فى أحدث حلقات سيناريو مكافحة الإرهاب دوليا، أعلنت فرنسا، أخيرا، اعتزامها حث مجلس الأمن الدولى على إحالة ملف قادة تنظيم داعش الإرهابى إلى المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى، لمحاكمتهم فى اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقال وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس، فى اجتماع للمجلس بشأن الهجمات العرقية والدينية فى الشرق الأوسط: "إنه يتعين محاكمة إرهابيى "داعش"، وأنه من الضرورى أن يحيل مجلس الأمن الموضوع برمته إلى الجنائية الدولية".
ومن جانبه، أوضح بيل شوبيس أستاذ القانون بجامعة "ميدلسكس" البريطانية: "أنه لا يوجد قانون يقول إنه من المستحيل إحالة جماعة إلى المحكمة، حتى إذا كانت تعمل فى دول ليست أعضاء".وذكر "شوبيس" أن الأمر سيكون متروكا أولا للإدعاء، ثم للقضاة، أن يقرروا إذا كانت إحالة "داعش" للجنائية الدولية قانونية أم لا. وأضاف: "إذا تدخلت المحكمة فإنها يمكنها ذلك إذا إرتأت أن ذلك مناسب، ثم يتم تفسير الإحالة بطريقتها، وتتوسع فى ذلك ليشمل سوريا والعراق".
وقادت فرنسا محاولة لأعضاء فى المجلس، فى مايو الماضى، لإحالة الحرب الأهلية فى سوريا، التى دخلت الآن عامها الخامس، إلى "الجنائية الدولية"، فى اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لكن روسيا حليفة سوريا استخدمت حق النقض "الفيتو"، بدعم من الصين، بينما صوت الأعضاء الباقون فى مجلس الأمن لمصلحة الإحالة. وقال "فابيوس"، إن فرنسا ستحاول مرة أخرى لإحالة سوريا لاحقا.
وفى الوقت نفسه، أكد فيتالى تشوركين مبعوث روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أن اندلاع الإرهاب فى الشرق الأوسط نجم عن إجراءات متهورة اتخذتها أطراف خارجية.
وقال "تشوركين": إن "الظروف المواتية لتطور البيئة التى ينمو فيها الإرهاب - الذى يختبئ وراء الشعارات الإسلامية، لكنه فى الواقع ليس له علاقة تذكر مع هذا الدين - لم تتكون بين ليلة وضحاها"، مضيفا: أن "الإجراءات المتهورة التى يتخذها اللاعبون خارج المنطقة شجعت على انتشار هذه الظاهرة الخبيثة إلى حد أكبر - قبل "الربيع العربي" وخلاله على حد سواء".
واستشهد "تشوركين" على ذلك بالإشارة إلى غزو الولايات المتحدة العراق فى عام 2003، والعملية القتالية لحلف شمال الأطلنطى "الناتو" بليبيا فى عام 2011.
وأضاف "تشوركين": "بدلا من مساعدة السوريين على تسوية أزمتهم الداخلية، بدأت بعض الدول فى إفساد الأمور، وضخ الأموال والأسلحة إلى معارضى الرئيس السورى الشرعى بشار الأسد، وممارسة ضغوط عسكرية وسياسية واقتصادية، لم يسبق لها مثيل، على حكومته".
وتابع، قائلا: "نتيجة لذلك، أعلن خلفاء تنظيم القاعدة، بعد زيادة ثرواتهم من الحرب السورية، الخلافة التى تعيش على العنف والإبادة الجماعية فى أراضى سوريا والعراق وليبيا، ولها فروع فى لبنان ومصر وتونس وأفغانستان وباكستان وعدد من البلدان الأخرى".
وأشار إلى أنه "لعدة قرون، كانت منطقة الشرق الأوسط بمثابة مفترق طرق الثقافات والحضارات، وها هى سقطت فى هاوية الظلام والعنف الوحشى الذى لا معنى له".
وفى ستوكهولم، قال أندرس ثورنبرج مدير المخابرات السويدية، فى مقابلة مع "رويترز"، إن بلاده، التى قال عنها أسامة بن لادن زعيم القاعدة السابق يوما إنها من الدول التى لا يهاجمها التنظيم، تواجه الآن خطرا متناميا من متشددين إسلاميين، بسبب أزمتى العراق وسوريا. وأوضح أن عدد السويديين الذين يسافرون للقتال فى هذين البلدين زاد بواقع 3 أمثال خلال العام الماضي، وأن مستويات الهجرة القياسية للبلاد يجعلها عرضة للاختراق من جماعات متشددة، دون أن يسميها.
وأشار إلى أن هناك عددا أكبر بكثير من المتشددين السويديين الضالعين فى الصراع بالعراق وسوريا، على مدى العامين الماضيين، مقارنة بالأعوام العشرة الماضية من حملات المتشددين. وأضاف:"نرى بعض التحالفات الآثمة.. قبل ذلك كان هناك إرهابيون من شمال إفريقيا، ومن الصومال واليمن وأفغانستان، لكن الآن كل هذه الجماعات التى كانت منقسمة أصبحت لديها قضية مشتركة تتمثل فى الذهاب لسوريا والعراق".