"فى
هذه العمارة بالدور الثالث شقة 321 كان يعيش الفنان الكبير نجيب الريحانى من عام 1938
حتى عام 1949".. لافتة ستقابلك لحظة دخولك عمارة الإيموبيليا، أقدم عمارات
وسط البلد والتى تقع فى تقاطع شارعى شريف وقصر النيل.
اللافتة التى
تصدرت واجهة العمارة تجعلك متشوقاً لتكتشف المزيد عن هذه العمارة التى سكنها
عمالقة زمن الفن الجميل.. ستجد أن الشكل الخارجى للعمارة يتمثل فى برجين أحدهما
بحرى ويتكون من 11 طابقا، والآخر قبلى ويرتفع لـ13 طابق وأرضيات الإيموبيليا تنطق
بالجمال، حيث كتبت عليها "إيموبيليا"، وهى الشركة التى قامت بتصميم
وبناء العمارة فى عام 1940.
هنا كان يسكن
نجيب الريحانى وليلى مراد ومحمد فوزى وماجدة الصباحى وماجدة الخطيب، وهنا كان مكتب
أنور وجدى وعبد العزيز محمود ومحمد عبد الوهاب والصحفى الكبير على أمين وغيرهم من
عظماء زمن الفن الجميل.. ولكن الزمن غير الكثير بهذا المكان، فبعد رحيل هؤلاء
العظماء قرر الورثة أن تظل هذه الشقق مغلقة ولا يسكن بها أحد ويأتون هم لزيارتها
والاطمئنان على حالتها من حين لآخر، فى حين سيطرت الشركات ومكاتب المحاسبة
والمحاماة ومحلات الملابس على شقق أخرى داخل العمارة.
الحاج سباق
محمد شحاتة، الذى يعمل كمسئول أمن العمارة، قال "بدأت العمل هنا منذ عام 1970،
والتقيت بعم عوض أقدم بواب فى العمارة وهو من السودان، وحكى لى عن قصص أغلب سكان
العمارة وخاصة الفنانين".
ويشير إلى أن
أغلب شقق الفنانين مغلقة حالياً بأوامر من الورثة، مضيفاً أن "الدنيا إتغيرت
حتى سكان العمارة إتغيروا مبقاش فيه غير قشور بسيطة من الفنانين القدامى، فمازالت
زوجة المخرج الراحل كمال الشيخ تعيش بالعمارة، ومازالت ماجدة الصباحى تأتى فى شركة
الأفلام المالكة لها، وكذلك مازال يسكن موريس الجندى، مترجم الرئيس الراحل جمال
عبد الناصر.. والعمارة دلوقتى يسكنها الشركات والمكاتب ومفيش سكان غير قليل جداً".
ويقول "سباق"
إن ابنة الريحانى تأتى من حين لآخر لزيارة شقة والدها، وهى من قامت بوضع اللافتة
على باب العمارة، وكذلك ابن محمد فوزى يقوم أيضاً بزيارة شقة والده.
ويتذكر "سباق"
قصة أنور وجدى وكيف نشأت قصة حبه مع ليلى مراد، حيث كان يسكن فى الدور السادس،
وكانت تسكن فى الدور الـ11، وكذلك زيارات إسماعيل يس وزينات صدقى وعبد الفتاح
القصرى لنجيب الريحانى، حيث كانوا يتفقون على الروايات الجديدة.
غارقاً فى
حكاياته التى لا تنتهى جذب انتباهه صوت السيارة الخضراء التى توقفت أمام العمارة
مباشرة، جرى مهرولاً لفتح باب السيارة التى خرجت منها الفنانة "ماجدة الصباحى"،
التى تتردد على العمارة لزيارة شركة إنتاجها الخاصة بابتسامة رقيقة وعبارات راقية
رفضت إجراء حديث صحفى مكتفية ببعض الاعتذارات قائلة: "أنا مكتبى مفتوح لأى حد
عايز يدردش، بس الصحافة بعدت عنها من زمان".
باقى الذكريات
التى يسردها عم "سباق" عن "فن الريحانى"الذى كان يستخدم فنه
لمحاربة الاستعمار الإنجليزى، حيث كان يقوم بتمثيل رواية أسبوعية مغزاها مهاجمة
ومحاربة الاحتلال أو الفنانة مديحة يسرى، التى كانت تأتى لزيارة زوجة الفنان محمد
فوزى الأولى حتى وقت قريب وشركات الإنتاج التى طالما تردد عليها عظماء الفن والسينما
والمسرح، الذين عاشوا وتجولوا فى وسط البلد "لما كانت مصر حلوة".. كما
يقول عم سباق.
ويتذكر عم سباق
تصوير أحد الأفلام فى العمارة، حيث كان من بطولة نجلاء فتحى ومحمود يس، مضيفاً أنه
التقى بالفنان عبد العزيز محمود وهو كان "راجل فُكهى"، بحسب كلامه، حيث
كان يضحك معهم بعد أن يأتى من عمله بشارع الهرم.
ويضيف أن من
بين زوار العمارة كان الملك فاروق، بحسب كلام عم عوض، "لكنه كان يأتى متنكراً
دون أن يعرفه أحد لزيارة أحد سكان العمارة، حيث لم يعرفه أحد إلا عم عوض".