تعددت علامات الاستفهام على التصريحات الصحفية التي أدلى بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وأكد خلالها أن دول الخليج لديها حق في قلقها من تصرفات إيران خاصة وأنها دولة راعية للإرهاب، تساهم في نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتدعم حزب الله في لبنان، وحماس في قطاع غزة، وتساعد المتمردين الحوثيين في اليمن.
نوع من الغموض يحيط بتوقيت هذه التصريحات الأمريكية المهاجمة لطهران خاصة في ظل ملفات مشتركة تجمع الجانبين، منها التعاون العسكري الأمريكي الإيراني لمواجهة داعش في العراق، والملف النووي الإيراني، المزمع الانتهاء منه قبل نهاية الشهر المقبل.
"أمن إسرائيل، ترضية الخليج، مناورة"، هكذا تعددت الرسائل الخفية التي أراد أن يرسلها أوباما من خلال تصريحاته ضد إيران، بحسب دبلوماسيون، الذين أكدوا، أن هذه التصريحات لن تؤثر على الاتفاق النووي الإيراني، كما أنها تأتي فقط كنوع من جبر الخواطر لقادة الخليج، وتهدئة لإسرائيل المتخوفة من هذا التقارب ومناورة للضغط على إيران.
رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أبدى تعجبه من تصريحات أوباما، في ظل التعاون العسكري الأمريكي الإيراني لمواجهة داعش في العراق، وما يجمع كلا البلدين من مصالح مشتركة في منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى اتهام أوباما لإيران على أنها دولة راعية للإرهاب كنوع من ترطيب الموقف قبل انعقاد القمة الخليجية.
ولفت، إلى التقارب الأخير بين إيران والغرب الأوروبي وأمريكا وهو استدعى قلق دول الخليج، وعجّل من القمة الخليجية في كامب ديفيد في مايو الجاري، بدلا من سبتمبر، قبل الاتفاق النووي النهائي مع دول "5 + 1".
وأضاف، تصريحات أوباما إلى جانب أنها نوع من الترضية فإنها تأتي في إطار المصالح العامة مع دول الخليج، خاصة وأن التقرير السنوي، لوزارة الخارجية الأمريكية، لم يشر هذا العام أن إيران دولة راعية للإرهاب.
ورأى، أن هذه التصريحات لن تؤثر على الاتفاق النووي الإيراني، المزمع الانتهاء منه قبل نهاية الشهر المقبل، موضحا أن مباحثات النووي ليست ثنائية، ولكنها مع الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.
وتوقع، أن ترد إيران على هذه التصريحات، بخطاب شديد اللهجة، في إطار المباريات الإعلامية التي تقودها إيران، ضد التصريحات التي لا تروق لها.
من جانبه، قال نبيل بدر، مساعد وزير الخارجية، إن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما بهذه التصريحات أراد أن يرسل عدة رسائل مفادها أن الولايات المتحدة لا تتساوم مع إيران بالنسبة لأمن الخليج، مقابل المصالح الأمريكية الإيرانية أو ما تم الاتفاق عليه بينهما.

وأكد، أنها نوع من استرضاء إسرائيل، وتهدئة مخاوفها بالنسبة للاتفاق النووي بين أمريكا وإيران، مؤكدا أنها رسالة لها بأن الاتفاق النووي ليس معناه تجاوز مقتضيات أمنها في المنطقة.
وقال محمود فرج، سفير مصر السابق في إيران، إن مجلس الشيوخ الأمريكي لديه اعتراضات علي الاتفاق النووي، بالتالي هذه التصريحات مجرد مناورة للضغط علي إيران، مؤكدا أن الاتفاق النووي يحقق مصالح اقتصادية لأمريكا وإيران معا.
وأكد أن حديث "أوباما" مجرد تصريحات للاستهلاك المحلي ولظروف سياسية، فالرئيس الأمريكي لم يحقق أي إنجاز في تاريخه سوى الاتفاق النووي الإيراني وتطويع إيران للمجتمع العالمي.
ولفت إلي أن التصريحات رسالة طمأنة لدول مجلس التعاون الخليجي عشية اجتماع مؤتمر "كامب ديفيد" وإرضاء للعرب، وفي نفس الوقت رسالة لإيران بأن أمريكا ليست خالصة ويمكن أن تتراجع عن تنفيذ الاتفاق، وتضع عراقيل خاصة وأن مجلس الشيوخ غير مؤيد للمفاوضات.
وأكد علي أن أمريكا لن تخسر إيران أو دول الخليج، فهناك علاقة إستراتيجية ومصالح مع كلا الأطراف
وقال مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية، إنه لا يمكن التعامل مع تصريحات الرئيس الأمريكي بمأخذ الجد، ولكنها تأتي في إطار الشد والجذب بين الطرفين، مؤكدا أن "أوباما" يدرك أن إيران استطاعت الضغط علي أمريكا للجلوس معها والوصل إلى إطار للاتفاق النووي ، وهناك مداخل في العالم العربي إيران أصبحت شريك فيها.
وأكد على أن هناك توافق بشكل كبير بين إيران وأمريكا علي الكثير من المصالح في المنطقة، وشبه آليات للتنسيق لمعرفة مصالح كل طرف في المنطقة العربية، مشيرا إلي أنه لا يوجد تداخل بين علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بإيران وعلاقتها بدول الخليج، وأيضا القوى الموجودة في المنطقة العربية".
وأضاف قائلا "إذا أخذ زعماء العالم العربي التصريح علي محمل الجد، يرتكبون بهذا خطأ كبيرا، لأن إيران تشكل ندية لأمريكا، وإذا كانت هناك رغبة في احتواء إيران فلابد أن يكون هناك حلقة من حلقات التفاهم معها بآليات مختلفة بعيدا عن أمريكا.
وأوضح أن هذا التصريحات ليس لها تأثير علي المفاوضات بين أمريكا وإيران بشأن الملف النووي الإيراني، فلا يوجد بديل أمام الولايات المتحدة الأمريكية سوى المفاوضات، ومسألة تهديد إيران انتهت، والمحاولات الآن تهدف للوصول إلي الحد الأدنى من المصالح المتبادلة بين هذه الأطراف.