أصدرت الحكومة الأوكرانية الانتقالية أمس أمراً باعتقال الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش بتهمة ارتكاب جرائم قتل جماعية فى الوقت الذى يلتئم فيه البرلمان الأوكرانى لتعيين رئيس الحكومة الجديد خلال وجود كاثرين أشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى فى كييف لبحث مستقبل الدولة الأوروبية ومحاولة الحيلولة دون انزلالق البلاد إلى نفق «الانقسام» وسط مخاوف من رد فعل روسى قد يتضمن تلويحاً بتدخل عسكرى مع استدعاء موسكو سفيرها فى كييف للتشاور.

وأعلن أرسين أفاكوف القائم بأعمال وزير الداخلية الأوكرانى أن القيادة الأوكرانية الجديدة قررت ملاحقة يانوكوفيتش بتهمة ارتكاب جرائم «القتل الجماعي»، مضيفاً أن الرئيس المعزول كان فى منطقة القرم المؤيدة لروسيا والتى تمتع بحكم ذاتى فى وقت متأخر من مساء الأحد حيث كان يستقل سيارة إلى جهة غير معلومة. وكان آخر ظهور ليانوكوفيتش فى مدينة دونتسيك ، التى حاول منها مغادرة البلاد على متن طائرة برفقة حراس مسلحين، إلا أن قوات حرس الحدود حالت دون هروبه، بحسب بياناتها.

ويواجه المشرعون فى أوكرانيا مهمة عاجلة تتمثل فى تشكيل حكومة جديدة وتعيين رئيس وزراء لقيادة البلاد بعد عدة أشهر من الاضطراب السياسي. وحث الرئيس المؤقت أولكسندر تورتشينوف نواب البرلمان أمس الأول على الاتفاق على حكومة ائتلافية تكون «حكومة ثقة وطنية» بحلول الثلاثاء. وعين البرلمان تورتشينوف رئيساً مؤقتاً لتولى المهام خلفا لفيكتور يانوكوفيتش الذى عزله البرلمان السبت الماضي.

من جانبه، قال زعيم المعارضة فيتالى كليتشكو: إن الذين تورطوا فى أفعال غير مشروعة خلال الاشتباكات القاتلة التى شهدتها كييف لابد أن يحاسبوا.

وتباينت ردود الفعل الدولية على خلفية هذه التطورات المتسارعة فى أوكرانيا، فى الوقت الذى دعا فيه الرئيس الاوكرانى الانتقالى اولكسندر تورتشينوف روسيا إلى احترام »الخيار الأوروبي« لأوكرانيا. فمن جانبها، استدعت روسيا سفيرها فى أوكرانيا ميخائيل زورابوف للتشاور. وترى موسكو أن المعارضة الأوكرانية لم تلتزم بشروط الاتفاق الذى تم التفاوض بشأنه الجمعة الماضى مع نظام يانوكوفيتش برعاية باريس وبرلين ووارسو، والذى نص على الخروج من الأزمة طبقاً لاحكام الدستور ولو حتم ذلك بقاء يانوكوفيتش بضعة أشهر فى السلطة.

وفى تأكيد لدعم الاتحاد الأوروبى للتحولات فى الدولة السوفيتية السابقة، توجهت كاثرين أشتون وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبى إلى كييف أمس لبحث المساعى للوصول إلى حل سياسى مع القيادة الجديدة فى أوكرانيا، حاملة هواجس أوروبا من إمكانية أن تواجه أوكرانيا خطر التقسيم بين الشرق الناطق بالروسى والقريب من روسيا الذى يمثل أغلبية السكان والغرب الناطق باللغة الأوكرانية والمؤيد للتقارب مع الاتحاد الأوروبي. وأبدت الإدارة الأمريكية نفس المخاوف، حيث حذرت سوزان رايس مستشارة الأمن القومى للرئيس الأمريكى باراك أوباما من تقسيم أوكرانيا أو »عودة العنف« لن يكون لمصلحة أى من أوكرانيا وروسيا والأتحاد الاوروبى والولايات المتحدة، مشددة على أن أى تدخل عسكرى روسى فى أوكرانيا سيكون «خطأ فادحاً».

وتقاطعت ردود الفعل الدولية مع مساعى النظام الجديد فى أوكرانيا لضمان الدعم المالى الكاف للحيلولة دون انزلاق البلاد إلى هاوية أزمة اقتصادية خانقة تهدد مسار التحول السياسي. وأعلن يورى كولوبوف وزير المالية فى السلطة الانتقالية الأوكرانية أن بلاده بحاجة إلى نحو 35 مليار دولار خلال العامين المقبلين لمواجهة الأزمة المالية الراهنة، مطالباً الدول واشنطن ووارسو بتقديم اعتمادات مالية خلال أسبوع أو أسبوعين على الأكثر وداعياً إلى تنظيم مؤتمر دولى للجهات المانحة بهدف جمع الأموال لإجراء تحديث واصلاحات فى الاقتصاد الأوكراني. وكان الرئيس بالوكالة أولكسندر تورتشينوف حذر من أن اوكرانيا على شفير التعثر فى سداد ديونها خلال الفترة المقبلة.