تعودنا دائما أن تحمل روايات الأعمال الدرامية من الصدق والإقناع ما يمثل دافعا مهذبا للمشاهد كى يتخذ قرارا باختيار مشاهدتها من بين كافة المواد الفنية المعروضة على الشاشة.

ورغم أن رواية مسلسل "أغلى من حياتى" مستهلكة، كان الأمل كبيرا فى سيناريو العمل الذى قد يمثل بوابة خلفية تمكن أبطال العمل من النجاح فى تقديم عمل يليق بأحجامهم التمثيلية وعلى رأسهم الفنان محمد فؤاد الذى مازال وحتى الحلقة الـ18 يحمل عبء نجاح المسلسل وحده سواء فى مرحلة الطفولة التى جسدها ابنه عبد الرحمن محمد فؤاد، أو فى مرحلة الشباب التى يجسدها هو حاليا.

تسلسل السيناريو وتناسقه الذى أقصده هنا، هو ما افتقدته الحلقات الأخيرة التى بدأت العلاقة العاطفية بين عبد الرحمن "فؤاد"، وزينب فيها تأخذ فى الظهور، حيث بدأت العلاقة بينهما قوية عكس المفترض، وشاهدنا ذلك فى أول مقابلة لهما والتى ظهرا خلالها وكأنهما يعلمان أن الزواج سيكون مصيرهما، وأن نظرات الحب والتلميحات الرومانسية لابد وأن تظهر بشدة على وجوههما، وكأن المشاهد الذى يتابع الحلقة من العصر الحجرى ولن يفهم مشاعرهما إلا بالتأكيد المستفز على الإعجاب المتبادل.

لا أعلم إن كان السيناريو تضمن مشاهد توضيحية لتطور العلاقة بين الطرفين وكان مقص المخرج هو من قام بدور الجراح، أم أن المخرج برىء من تهمة استئصال هذه المشاهد الضرورية التى كانت ستضيف جوا رومانسيا محسوسا لا مرئيا، لكن المتابع للمسلسل بدقة يتعجب من صفات الشخصية التى جمعها المؤلف فى الفتاة التى وقع فؤاد فى غرامها، فكيف تكون الأخلاق والخجل هى أبرز صفاتها، وفجأة نجدها هى التى تطلب من فؤاد، ذلك الجار الذى لم تمر على معرفته يوما واحد، أن يصطحبها فى جولة غرامية بالقلعة، وفى الليلة ذاتها تنتظره فى شرفة منزلها، وعندما يصعد إلى شقته تسترق النظرات إليه من النافذة، وعلى العكس يشعر هو بالخجل، ثم فجأة وبعد مرور حلقتين فقط لم يتحدثا فيهما سوى دقائق معدودة، تتخلى له عن سلسلة فضة كانت والدتها أعطتها لها قبل وفاتها لكى يعلقها فى التاكسى الجديد الذى اشتراه.

قفزات سيناريو "أغلى من حياتى" كثيرة، لكننا تحدثنا هنا فقط عن العلاقة الرومانسية التى تربط بين بطل المسلسل مع بنت الجيران، كما أن اختيار البطل تحديدا لكى نتحدث عنه، هو المأزق الذى تعرض له فى هذا المسلسل بعد أن كان متوقعا لفنان بقدر محمد فؤاد أن يقدم مسلسل يحمل سيناريو على اعلى مستوى وحبكة إخراجية تليق بمستواه الفنى الذى يتمتع به فؤاد.