دخلت أوكرانيا أجواء الاستعداد لحرب فعلية،
حيث قررت كييف استدعاء قوات الاحتياط ردا على قرار مجلس الاتحاد الأعلى الروسى
بالموافقة على التدخل العسكرى فى شبه جزيرة القرم الأوكرانية، فى الوقت الذى صعدت
فيه الدول الغربية من ضغوطها على موسكو لإثنائها عن هذا التدخل الوشيك.
ففى كييف، قال أندريه باروبى سكرتير مجلس
الأمن القومى الأوكرانى الذى يضم قادة الأمن والدفاع فى أوكرانيا أمس إن بلاده
استدعت جميع قوات الاحتياط، وتعمل الآن على ضمان الاستعداد القتالى للقوات المسلحة
فى أسرع وقت ممكن، بما فى ذلك تعزيز الإجراءات الأمنية فى منشآت الطاقة.
وأضاف أن أمرا صدر أيضا لوزارة الخارجية
للسعى لكسب مساعدة الولايات المتحدة وبريطانيا لضمان أمن أوكرانيا فى ظل ما تواجهه
من تهديدات.
وميدانيا، ذكرت وكالة إنترفاكس الروسية
للأنباء أن جنودا روسيين صادروا أسلحة من قاعدة رادار ومنشأة تدريب بحرية فى منطقة
القرم الأوكرانية، وحثوا الجنود هناك على الوقوف إلى جانب الزعماء »الشرعيين« للقرم.
ونقلت عن مصدر وزارة الدفاع الأوكرانية قوله إن الجنودا روسا صادروا مسدسات وبنادق
وذخيرة من قاعدة الرادار قرب بلدة سوداك ونقلوها فى سيارات. وصادرت مجموعة أخرى من
الجنود الروس أسلحة من مركز تدريب بحرى أوكرانى فى مدينة سيفاستوبول التى توجد
فيها قاعدة أسطول البحر الأسود الروسي.
كما صرح يفجينى سافشينكو حاكم منطقة بلجورود
الروسية بأن جماعات مسلحة حاولت قطع طريق مؤد إلى أوكرانيا، وأضاف لوسائل الإعلام
الروسية: يتجول مسلحون فى المنطقة.. كانت هناك محاولة لقطع الطريق من موسكو إلى
القرم.. هذا أمر مثير للقلق بحق.
يأتى ذلك فى الوقت الذى ذكرت فيه وكالة إيتار
تاس الروسية للأنباء أن وحدات من الجيش الأوكرانى التى تخدم فى شبه جزيرة القرم
انشقت وانضمت إلى قوات الدفاع الذاتى هناك.
وقالت الوكالة إن الكثير من العسكريين
الرافضين لسياسات كييف يتركون وحداتهم ويستقيلون، وأن بعض الوحدات تعلن استعدادها لاتباع
أوامر قوات الدفاع الذاتي. وأكد جهاز حرس الحدود الروسى أيضا أن نحو 675 ألف
أوكرانى فروا إلى روسيا فى يناير وفبراير الماضيين إن هناك بوادر «كارثة إنسانية».
وذكرت الوكالة أن الجهاز قال إذا استمرت الفوضى الثورية فى أوكرانيا سيتدفق مئات
الآلاف من اللاجئين على المناطق الحدودية الروسية.
وكان الرئيس الأمريكى باراك أوباما قد أجرى
اتصالا هاتفيا مساء أمس الأول استغرق 90 دقيقة بنظيره الروسى فلاديمير بوتين أكد
خلاله أن إرسال قوات روسية إلى منطقة القرم انتهاك واضح لسيادة أوكرانيا، وحذره من
زيادة عزلة روسيا اقتصاديا وسياسيا إذا لم يتم سحب هذه القوات، ودعاه إلى عدم
تصعيد التوتر فى القرم وإلى الامتناع عن أى تدخل فى مناطق أخرى بأوكرانيا.
وقال البيت الأبيض فى بيان إن«الولايات
المتحدة تدين التدخل العسكرى الروسى فى الأراضى الأوكرانية، وأن الرئيس أوباما
أبدى قلقه العميق من انتهاك روسيا الواضح لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها والذى
يمثل خرقا للقانون الدولى.
وفى إشارة مبدئية لعدم رضائه عما يحدث، قال
البيت الأبيض إن الولايات المتحدة ستعلق مشاركتها فى الاجتماعات التحضيرية لاجتماع
قمة الثمانى فى سوتشى بروسيا.
ولكن بناء على الرواية الروسية لهذا الاتصال
الهاتفي، فإن بوتين لم يتراجع عن موقفه، وأكد لأوباما بحزم أن موسكو تحتفظ بحق
حماية مصالحها ومصالح الناطقين بالروسية فى أوكرانيا إذا تعرضت لتهديد.
وفى واشنطن أيضا، صرح مسئول دفاعى أمريكى
بأنه لم يحدث تغيير فى وضع التأهب للقوات العسكرية الأمريكية، بينما قال مسئول
أمريكى آخر إن التركيز ما زال على الخيارات الدبلوماسية.
كما أجرى أوباما اتصالات منفصلة مع بان كى
مون الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند ورئيس الوزراء
الكندى ستيفن هاربر بشأن أوكرانيا، حيث اتفقوا جميعا على التنسيق عن كثب ومن خلال
المنظمات الدولية من أجل الحفاظ على الوحدة داخل المجتمع الدولى دعما للقانون
الدولى ولمستقبل أوكرانيا وديمقراطيتها.
كما أجرى بان كى مون اتصالا هاتفيا ببوتين
لمناشدته البدء فورا فى حوار مباشر مع السلطات فى كييف، ودعاه إلى تغليب صوت
الحكمة.
وعقد حلف شمال الأطلنطى «الناتو» أمس اجتماعا
فى بروكسل على مستوى السفراء لبحث تداعيات الموقف الخطير فى أوكرانيا.
وذكر مسئول بارز فى الحلف أن الأسطول البحرى
الأوكرانى الصغير الذى كان فى الأصل جزءا من أسطول البحر الأسود محاصر من قبل
السفن الحربية الروسية.
وأشار إلى أن الاستيلاء الروسى على القرم أمر
سهل نسبيا لأن الجيش الأوكرانى حريص على عدم الرد على أى استفزاز من شأنه أن يبرر
أى تدخل أوسع نطاقا.
وكان جريجورى كاراسين نائب وزير الخارجية
الروسى قد أوضح فى وقت سابق أن موافقة مجلس الاتحاد الروسى على إعطاء الرئيس بوتين
حق استخدام القوات المسلحة الروسية فى القرم لا يعنى أن هذا الأمر سيحدث بين ليلة
وضحاها.
وفى نيويورك، تبادل أعضاء مجلس الأمن الدولى
فى اجتماع طارىء شابه التوتر فى نيويورك الاتهامات بشأن الوضع فى أوكرانيا. وشهدت
الجلسة التى استمرت أكثر من أربع ساعات خلافات إجرائية بسبب اعتراض السفير الروسى
على حضور مندوب أوكرانيا، وتضامن معه نظيره الصيني، مما تسبب فى إخفاق المجلس فى
إصدار حتى بيان صحفى حول أوكرانيا.