قرر المدعى أكرم إيدنر، المسئول عن التحقيق فى قضية الفساد والرشاوى الشهيرة، إسقاط جميع التهم المنسوبة لنحو 53 شخصا، بينهم رجل الأعمال الإيرانى الأصل رضا الصراف وأبناء وزراء سابقين بحكومة رجب طيب أردوغان، وإغلاق ملف التحقيقات معهم فى القضية التى تم الكشف عنها، يومى 17 و25 ديسمبر الماضي.

 وأدت إلى استقالة أربعة وزراء من حكومة حزب «العدالة والتنمية». ووفقا لصحيفة حريت، فقد أكد إيدنر عدم ضرورة مقاضاة المتهمين لأسباب منها، عدم توافر أركان للجرائم المنسوبة ضدهم ، إضافة إلى انعدام الأدلة الفعلية التى تثبت تورطهم بقضية الفساد والرشاوى.

ولفتت الصحيفة الأنظار إلى أن قرار المدعى إيدنر جاء مباشرة، بعد انتهاء انتخابات أعضاء المجلس الأعلى للقضاة، وفاز فيها قضاة ورجال نيابة، معظمهم من الموالين للحكومة، مقابل تصفية جميع القضاة والمدعين العلمانيين وأنصار الداعية الإسلامى فتح الله جولن.

من جهة أخرى، تواصلت ردود الفعل الغاضبة، بشأن حزمة مشروعات القوانين الجديدة التى أعدتها حكومة حزب «العدالة والتنمية»، وقدمتها للبرلمان للموافقة عليها ونددت بها قطاعات عريضة من المجتمع المدني، إضافة إلى القوى والتيارات السياسية المختلفة.

وقال على أوزجوندوز نائب حزب «الشعب» الجمهورى المعارض، إن تلك القوانين فى حالة إقرارها، ستفتح الباب لاعتقال رؤساء الأحزاب والنواب، مشيرا إلى أنها ستمكن قضاة محاكم الصلح والجزاء التى أسسها أردوغان قبل تركه رئاسة الحكومة من إصدار أوامر بالقبض على كل الفئات والمجموعات والأشخاص المعارضين، إلى جانب المواطن العادى الذى لا ينتمى لأى فصائل حزبية.

وأضاف، أن رئيس الجمهورية والوزراء صنفوا الأشخاص الذين قاموا بأعمال الشغب فى الشوارع من أحزاب الشعب الجمهورى والحركة القومية والشعوب الديمقراطية بأنهم خونة للوطن، فالمدعى العام الذى عينته الحكومة يفتح التحقيق وإذا وافق القاضى على ذلك سيتم إخبار النائب بالآتى :  «نحن نقوم بمحاكمتك، وحصانتك لاتجدى هنا»، على حد قوله.

وأشار أوزجوندوز إلى أن الهدف من وراء الحزمة القانونية الجديدة، هو إسكات وسائل الإعلام عن قول الحق ونشر الفضائح.

من جانبه، قال وزير العدل الأسبق حكمت سامى تورك، إن الحكومة خائفة من أمر ما، جعلها تصر على إجراء تعديلات على حزمة من القوانين القضائية، وإن الحكومة بذلك عدلت عن الحقوق والحريات ودخلت دائرة مظلمة ليست نحو الأفضل على الإطلاق. وأضاف تورك أن هذا مؤشر على انهيار مفهومى الديمقراطية والقانون، وسيتم إسكات وسائل الإعلام المعارضة، مع أن الجريمة يفترض أنها شخصية وتخص المجرم وحده فحسب، والمؤسسات أو الشركات لا تدخل ضمن ذلك.

من جانب آخر، قال مصطفى بالباى النائب بحزب الشعب الجمهوري، والذى قضى أربع سنوات ونصف فى السجن محبوسا احتياطيا على ذمة قضية الانقلاب على حكومة «العدالة والتنمية»، المعروفة باسم أرجينكون، إن القوانين فى تركيا واعتبارا من الآن سيتم إعدادها والموافقة عليها من قبل أردوغان.

وكتب بالباى فى مقال له بصحيفة جمهوريت : « فى عهد رئاسة عبد الله جول كان ينظر إلى القوانين التى تعرض على البرلمان على أنها ستتم الموافقة عليها من قبل رئاسة الجمهورية  بشكل مؤكد، وإذا حدث عكس ذلك يعتبر مفاجأة كبيرة للجميع، أما فى عهد أردوغان فتم اتخاذ خطوة أبعد من ذلك ، إذ أنه سيقوم أولا بإعلام الرأى العام بكيفية إعداد القوانين التى سيتم عرضها عليه بصفته رئيسا للجمهورية ، وبمعنى آخر، سيقوم بنفسه بإعداد القوانين التى سيوافق عليها بنفسه كذلك».

وقال بالباى إن تركيا وصلت إلى الحد، الذى لا يمكن معه أن نطلق عليها دولة القانون ، مضيفا أن أردوغان لا يحترم أى قرار قضائى يتنافى مع أعماله ومصالحه ، لافتًا إلى أنه بمجرد دخول قانون الشرطة حيز التنفيذ ستتقلص أعمال وصلاحيات القضاء التى يباشرها فى العادة، إذ ستتمكن الشرطة من اتخاذ تدابير «وقائية»،كما ستنظر الحكومة إلى كل شخص ومؤسسة أوعملية لاتصب فى مصلحتها ولاتتوافق مع مزاجها على أنه «تهديد»، وستبطل مفعوله عن طريق التدخلات الوقائية.

وفى سياق آخر، نقلت صحيفة «يورت» التركية عن نظيرتها الألمانية «فرانكفورتر ألجامينه» وصفها إخفاق تركيا فى الحصول على عضوية غير دائمة بمجلس الأمن بأنه هزيمة للسياسة الخارجية التركية ، مؤكدة أن السبب الرئيسى لهذا الفشل يعود لسياسات أردوغان، وهى فى معظمها اتسمت بالتهور والسلبية، خصوصا فى الأعوام الأخيرة وأدت بدورها إلى تردى العلاقات مع جوارها، وبالتالى عزلتها عن العالم الخارجي.

وأكدت الصحيفة أن سياسة أردوغان الخاطئة أبعدت كل من مصر والسعودية واليونان عن تركيا، بعد أن كانت تقف تلك الدول بجانبها، وهكذا عادت وأياديها خالية من انتخابات الترشيح لمجلس الأمن.

ودعت الصحيفة أردوغان إلى ضرورة الاستفادة من تلك الفضيحة، واستخراج الدروس والعبر، حتى لا تتكرر مثل هذه الهزيمة، مؤكدة أن سياسة أردوغان دفعت بلاده لأجواء سيئة ، مع العلم أنه مع ذكر اسم أردوغان قبل عشرة أعوام ، يجعل المراقبون يستحضرون صورة تركيا وهى تتقدم فى كل المجالات ، ولكن الآن بات اسم أردوغان مرادفا لتراجع تركيا على جميع المستويات.