في ظل التوتر الشديد في العلاقات بين القاهرة وأنقرة، شكّل الحضور المصري في الاجتماع الثاني لوزراء الاقتصاد والتجارة والاستثمار بين الدول العربية وتركيا الذي افتتح أعماله في الكويت أمس، حدثاً بحدّ ذاته لم يتضح مغزاه إلا حين وقف ممثل مصر معترضاً ومطالباً بإلغاء بند في البيان الختامي يتعلق بإنشاء «مجلس أعمال عربي - تركي»، ما استدعى من وزير المالية وزير التجارة والصناعة بالإنابة الكويتي أنس الصالح الاستعانة ببعض المهارات الديبلوماسيّة لتمرير الموقف على خير.

وفي ظل حضور خليجي لافت ومقاعد خالية للعديد من الدول مثل العراق والمغرب وليبيا وجيبوتي وجزر القمر، انطلقت أمس أعمال الاجتماع الذي تستضيفه الكويت تحت رعاية سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر مبارك الحمد الصباح، الذي أناب عنه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح. ويستمر يومين بحضور وزراء التجارة والاقتصاد والاستثمار في الدول العربية وتركيا، في حضور وزير الخارجية اليمني ممثلا عن بلاده والامين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في جامعة الدول العربية.

وكان لافتاً أن القاهرة لم تتمثّل على المستوى الوزاري، بل حضر ممثل عنها لم يشأ الكشف عن صفته، واكتفى بالتعريف باسمه: سعيد عبدالله.

ولدى مناقشة البيان الختامي، طالب ممثل الوفد المصري بإلغاء الفقرة 26 من البيان الختامي لأعمال الاجتماع الثاني لوزراء الاقتصاد والتجارة العرب وتركيا، ونصها: «أكد الجانب التركي أن مجلس العلاقات الاقتصادية التركية (DEIK) سيمثل الأنشطة الخارجية للقطاع الخاص التركي، ورحب الوزراء بالتطور الحاصل بشأن صياغة الاتفاق المزمع إبرامه بين الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية ومجلس العلاقات الاقتصادية التركية لإنشاء مجلس أعمال عربي - تركي».

وعزا رئيس الوفد المصري أسباب طلبه بالغاء هذا البند لعدم مناقشته من قبل اللجان المختصة قبل وضعه ضمن بنود البيان الختامي، طالبا مناقشة هذا البند في وقت آخر.

وإزاء ذلك، اقترح الصالح الذي كان يرأس الاجتماع أن تتم مناقشة البند 26 من البيان الختامي خلال الاجتماع وحسم الامر، وهو ما تم فعليا حيث تم تعديل البند وفق ما يلي بعد ان اخذ الرقم 25 بدلا من 26: «أكد الجانب التركي أن مجلس العلاقات الاقتصادية التركية (DEIK) هي الجهة الوحيدة المخولة بعقد الاتفاقيات الخارجية للقطاع الخاص التركي، ورحب الوزراء بالتطور الحاصل بشأن صياغة مذكرة التفاهم المزمع إبرامها بين الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة للبلاد العربية ومجلس العلاقات الاقتصادية التركية لإنشاء مجلس أعمال عربي - تركي»، وسيتم عرضها على الاجتماع المقبل.

وبذلك نجحت مصر في تأجيل البحث في إنشاء المجلس إلى الاجتماع المقبل، كما نجحت في إلغاء كلمة «اتفاق» واستبدالها بـ «مذكرة تفاهم»، لكن تركيا حصلت في المقابل على إبقاء البند في البيان الختامي وعدم إلغائه.

وأكد الخالد في كلمة ألقاها خلال حفل الافتتاح على عمق العلاقات العربية-التركية وأهمية الاجتماع باعتباره يتيح الفرصة لتقييم التقدم المحرز في العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية وتركيا والبحث عن فرص جديدة من شأنها الارتقاء بتلك العلاقات الى مجالات أرحب بما يخدم مصالح تلك الدول وشعوبها.

وقال الخالد: «يعقد هذا الاجتماع تحت إطار منتدى التعاون العربي - التركي الذي عقد في مدينة اسطنبول في ديسمبر 2012 وما تم التوصل إليه من توصيات للنهوض في مستوى التعاون التجاري والاستثماري باعتبارهما المحركين الاساسيين لأي تعاون مشترك يسهم في تحقيق الرفاهية للشعوب كما يأتي استكمالا للاجتماع الأول لوزراء التجارة والاقتصاد والاستثمار للدول العربية وتركيا والذي عقد في سبتمبر 2013 في مدينة مرسين التركية».

