بعد أن تحولت ليبيا إلى كتلة من اللهب والتهمت نيرانها الأخضر واليابس، بما يهدد بضياع استثمارات مصرية ليبية مشتركة تصل قيمتها إلى أكثر من 18 مليار دولار تعمل بقطاعات السياحة والبترول والخدمات المصرفية والحاصلات الزراعية والصناعات الغذائية والكيماوية، توقفت هذه الاستثمارات عن العمل بعد تصاعد الصراعات واستحالة وصول أى من الشحنات أو البضائع إلى الأراضى الليبية سواء عن طريق النقل البرى أو الجوي.
وبداية، طالب ممثلو القطاع الخاص الحكومة بإجراءات عاجلة للتخفيف من وقع الاحداث الليبية على الاقتصاد المصري، خاصة مع احتمالات عودة أكثر من 400 ألف عامل هربا من الوضع المتردى بليبيا إلى جانب احتمالات توقف صادرات مصرية للسوق الليبية بأكثر من 8 مليارات جنيه سنويا، بخلاف تأجيل تنفيذ العديد من المشروعات التى تقوم بها شركات المقاولات المصرية هناك ضمن مشروعات إعادة الاعمال.
واقترح ناصر بيان رئيس جمعية مستثمرى رجال الأعمال المصريين الليبيين إعداد خطة عاجلة لاستيعاب العمالة العائدة من ليبيا من خلال إقامة عدد من المشروعات المشتركة على حدود البلدين، ويمكن أن تبدأ بتطوير منفذ السلوم لتحويله إلى ميناء برى لتسهيل حركة التجارة البينية، بجانب إنشاء مدينة صناعية متخصصة للتصدير إلى ليبيا كما فعل الأردن عام 1993 بعد فرض حظر دولى على العراق، حيث تم انشاء مدينة «الزرقاء» لخدمة السوق العراقية، مشيرا إلى أن نقل تلك التجربة لمصر سيسهم فى جذب استثمارات ليبية ضخمة للعمل بالقطاعات الصناعية لتوفير احتياجات السوق الليبية والتى تعد منفذا أيضا لأسواق العديد من الدول الإفريقية الأخري، وهو ما سيوفر الآلاف من فرص العمل للعمالة المصرية العائدة من ليبيا والمقدر عددها بنحو 400 ألف عامل معظمهم لديه خبرة بقطاعات الزراعة والبناء والتشييد.
وطالب ناصر بيان الحكومة بتنظيم مؤتمر اقتصادى دولى للإعلان عن المشروعات الاستثمارية المتاحة بمنطقة الحدود المصرية الليبية، مؤكدا أن مثل هذا المؤتمر سيكون له صدى كبير فى جذب الاستثمارات الليبية التى تفكر فى الهروب إلى الدول الأوروبية، لافتا إلى أن أهم الفرص الاستثمارية تتمثل فى إنشاء مصانع أسمنت وحديد ومواد البناء الأخرى والصناعات الغذائية والكيماوية.
وأضاف أنه عرض هذه الخطط والفرص الاستثمارية على رجال الأعمال الليبيين فرحبوا وأبدوا الاستعداد للمساهمة فى هذه الاستثمارات، بل إن العديد منهم أكد رغبته فى سحب استثمارات من ايطاليا وفرنسا واسبانيا وعدد من البلدان الأوروبية الأخرى لتوجيهها إلى مصر، لكن تصاعد الأحداث الأخيرة أحبط تنفيذ هذه الخطط.
وقال إن الاستثمارات الليبية فى مصر تقدر بنحو 10 مليارات دولار تتركز فى قطاعات البترول والسياحة والخدمات المصرفية ولا خطر عليها، حيث سبق أن أعلن السفير الليبى بالقاهرة أن الحكومة الليبية لن تسحب أيا من هذه الاستثمارات. وأشار إلى أن معظم الاستثمارات المصرية فى ليبيا تتركز فى مشروعات إعادة الإعمار، خاصة إنشاء طرق وكباري.
