فاتحًا، وسبب الفتح هو أن قبيلة قريش انتهكت الهدنة التي كانت بينها وبين المسلمين، وذلك بإعانتها لحلفائها من بني بكر في الإغارة على قبيلة خزاعة، الذين هم حلفاءُ المسلمين، فنقضت بذلك عهدَها مع المسلمين الذي سمّي بصلح الحديبية.
 
وردا على ذلك، جهز الرسول جيشا قوامه عشرة آلاف مقاتل لفتح مكة، وتحرك الجيش حتى وصل مكة، فدخلها سلما بدون قتال، إلا ما كان من جهة القائد المسلم خالد بن الوليد، وقام الرسول بتكسير الأصنام الموجودة حول الكعبة، وأسلم أغلب أهل مكة، وعفا عن البعض وقال لهم "اذهبوا فأنتم الطلقاء".
 
 
لكن النبي في هذا الفتح، ومع عظم الحدث لم ينس الوفاء لزوجته وقرينة قلبه السيدة خديجة بنت خويلد، فعندما اقترب النبي من مكة أمر أن تقام له خيمة يدير منها المعركة، واختار أن تكون هذه الخيمة بجوار قبر السيدة خديجة بالحجون.
 
وكان النبي يصلي في هذه الخيمة ويقرأ القرآن، ويباشر حياته من أكل وشرب ونوم، وإصدار الأوامر للمسلمين، بعد وفاة السيدة خديجة بأكثر من عشر سنوات.
 
تصف بنت الشاطئ الدكتورة عائشة عبد الرحمن في كتابها "نساء النبي"، حال النبي وابنته فاطمة في هذا اليوم، وحنينهم إلى الذكريات، فتقول:
 
"وهناك كانت فاطمة غير بعيدة من أبيها، ترقد ساهرة في فراشها يقظى لا تنام، كم شاقها في ذلك الليل الساجي أن تتمثل أمها خديجة، وهي تطل من علالها على حبيبها النبي في يومه الأغر الميمون؟، وكم شجاها أن تتمثل شقيقتيها زينب ورقية الراقدتين بيثرب، تسرى روحاهما إلى البلد العتيق الذي لم يكتب لهما رجعة إليه، فتطيفا بمن بقى من الأهل والأحبار وتشاركا في فرحة النصر المؤزر.. لكن أباها لم ينس، وها هو يعهد إلى أمرائه من المسلمين ألا يقاتلوا إلا من قاتلهم".