انتقد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التسريبات الواردة في الوثائق الدبلوماسية الأميركية الجديدة التي كشف عنها موقع ويكيليكس بشأن مطالبة قادة عرب واشنطن بوقف البرنامج النووي لبلاده، ووصفها بأنها خبيثة. يأتي ذلك في وقت التزمت فيه عدة دول عربية الصمت حيال هذه التسريبات.
وقال أحمدي نجاد إن دول المنطقة جميعها صديقة مع بعضها البعض، وإن ما وصفه بالخبث الوارد في الوثائق لن يؤثر على علاقات إيران بدول الجوار.
وكشفت حزمة وثائق ويكيليكس الأخيرة التي نشرتها عدة صحف عالمية ضمن أكثر من ربع مليون وثيقة سرية صادرة عن السفارات الأميركية حول العالم، أن السعودية والبحرين كانتا من بين الدول التي حثت الولايات المتحدة وبشدة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية.
وتقول إحدى الوثائق إن أحد المسؤولين السعوديين ذكّر الأميركيين بأن الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز طالبهم مرارا "بقطع رأس الأفعى" قبل فوات الأوان، في إشارة إلى إيران.
وفي وثيقة أخرى يقول ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة للقائد العسكري الأميركي الجنرال ديفد بترايوس إن "هذا البرنامج يجب وقفه.. إن خطر تركه يفوق خطر الإقدام على وقفه".
وفي برقية يعود تاريخها إلى مايو/أيار 2005، حث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد العام للقوات المسلحة بدولة الإمارات أحد الجنرالات الأميركيين على استخدام القوات الأرضية في إزالة المنشآت النووية الإيرانية.
أما سلطنة عمان -تشير إحدى البرقيات- فقد حثت الأميركيين على التأني في قراراتها والتفحص الدقيق في مطالبات الزعماء العرب بشن الحرب على إيران، وما إذا كانت مبنية على العواطف أم على المنطق.
ومن جهتها أفادت برقية أن التشبيه الأكثر شيوعا الذي استخدمه المسؤولون الأردنيون عند مناقشة البرنامج النووي الإيراني، هو أن إيران مثل الأخطبوط الذي له مخالب ويحاول الوصول بدهاء إلى ما يريده من خلال ذلك.
شأن فلسطيني
وبخصوص الشأن الفلسطيني سلطت وثيقة مسربة الضوء على تصريح للسفير الأميركي في مصر فرانسيس ريتشاردوني عام 2008 تضمن الإشارة إلى أن رئيس جهاز المخابرات المصرية عمر سليمان أبلغه بأنه إذا سارت المفاوضات بسرعة، ربما تضطر حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للتنازل عن السلطة في غزة خلال ثلاثة أو أربعة أشهر.
وفي نفس الموضوع كشف الموقع أن وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمرت دبلوماسيين أميركيين بجمع معلومات عن قادة حماس والسلطة الفلسطينية من خلال برقية موجهة إلى السفارات الأميركية في مصر وإسرائيل وعمان ودمشق والرياض.
وفي سياق متصل كشفت برقية صادرة عن السفارة الأميركية في تل أبيب أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أبلغ وفدا من الكونغرس الأميركي العام الماضي بأن إسرائيل أجرت اتصالات مع مصر والسلطة الفلسطينية قبل شن عملية "الرصاص المصبوب" على غزة.
وفي برقية دبلوماسية أخرى تعود لعام 2007 عبر رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية (موساد) مائير داغان عن وجهة نظر سلبية حول القيادة الفلسطينية، بالقول إنه بعد عقد على محاولة التوصل إلى اتفاق نهائي مع الفلسطينيين فإنه لن يتم إبرام شيء.
أما بالنسبة لدول الخليج العربي والأردن فقال داغان إنها جميعها تخاف إيران، ولكنها تريد أن يقوم شخص آخر بالعمل نيابة عنها.
ووصف داغان قطر -حسب الوثيقة- بأنها مشكلة حقيقية، معتبرا أنها تلعب كل الأدوار في مسعى لتحقيق الأمان ودرجة من الاستقلالية.
وعبر داغان للأميركيين عن أنه يجب نقل القواعد الأميركية من قطر، مشيرا إلى أن الوجود الأميركي هو الذي يمنح هذه الدولة الثقة.
كما عبر بسخرية عن أن قناة الجزيرة قد تكون السبب القادم للحرب في الشرق الأوسط، لا سيما أن بعض القادة العرب -حسب قوله- على استعداد لاتخاذ خطوات قاسية لإغلاق القناة ويحمّلون أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني شخصيا مسؤولية استفزازاتها.
وأظهرت وثيقة أخرى تتعلق بالشأن التركي ابتعاد أنقرة عن تل أبيب ونزوحها نحو المحور الإيراني السوري، مضيفة أن أنقرة باتت تبدي تعاطفا أكبر مع حركة حماس كأنها خطوات على مسار حددته يوصلها إلى أن تصبح قوة إقليمية عظمى.
ونسب إلى تركيا أنها ساندت فرع تنظيم القاعدة في العراق, وأن الولايات المتحدة قدمت في المقابل دعما لمقاتلي حزب العمال الكردستاني المتمردين على تركيا.
وفي شأن عربي آخر نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن إحدى البرقيات أن الزعيم الليبي معمر القذافي غضب من الاستقبال الذي خصص له خلال زيارته إلى نيويورك في سبتمبر/أيلول 2009، فامتنع عن الوفاء بوعد قطعه بتسليم روسيا كمية من اليورانيوم موجودة في بلاده.
وكانت الإدارة الأميركية قد أعلنت في وقت سابق رفضها التفاوض مع موقع ويكيليكس بشأن نشر هذه الوثائق والمعلومات والاستنتاجات.
يذكر أن ويكيليكس نشر قبل أسابيع نحو 400 ألف وثيقة سرية تتعلق أساسا بالحرب على العراق وأفغانستان، أثارت جدلا في مختلف أنحاء العالم.