تباينت آراء ومواقف المثقفين تجاه تغيير اسم ميدان "رابعة العدوية" على صدى الدعوة التى أطلقها الكاتب الساخر أحمد رجب، حيث طالب بتغيير الاسم نظراً لمتاجرة جماعة الإخوان المسلمين به، فهناك من رأى أنها فكرة غير مجدية تحمل تزويرا للتاريخ وطمسا للحقيقة، فيما أيدها آخرون.
فى البداية يقول الكاتب والمؤرخ شريف يونس، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" فكرة أن السلطة تستطيع التحكم فى التاريخ وتُعيد تسمية الأسماء فكرة فى منتهى الانحطاط، لأنها سلطوية جداً ولا تؤدى إلى نتائج، وتبدو كما لو أنها إذا محت الاسم سيكون غائباً.
وأشار شريف يونس، إلى أن هذا التقليد بدأ مع نظام دولة يوليو تلك الدولة البوليسية، حيث إعادة تسمية الشوارع والميادين بأسماء يراها البعض جيدة، وهذا لا يترتب عليه نتائج كبيرة، لأن الناس فى الحقيقة تظل تستعمل الأسماء القديمة، فمازال ميدان التحرير يحمل نفس الاسم، ورغم أن محطة المترو تحمل اسم السادات إلا أن الناس تُطلق عليها التحرير وكذلك الأمر مع رمسيس ومبارك ثم الشهداء.
ورأى "يونس" أن تغيير الأسماء هذا يعُد إهدارا للتاريخ، فالتلاعب بالتاريخ ومحاولة طمسه هو جزء من العقلية القاصرة للبعض، فهم لا يفكرون فى سؤال الناس هل تفكر السلطة فى تنفيذ الفكرة أم لا كما لو أن السلطة تمحو كما تريد وتثبت ما تثبته. وهذا ليس حقيقيا، فالثابت فى التاريخ أن رمسيس الثانى طمس معبد حتشبسوت وأطلق عليه اسمه فتلقى هو التزوير، مضيفًا، لقد ولد ميدان رابعة يحمل نفس الاسم قبل أن يقترب منه الإخوان. وما زال الناس تطلق على شارع 26 يوليو اسم شارع فؤاد.
ورأى "يونس" أنه لا يجوز التحكم فى ذاكرة الشعب بالقرارات الإدارية، لأن هذا يُعتبر جزءاً من التفكير السيئ الذى يجب التخلص منه بصرف النظر عن موقفنا من الإخوان أو أى طرف آخر، وكون هذا الأمر مطروحا فهذا فى حد ذاته دليل على تفاهة عقل السلطة.
من جانبه رأى الكاتب والمستشار أشرف العشماوى، أن عملية تغيير الأسماء غير مجدية ولا قيمة لها، وأن الأهم هو أن نقوم بتغيير طريقة تفكيرنا ونجدد منها، مؤكدًا أن الحلول السطحية من نوعية تغيير الاسم أشبه بما حدث بعد 25 يناير عندما تم تغيير أمن الدولة بالأمن الوطنى، مجرد التفكير فى تغيير الأسماء أقرب للعبث.
وأكد "العشماوى" أنه ضد التغيير تماما، ولو حدث سنكون مثل النعامة التى تدفن رأسها فى الرمل وتظن أن لا أحدا يراها.
من جهة أخرى قال الكاتب والمحلل السياسى سعيد اللاوندى، إذا كان الهدف من تغيير الاسم احتواء الأزمة المشتعلة بين فريق رابعة وفريق آخر إذا صح التعبير فلا بأس، لأن أحداً من الإخوان لا يعرف رابعة ولم يقرأ عنها أنها كانت صوفية بالدرجة الأولى أو متحدة مع الذات الإلهية، وعلى أية حال لاحتواء الأزمة وعدم تماديها بشكل آخر فى مصر، أعتقد أن الأهم تغير اسم الميدان والجامع بآخر يتم الاتفاق عليه، لأن الأسماء ليست ثابتة وإنما متغيرة. كذلك هناك شوارع يُطلق عليها شارع فلان سابقاً. تغيير الشوارع والميادين معروف سابقاً، ثم لكى نتفرغ للعمل وليس المظاهرات، أو لخريطة الطريق التى رسمها الناس فى نفوسهم. لذا أؤيد التغيير طالما هناك موافقة من المحافظة وأبناء المنطقة أنفسهم. وهذا لن يكون تزويراً لأن معظم الشوارع يطُلق عليها أسماء أخرى، وإذا لم نغيرها نحن سيقوم بذلك جيل آخر.
وقال "اللاوندى" إنه ليس لديه مقترحات للتغير باسم معين.
فى نفس السياق يؤكد الكاتب مكاوى سعيد على ضرورة احتفاظ الميدان بنفس الاسم، لأنه سوف يطُلق عليه اسم آخر ليس له حيثية وإنما به مجاملات شخصية، مشيراً إلى أن ميدان المنشية الذى حاول الإخوان اغتيال جمال عبد الناصر به مازال يحمل نفس الاسم، ومهما أطلقنا على ميدان التحرير من أسماء سوف يظل يحمل نفس الاسم. فى النهاية نجد الدولة تضع أسماءً لا يستجيب لها الرجل العادى، ظاهرة رابعة سوف تنتهى والمسألة لا تحتمل كل هذا الجهد، هذا ميدان منتسب للجامع الموجود به وهو جامع رابعة العدوية وإذا تم تغيير الميدان لا بد أن نغير اسم الجامع وهذا صعب جداً. وحتى إذا تم التغيير باسم شخصية عظيمة فسيكون هناك ظُلم للشخص نفسه.
وقالت الدكتورة أمانى فؤاد الناقدة والأستاذة بأكاديمية الفنون، إنها تؤيد التغيير ولكن ليس فى هذه اللحظة حتى لا يتسبب فى إحداث توترات كثيرة لا نحتملها حالياً، فاللحظة والسياق مهمين فى أحداث التغيير حتى لا يزداد الأمر احتقاناً، كما تقترح إطلاق اسم ميدان 30 يونيو أو اسم أحد الشهداء وليكن محمد مبروك أو أحد الأبطال الذين يحافظون على أمن مصر.
وأضافت "فؤاد" أنها لا ترى غضاضة فى تغيير اسم الجامع والميدان لأننا نملك الأشياء والأيقونات وليس العكس، ولكن علينا استبدال رابعة باسم أحد الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم لكشف هذه الجماعة المخربة والإرهابية، كما ترفض "فؤاد" إطلاق اسم دينى حتى لا نذهب طوال الوقت إلى مناطق بها اختلافات دينية وعقائدية. ولا بد أن يكون هناك إحساس بمدنية الدولة وليس صبغ الأشياء بصبغات دينية حيث إننى ضد إطفاء الصبغة الدينية على كل أمور حياتنا.