خيّب السيسي آمال مصريين أثناء أدائه اليمين الدستورية وزيرًا للدفاع في الحكومة الجديدة، بعدما توقعوا منه تقديم استقالته تمهيدًا لترشحه للرئاسة، ولا يؤخره على خطوته هذه سوى عدم صدور قانون انتخابات ورغبته في ترتيب وضع المؤسسة العسكرية.


 توقع المصريون إعلان المشير عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، ترشحه للانتخابات الرئاسية في أعقاب استقالة حكومة حازم الببلاوي المفاجئة، إلا أنه خيّب توقعاتهم، واستمر في منصبه، ما أثار علامات استفهام حول أسباب تأخر السيسي في إعلان الترشح، لاسيما أن كل المؤشرات تؤكد أنه حسم أمره، وقرر خوض المنافسة على منصب رئيس الجمهورية.

وفقًا لسياسيين مصريين، فإن تأخر السيسي يرجع إلى عدم صدور قانون الانتخابات الرئاسية، فضلًا عن رغبة في ترتيب الأوضاع داخل القوات المسلحة المصرية، بما يضمن استقرارها، إضافة إلى ترتيب الأوضاع في باقي الأجهزة الأمنية، ولاسيما جهاز الشرطة، لضمان قدرته على مواجهة الإرهاب، فضلًا عن أهمية دراسة الأمر بشكل متعمق، لاسيما أنه سوف يرث تركة ثقيلة من الأزمات والمشكلات التي تعانيها مصر.

لا تأخير

حسب وجهة نظر، المستشار رفاعي نصر الله، مؤسس حملة (كمّل جميلك) لدعم السيسي في الانتخابات الرئاسية، فإن رغبة السيسي في ترتيب الأوضاع داخل المؤسسة العسكرية، والإطمئنان إلى استقرارها، هو السبب الأهم في تأخر إعلانه الترشح للانتخابات الرئاسية.

وأوضح نصر الله لـ"إيلاف" أن السيسي يعمل حاليًا على ترتيب الأوضاع أيضًا داخل الأجهزة الأمنية، بما يضمن قدرتها وفعاليتها في مواجهة الإرهاب، والقضاء عليه. ولفت إلى أن السيسي حسم أمره، وسوف يترشح للرئاسة، نافيًا الأنباء التي ترددت أخيرًا حول تراجعه عن الترشح.

لم يتأخر السيسي في إعلان ترشحه للرئاسة، بل إن المصريين هم من يستعجلونه، هكذا قالت مارغريت عازر، الأمينة العامة السابقة لحزب المصريين الأحرار. وأضافت لـ"إيلاف" أن قانون الإنتخابات الرئاسية لم يتم إنجازه حتى الآن، مشيرة إلى أنه من الصعب إعلان أية شخصية خوض الانتخابات، من دون أن تعلم معايير وشروط الترشح.

ولفتت إلى أن السيسي رجل منضبط ويعمل وفقًا للقانون، ولا يمكن أن يستبق الأحداث ويعلن ترشحه للانتخابات من دون أن يعلم طبيعة المنافسة وشروطها. وأفادت بأن أي حديث عن ترشح شخصية وتأخر الأخرى، سابق لأوانه، منوهة بأن أية إجراءات يقوم بها مرشحون محتملون حاليًا، غير قانونية، ولا يعتد بها، لاسيما في ظل عدم صدور قانون الانتخابات الرئاسية.

ضبابية
ويرى محمود عفيفي، المتحدث السابق باسم حركة 6 أبريل، أن أمر السيسي محيّر. وقال لـ"إيلاف" إن الجميع في مصر إعتقد أن السيسي سوف يقدم استقالته من منصب وزير الدفاع، عندما تقدمت حكومة الببلاوي باستقالتها، مشيرًا إلى أن المصريين فوجئوا به يؤدي اليمين أمام الرئيس الموقت، ولفت إلى أن الأجواء حول ترشح السيسي للرئاسة تتسم بالضبابية.

يحتاج السيسي الكثير من التأني حتى يتخذ قراره. وقال اللواء نبيل فؤاد مساعد أول وزير الدفاع السابق، إن الأمر يحتاج وقتًا للتفكير؛ لاسيما أن الترشح للرئاسة ليس قرارًا شخصيًا، بل قرار يتعلق بمستقبل مصر، التي تضم نحو 94 مليون نسمة.

أضاف أن مصر تمر بحالة استثنائية، مشيرًا إلى أنها تعاني من عدم الاستقرار وظروف اقتصادية صعبة جدًا، معتبرًا أن التركة ثقيلة جدًا، وتحتاج تفكيرًا عميقًا، لاسيما أن الشعب يضع آمالًا كبيرة على السيسي في حالة وصوله إلى الرئاسة، في حين أنه شخصيًا يعلم جيدًا أنه لا يمتلك عصا سحرية لحل كل مشكلات مصر في فترة وجيزة.

لا تعد ولا تحصى
التركة الثقيلة من الأزمات الاقتصادية والأمنية والفوضى التي تعانيها مصر، أهم أسباب تروي السيسي في قراره بشأن الترشح للرئاسة. وقالت صحيفة "ذي إيكونوميست"، البريطانية، إن الجيش يخشى من تبعات تحمّله المسؤولية في هذه الظروف الاستثنائية.

وأضافت في تقرير لها بعنوان "السياسة المصرية ولعبة الكراسي الموسيقية": "بالرغم من الثقة بأن الحملة الأمنية لا تزال مدعومة من شريحة واسعة من الجمهور، خاصة وسائل الإعلام، إضافة إلى استمرار الدول العربية في ضخ المال لمساعدة الاقتصاد المصري، إلا أن تردد السيسي حتى الآن في ترشيح نفسه رسميًا للرئاسة، يشير إلى أن الجيش لا يزال حذرًا من تحمل مشاكل لا تعد ولا تحصى في البلاد".

وذكرت أن "الكثيرين افترضوا أن استقالة حكومة الببلاوي جزء من مناورة لتمهيد الطريق لخوض السيسي انتخابات الرئاسة، إلا أنه فاجأ الجميع وهو يؤدي اليمين الدستورية وزيرًا للدفاع في الحكومة الجديدة".