وبيّن «بادرت بلادي باستضافة هذا الاجتماع انطلاقا من إيمانها بضرورة تعزيز الروابط الوطيدة والمتينة في كافة المجالات بين الدول العربية وتركيا وبالأخص في المجالات التجارية والاقتصادية والاستثمارية، ومما لا شك فيه أن هذا الاجتماع يؤكد أهمية استمرار الحوار وتبادل الآراء والخبرات بين الجانبين العربي والتركي للوقوف على مدى التقدم المحرز للعلاقات الاقتصادية القائمة والبحث عن فرص جديدة تساهم في تنمية هذه العلاقات والوصول بها إلى أعلى المستويات التي نطمح لها في ظل الإمكانيات الكبيرة المتوفرة لدى الجانبين.

وأكد الخالد»ان عمق تاريخ العلاقات العربية التركية وامتدادها وشمولها في شتى المجالات الموثقة عراها في التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري المتميز سواء على صعيد حكومات الدول أو على صعيد مؤسسات القطاع الخاص والتي ساهمت في دعم أسس التنمية الاقتصادية المشتركة، بالإضافة إلى قيام الجانبين العربي والتركي بتنفيذ العديد من الإصلاحات في الهياكل الاقتصادية وتعديل التشريعات والقوانين الاقتصادية بغرض تحقيق المزيد من الانفتاح الاقتصادي في ما بينهما لهو أمر يبعث على الرضى والارتياح ويدعونا جميعا للحفاظ على هذا المستوى المميز وتنميته«.

وأشار إلى أن المشاركة المتميزة في هذا الاجتماع تعبر عن رغبة أكيدة بتعزيز العلاقات الثنائية وتبادل وجهات النظر والآراء في ما يتعلق بتصور مستقبل التعاون العربي-التركي والفرص المتاحة لتطويره وتوسيع آفاقه، مؤكداً»في هذا السياق لا بد من التنويه إلى إننا نعيش في زمن العولمة ونشهد فيه تنامي وترابط اقتصادات الدول والتعاون في ما بينها، فالسياسات الاقتصادية التي تتبناها دولة ما أو مجموعة من الدول تنسحب نتائجها إلى دول ومناطق أخرى في العالم«.

اما وزير الاقتصاد التركي نيهات زيباكجي فقد استعرض في كلمته جملة من الارقام التي تعكس وضع الاقتصاد التركي بين الاقتصاديات العالمية ومستوى التبادل التجاري بين بلاده وبلدان الجامعة العربية، وأوضح أن حجم التبادل التجاري بين تركيا والعرب زاد بنسبة 300 في المئة خلال السنوات العشرالماضية، ليصل الى حتى نهاية العام 2014 الى نحو 53 مليار دولار، وتوقع ان يرتفع الى 70 مليار دولار في الربع الأول من عام 2017.

وأشار الى أن الصادرات التركية للدول العربية مثلت الربع تقريبا من اجمالي صادراتها للعالم البالغة 171.5 مليار دولار في العام 2014، منوها بأن الاستثمارات العربية المباشرة في تركيا بلغت نحو 11.1مليار دولار، فيما بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة 160 مليار دولار.

وأفاد الوزير التركي بأن الناتج المحلي غير الصافي لبلاده بلغ نحو 800 مليار دولار في 2014، فيما بلغ دخل الفرد 10404 دولارات، موضحاً أن تركيا تستهدف رفع الناتج المحلي الاجمالي الى 2 تريليون دولار ورفع دخل الفرد الى 22 الف دولار بحلول العام 2023.

ولفت الى أن تركيا سجلت نموا مطردا على مدار 5 سنوات متتالية لتبلغ 4.5 في المئة، فيما سجلت صعودا في الصادرات بمعدل 5 في المئة في العام 2104، مقارنة بالعام 2013 رغم تراجع تواجدها التصديري بسبب الأزمات في سورية والعراق واليمن.

