خيمت أجواء الحرب الباردة مجددا بين الولايات المتحدة وروسيا بعد تصاعد التطورات الدراماتيكية فى أوكرانيا ، ففى الوقت الذى استعرضت فيه روسيا قوتها، ودفعت فيه بنحو 6 آلاف جندى إضافى إلى منطقة القرم ذاتية الحكم، حذر الرئيس الأمريكى باراك أوباما نظيره الروسى فلاديمير بوتين من التدخل العسكرى فى القرم.

ففى كييف، اتهم الرئيس الأوكرانى المؤقت أولكسندر تيرتشينوف روسيا بمحاولة تنفيذ سيناريو مشابه لما حدث قبل أن تخوض الحرب مع جورجيا فى 2008.

وكشف إيهور تينيوخ وزير الدفاع الأوكرانى عن أن موسكو دفعت بستة آلاف جندى إضافى إلى أوكرانيا فى الآونة الأخيرة، وأن الجيش الأوكرانى فى حالة تأهب فى منطقة القرم. وأعلن أرسينى ياتسينيوك رئيس الوزراء الأوكرانى أن بلاده لن تنجر إلى صراع عسكرى جراء «الاستفزازات» الروسية فى منطقة القرم، وناشد موسكو وقف التحركات العسكرية هناك.

وأضاف ياتسينيوك، قبل أول اجتماع للحكومة الجديدة فى كييف أنه «من غير المقبول أن تصل مركبات عسكرية روسية مدرعة إلى وسط البلدات الأوكرانية».

وطالب روسيا بسحب القوات وتطبيق «الاتفاقيات الثنائية». وأعلن سيرجى أكسيونوف رئيس حكومة القرم عن وضع كل قوات شبه الجزيرة مؤقتا تحت تصرفه بشكل شخصى وطلب مساعدة روسيا فى حفظ الأمن.

 

وفى تطور آخر، اتخذ عشرات المسلحين بالبنادق الآلية وملثمون يرتدون الزى العسكرى ، وبدون علامة تسمح بتحديد هويتهم مواقع فى محيط برلمان القرم فى سيمفروبول، كما تم نصب رشاشين فى موقع يمكن واضعيه من الدفاع عن مبنى البرلمان.

وكانت مجموعة قوات خاصة «كوماندوز» موالية لروسيا قد سيطرت الخميس الماضى على البرلمان، لكنها لم تكن مرئية فى الخارج.

وعلى صعيد الموقف الروسى المناهض لعزل الرئيس الأوكرانى فيكتور يانوكوفيتش، أعلنت موسكو أنها تدرس طلب المساعدة المقدم من جمهورية القرم التى تتمتع بحكم ذاتى داخل أوكرانيا، وذلك نظرا لتزايد التوترات فى القرم. وقال مصدر فى الكرملين لوكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية إن موسكو لن تتجاهل الطلب الذى قدمه رئيس حكومة القرم إلى الرئيس الروسى فلاديمير بوتين. وكان أكسيونوف قد أجرى اتصالا هاتفيا مع بوتين طلب فيه مساعدة روسيا فى إحلال الهدوء والسلام فى شبه جزيرة القرم.

وفى نيويورك رفض فيتالى تشوركين سفير روسيا فى الأمم المتحدة الانتقادات الموجهة لبلاده ، قائلا إن أى تحركات عسكرية روسية فى القرم تتسق مع اتفاقية روسيا مع أوكرانيا بشأن وجود الأسطول الروسى فى البحر الأسود.

وأكد تشوركين أن القلاقل التى تحدث فى أوكرانيا ترجع إلى «الاستيلاء على السلطة» فى كييف، واصفا الحكومة الجديدة فى كييف بأنها «ليست حكومة وحدة للشعب الأوكراني»، ودلل على ذلك بقرار البرلمان إلغاء قانون اللغات «الذى كان يحمى الأقلية الروسية فى شبه جزيرة القرم»، الأمر الذى تسبب فى حدوث ردود أفعال فى مناطق مختلفة من أوكرانيا.

 

وتحدث تشوركين عن «نقض» الاتفاق الذى كان وسطاء دوليون قد وقعوه فى 21 فبراير الماضى فى كييف للخروج من الأزمة ، مشيرا إلى أن المخرج من الأزمة يمكن أن يتمثل فى العودة إلى هذا الاتفاق.

وأضاف أن هذا يعنى إعادة تعيين فيكتور يانكوفيتش فى منصبه رئيس لأوكرانيا.

وفى واشنطن، حذر الرئيس الأمريكى باراك أوباما روسيا من التدخل العسكرى فى أوكرانيا بعد أن اتهم زعماء البلاد الجدد موسكو بنشر قوات فى منطقة القرم. وأعرب أوباما عن قلقه العميق من تقارير التحركات العسكرية التى تقوم بها موسكو داخل أوكرانيا، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة ستقف مع المجتمع الدولى فى تأكيد أنه ستكون هناك تكلفة لأى تدخل عسكرى فى أوكرانيا. وكشف مسئول أمريكى بارز عن أن أوباما والزعماء الأوروبيين سيبحثون مقاطعة قمة مجموعة الثمانى التى تعتزم روسيا عقدها فى سوتشى الصيف المقبل حال تدخلها عسكريا فى أوكرانيا. ومن جهة أخرى، أعلنت وزارة الصحة الأوكرانية أن 94 شخصا قتلوا وأصيب 900 آخرون خلال أحداث العنف التى شهدتها كييف منذ 18 فبراير الماضي.

جاء ذلك فى الوقت الذى أعلنت فيه شركة «جازبروم» الروسية العملاقة للطاقة أن أوكرانيا تأخرت فى سداد 1.5 مليار دولار تمثل قيمة إمدادات الغاز الطبيعى ، الأمر الذى قالت الشركة إنه ربما يرغمها على إلغاء الخفض فى سعر الوقود الذى تم الاتفاق عليه فى شهر ديسمبر الماضي.

وفى طهران، قرر رادوسلاف سيكورسكى وزير الخارجية البولندية فى مؤتمر صحفى مع نظيره الإيرانى محمد جواد ظريف، اختصار زيارته إلى إيران بسبب الوضع الحرج فى القرم ومن المقرر أن يبدأ ويليام هيج وزير الخارجية البريطانية زيارة إلى كييف اليوم لإجراء محادثات مع الحكومة الأوكرانية الجديدة.