"سيدنا إسماعيل" الابن الأكبر لسيدنا إبراهيم من هاجر جارية زوجته سارة ..وتفسيراسمه في اللغة العبرية (سَمِعَ الله) بمعنى (لبى الله دعاء إبراهيم بأن يكون له ولدا فمنحه إسماعيل".. يتذكر المسلمون في شتي بقاع الارض قصة " ذبحه" مع قدوم عيد الاضحي ..ليكون بذلك الحاضر الغائب في العيد. ولم تكن هذه القصة هي الإختبار الوحيد الذي خضع له " سيدنا إسماعيل" ، فقد ذكر الله ثلاث مشاهد من حياته ..كل مشهد عبارة عن محنة واختبار .
الاختبار الاول:
كان بعد أن كبر إسماعيل.. وتعلق به قلب ابيه ابراهيم عليه السلام ، حيث ابتلى الله تعالى نبيه بلاء عظيما بسبب هذا الحب... فقد رأى ابراهيم عليه السلام في المنام أنه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل، وإبراهيم يعمل أن رؤيا الأنبياء وحي، فقرر أن يبلغ ابنه بما رأي فقال: "يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى" فأجاب إسماعيل" (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ".
أخَذَ سيّدُنا إبراهيمُ مُدْيَةً وحَبلاً، وذَهَب إلى أحدِ الوِديان القريبة، وكانَ إسماعيلُ يُرافِقُ أباه ساكِتاً كانَ يُهيّئُ نَفسَهُ لِلَحظةِ الذَّبح، ويُدعو الله أن يَمنَحَهُ الصبرَ لتحمّلِ الآلامِ في سبيله..وصَلَ سيّدُنا إبراهيمُ وإسماعيل إلى الوادي.
نَظَر إسماعيلُ إلى أبيه، كانت عَيناهُ مَليئتين بالدُّموع.. هو أيضاً بكى من أجلِ أبيهِ الشيخ فأراد أن يُنهِيَ الأمرَ بسرعة، قالَ لأبيه: يا أبي، أحْكِمْ وَثاقي، واكْفُفْ ثِيابَكَ حتّى لا تَتَلطَّخَ بالدمِ فتَراهُ أُمّي.. يا أبي، واشْحَذِ السِّكِّينَ جَيّداً، وأسْرِعْ في ذَبْحي فإنّ آلامَ الذَّبح شديدة
بكى سيّدُنا إبراهيمُ وقال: ـ نِعْمَ العَوْنُ أنتَ يا بُنَيّ على أمرِ الله
أحكَمَ سيّدُنا إبراهيم الوَثاقَ على كَتِفَي إسماعيلَ.. كاَن إسماعيلُ مُستَسلِماً تَماماً لأمرِ الله أغمَضَ عَيْنَهِ، وامسك سيّدُنا إبراهيمُ بِجَبينِ ولدِه وحَناهُ إلى الأرض..جَثا إسماعيلُ الفَتى بهدوءٍ. كانَ يُودِّعُ الحَياة، يُودّعُ أُمَّه وأباه... وضَعَ سيّدُنا إبراهيمُ السكِّين على عُنُقِ إسماعيل.. وقبل أن يذبحه سَمِع سَيّدُنا إبراهيمُ نِداءً سماويّاً... يأمرُه بذبحِ كَبْشٍ فِداءً لإسماعيل....
نَظَر سيّدُنا إبراهيمُ إلى جهةِ الصَّوت.. فرأى كَبْشاً سَميناً يَنزِلُ من فوقِ قمّةِ الجبل.. كانَ كبشاً أملَحَ لَه قُرون!
حَل سيّدُنا إبراهيمُ الوَثاقَ عن ابنهِ إسماعيل... ثَمّ قَدّمَ الكبشَ وذَبَحَهُ باسمِ الله، وقدّمه قرباناً إلى الله..ومن ذلك اليومِ أصبَحَ تقديمُ الأضاحي من مِناسِكَ الحجّ.
الاختبار الثاني:
عاش إسماعيل في شبه الجزيرة العربية ما شاء الله له أن يعيش.. روض الخيل واستأنسها واستخدمها، وساعدت مياه زمزم على سكنى المنطقة وتعميرها. استقرت بها بعض القوافل.. وسكنتها القبائل.. وكبر إسماعيل وتزوج، وزاره ابيه فلم يجده في بيته ووجد امرأته.. سألها عن عيشهم وحالهم، فشكت إليه من الضيق والشدة
قال لها إبراهيم: إذا جاء زوجك مريه أن يغير عتبة بابه.. فلما جاء إسماعيل، ووصفت له زوجته الرجل.. قال: هذا أبي وهو يأمرني بفراقك.. الحقي بأهلك
وتزوج إسماعيل امرأة ثانية.. زارها إبراهيم، يسألها عن حالها، فحدثته أنهم في نعمة وخير.. وطاب صدر إبراهيم بهذه الزوجة لابنه
الاختبار الثالث:
صدر الأمر ببناء بيت الله الحرام.. هو أول بيت وضع للناس في الأرض.. وهو أول بيت عبد فيه الإنسان ربه.. ولما كان آدم هو أول إنسان هبط إلى الأرض.. فإليه يرجع فضل بنائه أول مرة.. قال العلماء: إن آدم بناه وراح يطوف حوله مثلما يطوف الملائكة حول عرش الله تعالى
ثم مات آدم ومرت القرون، وطال عليه العهد فضاع أثر البيت وخفي مكانه.. وها هو ذا إبراهيم يتلقى الأمر ببنائه مرة ثانية.. ليظل في المرة الثانية قائما إلى يوم القيامة
وقام النبيان الكريمان بحفر الأساس لعمق غائر في الأرض، و قطعا الحجارة من الجبال البعيدة والقريبة، ونقلها بعد ذلك، وقاموا بتسويتها وبناؤها وتعليتها.
انتهى بناء البيت، وأراد إبراهيم حجرا مميزا، يكون علامة خاصة يبدأ منها الطواف حول الكعبة.. أمر إبراهيم إسماعيل أن يأتيه بحجر مميز يختلف عن لون حجارة الكعبة
سار إسماعيل ملبيا أمر والده.. حين عاد، كان إبراهيم قد وضع الحجر الأسود في مكانه.. فسأله إسماعيل: من الذي أحضره إليك يا أبت؟ فأجاب إبراهيم: أحضره جبريل عليه السلام.. وفي هذا العام لم يحج إلي البيت سوى النبيان الكريمين وعقب ذلك بدأ طواف الموحدين والمسلمين حوله.