بدأت المظاهرات المستمرة فى العديد من المدن الأمريكية منذ أيام فى اتخاذ أشكال مختلفة من الاحتجاج على ممارسات الشرطة ، مثل محاولة نقل أصواتهم إلى خارج الولايات المتحدة ، واجتذاب مشاهير إلى صفوفهم ، وتنظيم مظاهرات ووقفات داخل المتاجر الكبرى.
ففى قلب مدينة نيويورك، استمر المحتجون أمس لليوم الخامس على التوالى فى مظاهراتهم السلمية منذ الأربعاء الماضى بعد رفض هيئة محلفين توجيه أى اتهام إلى شرطى أبيض ظهر فى تسجيل فيديو يشل حركة إيريك جارنر الأمريكى من أصل إفريقى بطريقة غير قانونية أدت إلى وفاته مختنقا فى نيويورك فى يوليو الماضي.
وأظهرت وسائل الإعلام الأمريكية حشود المتظاهرين فى نيويورك و هم يرددون عبارة «لست قادرا على التنفس» وهى آخر جملة قالها جارنر قب مقتله خنقا ، كما افترش مئات المتظاهرين الأرض لمنع حركة المرور بالشوارع الرئيسية.
ولم تقتصر المظاهرات فى نيويورك على الشوارع الرئيسية، بل انتقلت إلى أكبر المتاجر لبيع الأدوات الإليكترونية، حيث اعتصم فيه ما لا يقل عن 100 متظاهر وافترشوا أرضه وأركانه.
وذكرت جريدة «نيويورك بوست» أن موظفى المتجر لم يتدخلوا لإدانة هذا السلوك ، مما يعنى تضامنهم الخفى مع أسباب المظاهرات.
ومن جانبهم، اجتمع منظمو الاحتجاجات فى كنيسة «ويست بارك» فى ضاحية «أبر ويست سايد» الراقية بمدينة نيويورك لبحث وسائل جديدة لاجتذاب عدد أكبر من المحتجين.
وصرح منظمو الاحتجاجات بأن من بين الخطط المطروحة نقل الاحتجاجات إلى المركز الرياضى الرئيسى بمدينة نيويورك الذى سيحضر فيه الأمير ويليام حفيد ملكة بريطانيا وزوجته كيت مباراة فى دورى السلة الأمريكى، وذلك حتى تتم الاستفادة من الاهتمام الاعلامى المحموم بالزيارة الملكية.
وقد بدأ بالفعل انضمام عدد من المشاهير إلى حملة التنديد بوحشية الشرطة ، وبخاصة من لاعبى كرة القدم الأمريكية ودورى السلة للمحترفين ، حيث اردتى بعض اللاعبين قمصانا كتب عليها «لست قادرا على التنفس».
وقال ليبرون جيمس لاعب كرة سلة الأمريكى المحترف الشهير إنه سوف يشترى قميصا مكتوبا عليه عبارة «لست قادرا على التنفس» ، وأضاف أنه سوف يرتديه قبل مباراته القادمة فى شيكاجو السبت.
كما كتب عدد من فريق دورى كرة القدم الأمريكية « إن إف إل» عبارة : «لست قادرا على التنفس» على حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى تضامننا مع المظاهرات.
ولم تكن مدينة نيويورك الوحيدة التى شهدت المظاهرات المنددة بمقتل المواطنين السود على يد عناصر الشرطة، فقد شهدت مدينة ديترويت أيضا بعض التجمعات المطالبة بضرورة إدخال إصلاحات على الجهاز القضائى وجهاز الشرطة الأمريكى الذى ارتكب سلسلة من الأخطاء راح ضحيتها عدد من الأبرياء خلال الفترة الماضية.
وفى فلادلفيا، نظم حوالى مائتى شخص وقفة احتجاجية، وافترش بعضهم بالشارع لمدة أربع دقائق وثلاثين ثانية للفت الانتباه إلى أن جثة الشاب الأسود مايكل براون الذى قتله ضابط أبيض فى فيرجسون بولاية ميزورى تم تركها فى الشارع أربع ساعات وثلاثين دقيقة بعد مقتله.
أما فى مدينتى بيركلى وأوكلاند فى ولاية كاليفورنيا، فقد تحولت الاحتجاجات السلمية إلى صدامات عنيفة لليلة الثانية على التوالى، حيث تدفقت حشود المتظاهرين إلى شوارع مدينة بيركلى رافعين لافتات مناهضة لممارسات الشرطة العنصرية، وألقى المتظاهرون مقذوفات على الشرطة مما أدى إلى إصابة 3 من رجال الشرطة، كما حطم بعض المتظاهرين واجهت متاجر ونهبوا العديد منها ، بينما اندلع حريق فى شارع سكنى فى بيركلي، ولم يكتف المحتجون بذلك بل قطعوا طريقا سريعا رئيسيا يربط بين مدينتى بيركلى وأوكلاند ، وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع واستخدام الهراوات.
وقالت الشرطة على حسابها على تويتر إنه تم إطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين بعد أن بدأ عدد منهم إلقاء مقذوفات وصفتها بأنها «عبوات ناسفة» غير محددة ، وأشارت إلى أنها اعتقلت عددا من الأشخاص دون تحديد عددهم.
فى الوقت نفسه ، اعترف الرئيس الأمريكى باراك أوباما بأن القضايا العنصرية برزت فى بلاده مؤخرا بالفعل ، وأضاف أن العنصرية ضد الأمريكيين من ذوى الأصول الأفريقية متأصلة بشدة فى المجتمع وتاريخه.
ولكن أوباما قال فى مقابلة أجرتها معه شبكة «بى إى تي» الأمريكية إنه «بنفس قدر الألم الذى تسببه هذه الأحداث، لا يمكننا المساواة بين ما يحدث الآن وما كان يحدث منذ خمسين عاما».