رغم الصمت المطبق ورفض تعليق واشنطن على خبر مقتل العفري، القائد الفعلي لداعش، بعد إصابة أبوبكر البغدادي، وحتى قبل ذلك بكثير، وفي انتظار ما ستكشفه الأيام القادمة عن حقيقة الخبر من عدمه، إلا أن بعض التقارير الصحافية الأوروبية لم تتأخر في الربط، بين قصف الولايات المتحدة مكان وجود أبوعلاء العفري وعدد من القياديين الآخرين الكبار في تنظيم داعش، وإعلان الولايات المتحدةقبل أسبوع عن جوائز ومكافآت مالية هامة لمن يُدلي بمعلومات عن 4 قياديين بارزين في التنظيم وعلى رأسهم العفري نفسه، أو عبد الرحمان القادولي.
ورغم تأكيد العراق أن العفري قُتل بغارة لطيران التحالف، إلا أن الأخبار الأولية الواردة تشير إلى أن الغارة كانت عن طريق طائرة بلا طيار، الطائرات الخاضعة لوكالة المخابرات الأمريكية، ما يُعيد إلى الأذهان، بحسب ما قالته صحيفة الكوريريه دي لا سيرا الإيطالية على موقعها، اليوم الأربعاء، أن "العملية الدقيقة جاءت بعد أقل من أسبوع من إعلان وزارة الخزينة الأمريكية، تخصيص إجمالي 20 مليون دولار، لمن يدلي بمعلومات تسمح بالوصول إلى القياداي البارز، في داعش، المسمى عبد الرحمان القادولي المعروف باسم أبو علاء العفري، و3 من القياديين الآخرين"، فهل يعني ذلك أن للمكافأة دورها في تصفية هذا القيادي الكبير؟
قائمة وسابقة
وكانت الوزارة الأمريكية، رصدت 7 ملايين دولار مقابل رأس القادولي، في حين اكتفت برصد 5 ملايين لمن يُدلي بمعلومات تسمح بالوصول إلى كل من الجورجي طرخان باتيراشفيلي الشهير باسم أبوعمر الشيشاني، والسوري طه صبحي فلاحه، الشهير باسم أبو محمد العدناني، في حين رصدت 3 ملايين مقابل الوصول إلى التونسي طارق الحرزي.
وأشارت الصحيفة إلى أن التنظيم تعرض إلى ضربة قاصمة إذا صدقت الأخبار الواردة من وزارة الدفاع العراقية التي سارعت إلى إعلان خبر الغارة، التي لا يبدو أنها من تنفيذ القوات الجوية الكلاسيكية، بل من تنفيذ فرق الاغتيالات المتخصصة في وكالة سي أي ايه.
ويتزامن هذا الخبر مع التسريبات الأخيرة، عن دور مسؤول عسكري سابق في باكستان، في تسريب مكان وجود بن لادن في بلاده بعد رصد المخابرات الأمريكية مكافأة مماثلة بلغت 25 مليون دولار.
ضربة قاصمة
وباختفاء العفري، بعد إصابة البغدادي أو موته، وفي ظل الضربة التي تعرض لها التنظيم في ديسمبر بعد غارات استمرت أكثر من شهر على مواقع معينة في العراق، التي أفضت إلى تصفية عدد من قيادات الصف الأول، وعلى رأسها أبو مسلم التركماني، نائب البغدادي السابق، يدخل التنظيم فترة صعبة وخطيرة، وفق ما أشارت إلى ذلك وكالة الأنباء الإيطالية، ايه جي أي.
وقالت الوكالة على موقعها، إن تصفية العفري، تعني أن الولايات المتحدة الأمريكية، تستهدف الدائرة القوية في داعش في هذه الفترة، التي تضم العفري قبل مقتله، والشيشاني والعدناني والحرزي، إلى جانب أبوعلي الأنباري، وجميعهم مرشحون الآن وبدرجات مختلفة لتولي الزعامة بعد غياب العفري.
وقالت الوكالة: "رغم مكانته والحظوة التي يتمتع بها الشيشاني في الأوساط الداعشية، إلا أن أصله الجورجي وماضيه الملتبس يمنعه من الارتقاء إلى سدة القيادة بسبب رفض قيادات عراقية وعربية أخرى له، رغم دوره الحاسم في التخطيط الاستراتيجي العسكري".
عراقي سوري
وأوردت الوكالة أن الصراع ينحصر بين العدناني الوجه الإعلامي البارز للتنظيم، بفضل ماضيه الطويل في العمليات العسكرية في العراق منذ زعامة الزرقاوي للقاعدة في بلاد النهرين، وعلاقاته الواسعة بشبكات كثيرة في العراق وسوريا وفي خارجهما، تمتد من أوروبا إلى الولايات المتحدة وانتهاءً بأستراليا.
أما المنافس الحقيقي للعدناني حسب الوكالة فهو، أبوعلي الأنباري، والذي كان يشغل حتى آخر 2014، منصب نائب البغدادي في سوريا، وهو الذي نجح في الالتزام بالسرية والتخفي إلى درجة كبيرة، وفق الباحث في معهد بروكينز، شارلز ليسترالذي أكد أن الأنباري كان لواءً سابقاً في القوات المسلحة العراقية زمن صدام حسين، وبعثياً سامياً.
وأضافت الوكالة أن هذا الماضي البعثي الذي صنع قوته في وقت ما، سيكون أكبر عقبة في وجهه للوصول إلى منصب القيادة، بحكم رفض شخصيات مؤثرة لا تزال على قيد الحياة هذا الخيار.
أما المرشح الثالث حسب الوكالة الإيطالية، فهو التونسي، طارق الحرزي، المتخصص في تجنيد وإعداد الانتحاريين في صفوف داعش.
ولكن رغم أنه كان من أول الأجانب من غير العراقيين في صفوف التنظيم، منذ عهد الزرقاوي، ورغم دوره الحاسم في تأمين قنوات تمويل ودعم مالي ضخمة، ودوره الحيوي في العمليات الانتحارية إلا أن تواضع رصيده الديني وشرعيته السياسية المحدودة، ستكون من أبرز العوائق التي تمنع وصوله إلى سدة الزعامة، خاصة أنه ليس عراقياً ولا سورياً ليطمع في مثل هذا المنصب.