اهتز عرش صاحبة الجلالة الصحافة على وقع الأنباء التي أعلنت وفاة الصحفي المصري المخضرم محمود السعدني مساء الثلاثاء الرابع من مايو / آيار 2010 عن عمر يناهز 82 عاما.
 
ورغم أن الموت كما الحياة هو شريعة الله في الدنيا وكذلك رغم أن السعدني عانى ويلات المرض التي أقعدته عن الحركة طوال السنوات الستة الماضية إلا أن الخبر سقط كالصاعقة على أسماع كل من عرفوا قدر الأستاذ الراحل محمود السعدني أو كل من تتلمذ على يديه أو حتى كل من قرأ له وتعرف عليه من خلال مؤلفاته وكتاباته التي تعتبر من أعرق مدارس الكتابة الصحفية الساخرة.
 
ويعرف كل من اقترب للسعدني ذكائه الخارق الذي كان يستطيع أن يثقب أي شيء ليفهمه ويثبر غوره وكان عشقه الأكبر للفلسفة الصحفية الضاحكة لذلك كان يبتكر أساليب في الكتابة يتشربها العقل بسلاسة وتتذوقها العين والأذن باستمتاع بالغين رغم أن قضيته التي يكتب عنها قد تكون سياسية ومعقدة لكنها يأبى إلا أن يقدمه لقرائه في وجبة خفيفة الهضم جميلة الطعم.
 
والفقيد من رواد الكتابة الساخرة في الصحافة العربية وتميزت كتاباته بالأسلوب الساخر وعمل بصحف "الجمهورية" و"المصري" و"الجمهور المصري" ومجلة "المصور"، كما عمل سكرتير تحرير بمجلة روز اليوسف وشارك في تحرير وتأسيس عدد كبير من الصحف والمجلات العربية في مصر وخارجها حيث ترأس تحرير مجلة 23 يوليو في لندن.
 
وكان له باب ثابت فى مجلة المصور بعنوان "على باب الله" وفى صحيفة "أخبار اليوم" بعنوان "أما بعد" تناول فيهما قضايا سياسية واجتماعية هامة بأسلوبه الساخر الذي انفرد به.
 
وللسعدني أيضا كتب منها "الظرفاء" و"المضحكون" الذي تناول فيه عددا من ممثلي الكوميديا و"أمريكا يا ويكا " و"مصر من تاني" و "الموكوس في بلاد الفلوس" و "الولد الشقي في السجن" و "حمار من الشرق" و"بلاد تشيل وبلاد تحط" و "الطريق الى زمش".

محمود السعدني مع اخيه صلاح السعدني قبل الوفاة       
 
وكتب مذكراته بعنوان "الولد الشقي في المنفى" و"مذكرات الولد الشقي" وتجمع بين اليوميات والمغامرات الصحفية والمآزق الشخصية.
 
وهو من مواليد محافظة المنوفية وشارك في الحياة السياسية بفاعلية في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر ، وعاد إلى مصر من منفاه الاختياري سنة 1982 بعد اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات.
 
والمعروف أن السعدني كانت تربطه صلات قوية بعدد من الحكام العرب مثل الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس العراقي الراحل صدام حسين وقد اعتزل العمل الصحفي والحياة العامة سنة 2006 بسبب المرض.
 
ووهنت ذاكرة السعدني في مرضه الاخير الذي استمر سنوات حتى كان ينسى من حوله وحال المرض دون خروجه من بيته أو الكتابة الاسبوعية التي ظلت منتظمة في مجلة "المصور" وصحيفة "أخبار اليوم".
 
وبصفة عامة يعرف عن السعدني أنه تخلى في أعماله عن البلاغة التقليدية ونحت قاموسا جديدا من الألفاظ التي تجمع بين الفصحى والعامية المصرية، وفي النهاية لا يسعنا إلا أن نتقدم لله الحي القيوم أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته