تحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" يوم 23 إبريل باليوم العالمى للكتاب وحقوق المؤلف، تحت شعار "تاريخ الكلمة المكتوبة هو تاريخ البشرية"، ففى هذا التاريخ من عام 1616، توفى كل من ميغيل دى سرفانتس ووليم شكسبير والاينكا غارسيلاسو دى لافيغا، كما يصادف ذكرى ولادة أو وفاة عدد من الأدباء المرموقين مثل موريس درويون، وهالدور ك. لاكسنس، وفلاديمير نابوكوف، وجوزيب بلا، ومانويل ميخيا فاييخو. 

وكان اختيار مؤتمر اليونسكو العام الذى عقد فى باريس عام 1995 لهذا التاريخ اختياراً طبيعياً، فقد أرادت فيه اليونسكو التعبير عن تقديرها وتقدير العالم أجمع للكتاب والمؤلفين، عن طريق تشجيع القراءة بين الجميع وبشكل خاص بين الشباب وتشجيع استكشاف المتعة من خلال القراءة وتجديد الاحترام للمساهمات التى لا يمكن إلغاؤها لكل الذين مهدوا الطريق للتقدم الاجتماعى والثقافى للإنسانية جمعاء.

وفى هذا الصدد، أنشأت اليونسكو اليوم العالمى للكتاب وحقوق المؤلف، وجائزة اليونسكو فى الأدب للأطفال والشباب خدمة للتسامح، وفى كل عام تختار اليونسكو والمنظمات الدولية التى تمثل القطاعات الرئيسية الثلاث لصناعة الكتاب - وهم الناشرون وباعة الكتب والمكتبات - العاصمة العالمية للكتاب لمدة عام واحد، ووفقا للجنة الاختيار وقع الاختيار هذا العام 2014 على مدينة بورت هاركورت بنيجيريا لجودة برنامجها، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق منه بالشباب وتأثيره فى مجال الكتب والقراءة والكتابة والنشر، بما يخدم تحسين معدلات القراءة والكتابة فى نيجيريا.

وأشارت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لليونسكو فى رسالتها بهذه المناسبة إلى أن تاريخ الكلمة المكتوبة هو تاريخ البشرية، وليس هناك ما يضاهى قوة الكتب فى النهوض بتحقيق شخصية الفرد وإحداث التغيير الاجتماعى، وتمثل الكتب عنصراً حميمياً ولكنها تنطوى أيضاً على بعد اجتماعى عميق، فإنها تقدم أشكالاً بعيدة الأثر من الحوار بين الأفراد داخل الجماعات وعبر الزمان، وكما قالت ملاله يوسفزاى التلميذة الباكستانية التى أطلقت عليها جماعة طالبان النار لأنها كانت تذهب إلى المدرسة للتعلم فى الكلمة التى ألقتها فى الأمم المتحدة: "فلنمسك بكتبنا وأقلامنا، فهى أقوى أسلحة لدينا".

وذكرت بوكوفا أنه بمناسبة اليوم العالمى للكتاب وحقوق المؤلف، تدعو اليونسكو جميع النساء والرجال إلى الالتفاف حول الكتب وحول الذين يكتبون وينتجون الكتب، فهذا اليوم للاحتفال بالكتب بوصفها تجسيداً للإبداع البشرى وللرغبة فى تبادل الأفكار والمعارف، وفى إلهام التفاهم والتسامح، ولا توجد لدى الكتب مناعة تحميها من رياح التغيير فى العالم، التى تتجسد فى ظهور الأشكال الرقمية والانتقال إلى الترخيص المفتوح لتبادل المعارف، ويؤدى ذلك إلى مزيد من انعدام اليقين إلا أنه يتيح أيضاً فرصة جديدة لاعتماد حلول جديدة منها نماذج الأعمال الابتكارية فى عالم النشر، ويثير التغيير تساؤلات حرجة بشأن تعريف الكتاب ومعنى التأليف فى العصر الرقمى، وتضطلع اليونسكو بدور قيادى فى طليعة المناقشات الجديدة بشأن الانتقال من الكتب إلى الأشكال غير الورقية وحقوق المؤلفين.

وأكدت بوكوفا أنه من خلال مناصرة حقوق المؤلف والانتفاع المفتوح، تدافع اليونسكو عن الإبداع والتنوع والمساواة فى الانتفاع بالمعارف، وإننا نعمل فى جميع المجالات بدءاً بشبكة المدن المبدعة فى مجال الأدب وانتهاء بتعزيز محو الأمية والتعلم بالأجهزة المحمولة والمضى قدماً فى الانتفاع المفتوح بالمعارف العلمية والموارد التربوية.

فعلى سبيل المثال، تسعى اليونسكو جاهدة فى إطار شراكة مع شركة نوكيا ومنظمة القارئ العالمى إلى تسخير تكنولوجيا الأجهزة المحمولة لدعم محو الأمية، وتحقيقاً لهذه الغاية ستصدر فى 23 أبريل مطبوعاً جديداً بعنوان " القراءة فى عصر الأجهزة المحمولة"، ومن المنطلق ذاته منحت مدينة بورت هاركورت فى نيجيريا لقب العاصمة العالمية للكتاب فى عام 2014، استناداً إلى جودة برامجها، ولا سيما تركيز اهتمامها على الشباب وعلى التأثير الذى سيحدثه ذلك فى تحسين ثقافة الكتاب فى نيجيريا والقراءة والكتابة والنشر من أجل تحسين معدلات محو الأمية، وينطلق تنفيذ هذه المبادرة فى اليوم العالمى للكتاب وحقوق المؤلف، وهى تحظى بدعم اليونسكو إضافة إلى دعم رابطة الناشرين الدولية، والاتحاد الدولى لباعة الكتب، والاتحاد الدولى لرابطات المكتبات وأمناء المكتبات.

ودعت بوكوفا إلى تشجيع المؤلفين والفنانين على ضمان انتفاع المزيد من النساء والرجال بالقراءة والكتابة وبالأشكال التى يسهل الاطلاع عليها بطريقة ميسرة، لأن الكتب تمثل أقوى ما لدينا من أدوات للقضاء على الفقر وبناء السلام.

وتشير تقارير اليونسكو إلى أن النشر الإلكترونى لن يلغى النشر الورقى على الأقل خلال20 عاما القادمة، ولكن هذا النشر الورقى سيختفى تدريجيا بعد ذلك ودون أن يقصد الناشرون أو القراء ذلك، فبعد أن تنتشر المعارف الإلكترونية والكتب الإلكترونية، ويكثر قراؤها والمتعاملون معها لن تصبح هناك حاجة إلى الكتب الورقية أو النشر الورقى، وأيضا عندما تجد الأجيال التالية كل ما تحتاج إلى قراءته منشورا على شبكة الإنترنت أو على أقراص مدمجة (C.D) وتصبح هناك ألفة وعادات جديدة على القراء لم تعرفها الأجيال الحالية والسابقة، فإن ذلك سيكون مدعاة لاختفاء الورق والنشر الورقى دون أن يشعر الناس بذلك، وستصبح الكتب الورقية بعد ذلك مثل لفائف البردى ورقاع الجلود وأوراق الكتان والكتابة على الأحجار، لأن عصر الورق سينتهى حتما، فنحن نعيش العصر الرقمى الذى تتضح آثاره فى كل شىء الآن.

وثمة ما يدل على أن التعلم بالأجهزة المحمولة يبشر بالخير للمستقبل، فعدد مستخدمى هذه الأجهزة التى تشمل الحواسيب اللوحية والهواتف المحمولة وأجهزة القراءة الإلكترونية يزداد يوماً بعد يوم، وبلغ المجموع العالمى للمشتركين فى خدمات الهاتف المحمول مستوى قياسياً إذ ارتفع إلى 6 مليارات مشترك فى عام 2012، ونظراً إلى تراجع كلفة حيازة الهاتف المحمول، يعمد المزيد من سكان المناطق الشديدة الفقر إلى شراء هواتف من هذا النوع علماً بأن الحواسيب والكتب وحتى المدارس نادرة فى هذه الأماكن.

ويقدم التعلم بالأجهزة المحمولة فرصاً هائلةً للجميع، ولا سيما للأشخاص الذين يفتقرون إلى إمكانية الانتفاع بالتعليم الجيد. ومن الأمثلة على ذلك "مشروع اليونسكو لتعلّم القراءة والكتابة بالأجهزة المحمولة" فى ريف باكستان الذى استخدم الهواتف المحمولة لاستكمال الدورة التقليدية لمحو الأمية التى تقدم إلى المراهقات الباكستانيات وجهاً لوجه، وحقق هذا المشروع نتائج مذهلة. فبعد أن تم دعم دورة محو الأمية بواسطة الهواتف المحمولة، ارتفعت نسبة الفتيات اللواتى حصلن على درجة "ألف" ممن أتممن هذه الدورة من 28 % إلى 60%.

وذكر جانيس كاركلينز مساعد المديرة العامة للاتصال والمعلومات فى اليونسكو، إنه على الرغم من هذه الإمكانات الكبيرة لا يتم تسخير تكنولوجيات الأجهزة المحمولة بالطريقة المناسبة لأغراض التعليم، وأضاف كاركلينز أننا لا يمكننا أن نعيش كأننا ما زلنا فى عصر ما قبل التكنولوجيات الرقمية، لأن ذلك قد يحد من جدوى التعليم المتاح فى المدارس. وإننا نعيش فى عالم يحمل فيه الكثير من الشباب، إن لم يكن معظمهم حواسيب محمولة قوية وسهلة الاستعمال فى جيوبهم. ولا يتمحور السؤال المطروح حول احتمال إقدام المدارس والنظم التعليمية على استخدام التكنولوجيات المحمولة، بل يتمحور حول التاريخ الذى ستعتمد فيه هذه التكنولوجيات والطريقة التى ستتبعها لإنجاز هذه الخطوة.

وبمناسبة أسبوع التعلم بالأجهزة المحمولة، أطلقت اليونسكو مجموعة من المبادئ التوجيهية لسياسات التعلم بالأجهزة المحمولة وشجع السيد كاركلينز المشاركين على الانضمام إليه لاستكشاف سبل تسخير تكنولوجيات الأجهزة المحمولة من أجل زيادة فرص التعلم لمنفعة الجميع.

وذكرت " آن بوفرو" المديرة العامة لرابطة مشغلى النظام العالمى للاتصال بالأجهزة المحمولة،، أنها واثقة من أن التعلم بالأجهزة المحمولة جمع من الزخم ما يمكنه من الانتقال إلى المرحلة التالية، وقالت إننا نعتبر أنه بات بإمكاننا أن ننتقل إلى المرحلة التالية وأن ننفذ فى شتى أنحاء العالم برامج ناجحة وواسعة النطاق تحظى بدعم الحكومات فى مجال التعلم بالأجهزة المحمولة. 

ومن مزايا الكتاب الإلكترونى أنه يمكن طلبه وتسليمه فوريا عبر الوسائط الإلكترونية، وأنه مضغوط ومريح ويمكن حمله والتنقل به، ويزيد من القدرة على التحكم فى شكل العرض مع خصائص رقمية لتدوين الملاحظات والبحث والتحول إلى نص مقروء مع سرعة البحث عن المعلومات وتحويل النص إلى صوت، كما يمكن قراءته فى إضاءة جزئية أو فى الأماكن المظلمة، بالإضافة إلى قلة تكلفة توزيعه إلى حد كبير. أما فوائده بالنسبة للمؤلف فهى عديدة منها أنه يمكن للمؤلف نشره بنفسه وتوزيعه على موقع فى شبكة الإنترنت أو وضعه على قرص بسعر زهيد. وأنه لا يقبل الانتظار إذا أراد المؤلف نشره فى الحال، وأنه قابل للتغيير والتحديث بسهولة دون الحاجة إلى دورة طباعة أو البحث عن ناشر أو إلقاء الطبعة القديمة بعيدا والاستغناء عنها. فضلا عن أنه يزيد من ربحية المؤلف، مع احتفاظه بكافة حقوق الملكية الفكرية التى لا تنتهى.

ومن عيوب الكتاب الإلكترونى من وجهة نظر القارئ أنه قد لا يكون هناك توافق فى البرمجيات والتنسيقات المختلفة، وأنه يحتاج إلى تغذية كهربائية، وقد تكون قراءته صعبة بالنسبة لبعض القراء، وقد تمنع طباعته ونسخ مقتطفات منه، وأن أجهزة القراءة قد تكون مرتفعة الثمن حاليا، أما عيوبه من وجهة نظر المؤلف والناشر، فإنه يمكن نسخه مرات بدون إذن إذا لم يكن محميا، كما يمكن التقاط الصور والرسوم التوضيحية عن طريق التقاط صورة الشاشة نفسها (برنت سكرين) ثم اللصق، وقد لا يوجد تنسيق مميز أو متفق عليه، فضلا عن صعوبة وضع الرسوم التوضيحية الكبيرة.

وعلى ذلك من الصعب القول بانتهاء عصر المطبوعات الورقية أو انتهاء منفعتها، إذ لا يزال النشر الإلكترونى صناعة غير واضحة المعالم وفى بداياتها الأولى.

وهناك عدة تنسيقات من الممكن الاختيار من بينها، منها تنسيق قارئ مايكروسوفت وهو يظهر النص فى صفحة واحدة، وتنسيق قارئ موبى بوكيت ويتميز بخصائص تقليب الصفحات باللمس، وتنسيق قارئ الحاسب المحمول، ويتميز بأنه يعرض الكتاب بعدة أنواع من خطوط الكتابة مع تغيير مقاس الخط، ويمكن من خلاله التحكم فى كيفية ظهور النص على الشاشة. وهناك تنسيق جيم ستار وهو يظهر الكتاب الإلكترونى كما لو كان كتابا ورقيا ولكن بالخصائص الإلكترونية الإضافية المميزة مثل الفهرس المدمج والبحث عن الكلمات وشاشة لمس لكتابة الملاحظات وإضافة وتحديد أجزاء النص وعمل إشارات مرجعية، وغير ذلك من عالم التنسيقات. أما عن كيفية قراءة الكتاب الإلكترونى فهناك القراءة على شكل ملف أكروبات بى دى إف PDF أو بصورة ملف تنفيذى EXE أو على هيئة كتاب محمول PRC.