من جانبه، قال الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية للشؤون الاقتصادية الدكتور محمد التويجري ان الاجتماع يناقش النهوض بالتعاون التجاري بين الجانبين وزيادة حجم الاستثمارات على أساس المكاسب المشتركة ولمنفعة الطرفين.

وقدر حجم التجارة بين تركيا والدول العربية بنحو 55 مليار دولار في العام 2014، واصفا تركيا بانها شريك أساسي مع الدول العربية، في حين بلغ حجم الاستثمارات التركية في الدول العربية خلال العشر سنوات الماضية 111.67 مليار دولار.

ورأى التويجري في كلمته خلال الاجتماع ان الارتباط الذي يربط الدول العربية بتركيا هو ارتباط وثيق حضاريا وثقافيا واستراتيجيا وأن اجتماع اليوم يعد توثيقا للتعاون المتبادل مع تركيا.

وأضاف ان التبادل التجاري في عام 2014 بين الدول العربية وتركيا قارب 55 مليار دولار أميركي مقارنة مع 22 مليار دولار في 2007»ما يؤكد ان هناك نوعاً من التقدم التجاري بين الجانبين».

وأكد ان تركيا تعد شريكاً اساسياً للدول العربية حيث تحتل المرتبة الخامسة من حيث حجم التبادل التجاري بالنسبة للدول العربية بعد دول الاتحاد الأوربي وأميركا والصين واليابان.

وتطرق التويجري الى الاستثمارات البينية بين الدول العربية بلغت 138 مليار دولار بين عامي 2005 - 2010، معربا عن أمله ان يتضاعف هذا الرقم خلال السنوات الخمس المقبلة.

وعن الاستثمارات العربية في تركيا قال التويجري انها بلغت 1.7 مليار دولار في العام 2013 فيما بلغت الاستثمارات العربية التراكمية في تركيا عشر مليارات دولار خلال العشر سنوات الماضية.

وفي جلسة العمل الاولى ألقى الوزير أنس الصالح كلمة قصيرة بيّن فيها أن المحاور التي تمت مناقشتها خلال الاجتماع تمثلت في التعاون العربي - التركي في المجال التجاري و تشجيع الاستثمارات العربية المشتركة بالاضافة إلى دور القطاع الخاص في زيادة التعاون التجاري والاستثماري بين الجانبين.

واضاف انه تمت أيضا مناقشة التحديات المستقبلية لاوجه القصور في التعاون العربي - التركي، منوها بأن العالم العربي يمتلك طاقات كبيرة وإمكانيات هائلة تخدم العلاقات بين الجانبين.

من جهتها، لفتت وزيرة الاقتصاد والاستثمار الاردني مها علي الى أن الاجتماع يهدف إلى وضع خطط وآليات محددة لتطوير التعاون الاقتصادي العربي - التركي، مؤكدة أن الاجتماع يعمل على زيادة التعاون والتبادل التجاري بين الطرفين وزيادة الفرص الاستثمارية المشتركة بين الجانبين.

الصالح: دراسة لتوحيد الضرائب على الشركات المحلية والأجنبية



نفى وزير المالية وزير التجارة والصناعة بالوكالة أنس خالد الصالح وجود أي نية لفرض ضريبة دخل على الافراد، مبينا أن هناك مقترحات ودراسات من جهات اجنبية لتوحيد نسب محددة للضرائب على الشركات المحلية والأجنبية.

وأضاف الصالح الذي كان يرد على أسئلة الصحافيين على هامش الاجتماع الثاني لوزراء الاقتصاد والتجارة والاستثمار بين الدول العربية وتركيا أنه لا يوجد توجه لفرض ضريبة دخل على الافراد، مشيرا الى أن هناك ضرائب قائمة بالفعل على الشركات المحلية والأجنبية.

وبسؤاله عن الشركات المخالفة التي لم تعقد جمعياتها العمومية قال الوزير ان قانون الشركات التجارية شامل وينص على عقوبات محددة خصوصاً في ما يتعلق بتمكين صغار المستثمرين من ممارسة حقوقهم لعقد الجمعيات العمومية وتحديد مستقبل الشركة.

وعن العقوبات التي ستطبقها وزارة التجارة على الشركات المخالفة، قال الوزير الصالح ان ذلك سيكون بحسب اسباب الدعوة إلى انعقاد الجمعية العمومية، واذا ما كان هناك مخالفات سنطبق عليها النصوص الواردة في قانون الشركات.