م.......ع
رأى ستيفن كوك الباحث المتخصص في شئون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في مقال له أن التطرف والجماعات الممثلة أهدى العلاقات بين مصر والولايات المتحدة شهر عسل جديدا.
وخلص كوك في مقاله الذي نشر على مدونة مجلس العلاقات الخارجية إلى أن السبب وراء تأجيل الوداع في العلاقة بين واشنطن والقاهرة هو بزوغ نجم التنظيمات المتشددة مثل داعش، ما يجعل مصر شريكا هاما في مكافحة تلك الجماعات.
وألمح إلى أن استئناف المساعدات يأتي في إطار أهداف مهمة لواشنطن مثل إسقاط الإسلاميين والإبقاء على العمل بقناة السويس والحفاظ على أمن إسرائيل.
وإلى نص المقال:
الثلاثاء الماضي أعلن مجلس الأمن القومي أن إدارة أوباما أفرجت عن شحنات المساعدات العسكرية ومن بينها معدات دبابات (إم 1 أبرامز) وصواريخ هاربون ومقاتلات (إف 16) للقوات المسلحة المصرية، وأثبت ذلك القرار أنه مثير للجدل على الفور وأدين بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي بأن واشنطن تعود لمواصلة العمل مع مصر كالمعتاد.
ويبدو أن الأمر يسير في ذلك الاتجاه، حيث تفيد التقارير أن واشنطن بنت قرارها على أساس الوضع الأمني المتدهور بمصر، والذي تزامن مع الحروب المشتعلة في ليبيا وسوريا والعراق واليمن، وربما يكون المناخ السياسي الإقليمي مثاليًا، لكن مبررات البيت الأبيض مصر تذكرنا بأن واشنطن أثارت بشكل سطحي سجل مصر السيئ في حقوق الإنسان.
إن أهم الأشياء بالنسبة لواشنطن هو الإبقاء على عمل قناة السويس وإسقاط الإسلاميين والسلام الذي يكفل أمن إسرائيل، لكن وعلى الرغم من استمرار التقارب بين واشنطن وأي رئيس مصري من حسني مبارك وحتى السيسي، فإن الأمر لا يتعلق بالأعمال كالمعتاد حيث إن الإدارة ستقوم بقطع آلية التمويل النقدي التي تسمح للقاهرة باستبدال ملايين دولارات بمعدات عسكرية أمريكية تطلبها مقدما وذلك بحلول عام 2018.
لذا فإن الأمر لا يتعلق هذه المرة بالأعمال لأن الأعمال لا تكون دائما خيار، لكن قبل أن ننتقل إلى نقطة أخرى، دعوني أكرر لكم أنني لا أؤمن بفكرة المساعدات العسكرية لمصر على الرغم من أنني سبق وأن أكدت أنه ينبغي على واشنطن الإفراج عن المساعدات العسكرية وإعادة بناء الثقة مع وزارة الدفاع المصرية من أجل مواجهة تحديات التطرف العنيف على نحو أكثر فعالية.
مصر باتت قمعية على نحو كبير والنوبة القومية السائدة في البلاد منذ صيف عام 2003 خلقت مناخا عكسيا لما كان يتمناه المصريون عندما احتشدوا بميدان التحرير وأماكن أخرى في شتى أنحاء البلاد في يناير عام 2011، ولم يؤثر السجل القاتم لمصر في تعليق المساعدات العسكرية ولم يجعل مصر أكثر ديمقراطية أو أقل استقرارا.
لذا فلماذا لا يتعلق الأمر هذه المرة بالأعمال كما جرت العادة؟ لأي شخص بحاجة الى تذكير: أقول إننا ا&O5269;ن في إبريل 2015 وليس إبريل 1975، أو في إبريل 1985 عندما رفعت واشنطن مساعدتها العسكرية لنسبة 10% من الاقتصاد المصري، أو حتى في إبريل 1995 حينما كان يعتقد الجميع أن مصر لعبت دورا هاما في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.
العلاقة بين واشنطن والقاهرة ظلت تبحث عن غاية قبل الإطاحة بمبارك قبل 5 أعوام، ويمكن القول إن أسس العلاقات الاستراتيجية باتت ضعيفة أو اختفت بمعنى أن الاتحاد السوفيتي والتهديد الذي ربما يخترق شرق البحر المتوسط والقرن الإفريقي قد انتهى بحلول عام 1991، وأصبحت الولايات المتحدة لديها حق الوصول للمنشآت العسكرية في جميع أنحاء الخليج العربي.