من جانبه، أوضح على عيسى رئيس الشعبة العامة للمصدرين أن قيمة صادرات مصر من الخضر والفاكهة الى ليبيا حسب الارقام الرسمية تصل إلى 603 ملايين جنيه خلال النصف الأول من العام الحالي، لكن هذا الرقم لا يعبر عن الحجم الحقيقى لصادراتنا لأن 80% منها يعتمد على الصفقات الصغيرة التى تدفع قيمتها نقدا ويتم شحنها بريا لمنفذ السلوم.
وقال إن أبرز الصادرات المصرية إلى ليبيا البرتقال والبطاطس والبصل وكل انواع الخضراوات، مشيرا إلى أن حجم العمالة التى تعمل فى تصدير المنتجات المصرية إلى ليبيا لا يقل عن 25 ألف عامل من محافظات البحيرة والمنوفية والشرقية.
ويضيف محمد شكرى رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات أن حجم صادرات الصناعات الغذائية فى مايو 2013 بلغ 22 مليون دولار انخفض إلى 14 مليونا فى مايو الماضى أى بنسبة 33% ثم تدهورت الأوضاع الأمنية هناك خلال يونيو ويوليو لتنخفض قيمة صادراتنا لأكثر من 60%، وكان على قائمة هذه الصادرات منتجات الألبان خاصة المطبوخة والأغذية المحضرة والخضراوات المجمدة والتبغ والمعسل والشيكولاتة والعصائر والمربات.
ويطالب الأجهزة الحكومية فى وزارة الصناعة والتجارة الخارجية بالإسراع فى إيجاد أسواق بديلة لصادراتنا خاصة مع اتساع نطاق الاضرابات الأمنية لتشمل سوريا والعراق وليبيا واليمن نتيجة الأوضاع السياسية والأمنية المتردية لضمان استمرار عمل المصانع فى مصر وعدم تسريح عمالتها، فضلا عن توفير فرص عمل للعمالة المصرية العائدة من هذه الدول إلى مصر.
أما وليد هلال رئيس المجلس التصديرى للكيماويات فيؤكد أن حجم صادرات القطاع الى ليبيا وصلت إلى 500 مليون دولار شهريا ثم تراجعت فى آخر شهرين بنسبة 20% قبل أن تتوقف تماما مع اشتعال ليبيا وتشمل هذه الصادرات البلاستيك ومنتجاته والورق والكيماويات، مشيرا إلى أن المصانع فى العاشر من رمضان والإسكندرية خاصة فى العامرية كانت متفرغة تماما لتوفير احتياجات الشعب الليبى والآن هذه المصانع باتت شبه متوقفة.
ويؤكد نعيم ناشد عضو شعبة الغلال باتحاد الغرف التجارية أن السوق الليبية تستورد كميات كبيرة من الحبوب على رأسها الفول واللوبيا والفاصوليا ورغم أن الشاحنات كانت تمكث فى منفذ السلوم لأكثر من 3 أسابيع فى الـ 3 أشهر الأخيرة فإن المصدرين كانوا يتحملون تكلفة تأخر تفريغ البضائع لكن الأوضاع الحالية لا تشجع أى مصدر على تحمل المخاطر، لذا فإن المصدر أصبح يشترط على المستورد الليبى أن يسدد ثمن الصفقة نقدا فى أثناء تعاقده فى القاهرة قبل شحن البضائع، خاصة أن التحويلات النقدية عبر الجهاز المصرفى متوقفة نتيجة الدمار الذى لحق بمعظم المنشآت الحكومية الليبية.
لكن الدكتور عوض جبر رئيس المجلس التصديرى للأدوية الأسبق يؤكد أن صادرات الأدوية إلى ليبيا متوقفة منذ 3 أشهر وكذلك بالنسبة للعراق وسوريا بسبب الأوضاع الأمنية، حيث تراكمت صفقات الأدوية فى الموانى انتظارا لدخولها وبالطبع فسدت مما كبد الشركات المصدرة قيمة معظم هذه الصفقات علاوة على عدم حصول الشركات المصرية على قيمة هذه الصفقات نتيجة أعمال السطو وغياب التحويلات المصرفية، لذا فإن هذه الصفقات التصديرية شبه متوقفة.