في مقابل ذلك، تقلصت أهمية مصر لتلعب أدوار ثانوية في الحملات العسكرية الأخيرة، لكن السلام مع إسرائيل سيظل ثابتا حتى في حال عدم استمرار التنسيق الحالي عن قرب بين الجيشين المصري والإسرائيلي.
إن تسليط الضوء على العلاقات الاستراتيجية حدث منذ 25 عاما عندما قام مبارك بنشر 35 ألف جنديا على الرغم من اعتراضات الكثير من المصريين للمشاركة في عمليتي درع الصحراء وعاصفة الصحراء عامي 1990 و 1991، وبالنظر إلى العقدين الماضيين، فجدير بالملاحظة أن العلاقة بين الجانبين استمرت على طويلا على نهج البيروقراطية، حتى مع سعي آخرين لتحديد أسلوب جديد لشكل العلاقة.
وعلى الرغم من الأزمات الاقتصادية وعدم الاستقرار في فترة ما بعد مبارك، فإن الأعوام الأربع الأخيرة كانت بمثابة "فرصة مهدرة" لإعادة تشكيل العلاقة بين الجانبين، ودون شك ستظل قناة السويس مهمة وسيظل التزام واشنطن بأمن إسرائيل مرتبط بإرساء علاقات جيدة مع القاهرة، لكن ليس أكثر من ذلك.
وإلى جانب مطالبة المصريين بالدعم الأمريكي للرئيس عبدالفتاح السيسي دون شرط ومطالبة الأمريكيين بأن يرتقي المصريون لمستوى التزاماتهم بدعم مبادئ ميدان التحرير، فإن مسؤولي واشنطن والقاهرة يمرون بفترات صعبة في صياغة شكل للعلاقة التي يريدونها، ولن يرتقي أي طرف منهم لمستوى توقعات ا&O5269;خر.
ويرى بعض النقاد في أن قرار الإفراج عن الأسلحة لمصر يدعم جبهة الديمقراطية، وهو في حقيقة الأمر يعترض المسار الديمقراطي فأوباما جاء لرئاسة أمريكا وهو في حالة تناقض حيال تعزيز الديمقراطية، وعلى كل حال كانت علاقته بمبارك جيدة وكانت إشارته للديمقراطية في خطابه المشهور في القاهرة عام 2009 بشكل أساسي هي: "الديمقراطية جيدة لكن الأمر يعود إليكم".
في جميع الأحوال، لا ينبغي لأحد أن يدقق كثيرا في موقف الإدارة الأمريكية حيال المساعدات الأمنية لمصر، وبالإضافة إلى الخلاف حول البيئة السياسية الداخلية في مصر، فواشنطن والقاهرة تميلان للتشاور بشأن القضايا الإقليمية المهمة مثل ليبيا وغزة وسوريا والعراق وإيران بشكل مختلف، فتلك القضايا لا تدفع مصر وإسرائيل والسعودية والإمارات للجنون فحسب، بل تشجعها على استكشاف بدائل للعلاقة مع واشنطن.
الإمارات هي ا&O5269;ن شريك استراتيجي لمصر وتقدم لها أكثر ما تقدمه واشنطن من دعم دبلوماسي وسياسي ومالي، وبدلا من أن تتجه القاهرة صوب توسيع علاقاتها الاستراتيجية مع موسكو أو واشنطن مثلما فعلت في خمسينيات القرن الماضي، فوجهت اهتمامها صوب أبوظبي والرياض التين ستمولان سعي مصر المتواصل من أجل التنمية.
المجال الوحيد الذي لا يوجد منافس لواشنطن به هو المجال العسكري، وهو السبب وراء سعي المصريين لاستنفاد إدارة أوباما في ذلك الصدد حتى تعطي واشنطن للقاهرة المزيد من المساعدات، وعلى الرغم من ذلك فإن المصريين بدأوا استكشاف خيارات أخرى في 2010 عندما توددت القاهرة إلى باكستان واستعانت بطائرات "جي إف- 17 ثاندر" وهو مقاتلات صينية - باكستانية الصنع بديلا عن "إف -16".
وفي ا&O5269;ونة الأخيرة، وقعت وزارة الدفاع المصرية اتفاقات لشراء معدات عسكرية روسية وفرنسية، وسواء حدثت تلك الصفقات فعليا فإن ذلك أمر أقل أهمية مما تمثله وربما يكون من الصعب ملاحظة ذلك.
لكن تختلف أولويات ونظرة العالم بالنسبة واشنطن والقاهرة، والمساعدات العسكرية التي ربما تسري لبعض الوقت، هي إرث لعصر مضى، وربما تسبب بزوغ نجم التنظيمات المتشددة العنيفة مثل داعش في تأجيل الوداع الذي طال انتظاره بين مصر والولايات المتحدة.