خرجت مصادر حكومية رفيعة المستوى عن بعض صمتها إزاء ما أسمته بـ«اللغط والغبار السياسي» المثار حول ملفات وملاحظات عدة ارتبطت بعمل الحكومة وقراراتها، وكانت في موقع مرمى القوى السياسية المعارضة، ومادة لإنعاش موسم انتخابي، بدءا من المنحة المليارية لجمهورية مصر العربية التي اقرتها الكويت اخيراً بـ 4 مليارات دولار، مروراً بما ألمح إليه نائب رئيس مصر الموقت للعلاقات الخارجية ورئيس حزب الدستور السابق الدكتور محمد البرادعي عن مدى امكانية دول الخليج تسديد احتياجات بلاده المقدرة بـ35 مليار دولار.وقالت المصادر لـ «الراي»: «بداية لا بد من أن يتم وضع النقاط على الحروف في شأن المنحة المالية التي اقرتها الدولة كمساعدة للأشقاء في جمهورية مصر العربية والمقدرة بأربعة مليارات دولار، خصوصا وان هناك تصورا تم تقديمه لعموم المواطنين من قبل المهتمين والعاملين في الشأن السياسي مفاده بأن هذا المبلغ سيخرج من خزينة الدولة دون عودة لها، كما انه لن يمر بالاطر القانونية والدستورية الطبيعية له، وهذا مناف للحقيقة».وقالت المصادر ان «ملياري دولار من هذه المنحة ستكون وديعة في البنك المركزي المصري (بفائدة) لتعزيز مركز الجنيه المصري من خلال رفع احتياطي العملات الاجنبية وتحسين درجة الملاءة المالية والاستقرار النقدي، والملياران من اموال ودائع البلاد الخارجية وسيتم نقلها من بعض البنوك المركزية لبعض الدول الى جمهورية مصر العربية وبالعوائد نفسها تقريبا، اما الملياران المتبقيان من المنحة فإن احدهما سيكون عبارة عن مشتقات نفطية سيتم منحها بناءً على عقود ثنائية موقعة بالاساس بين البلدين في إطار التعاون في مجال الاعمال النفطية ومشتقاتها ما بين وزارة البترول المصرية ومؤسسة البترول الكويتية والشركات التابعة لها ونفط الكويت، وسيقابله تقديم خدمات من الجانب المصري في المجال النفطي ومشتقاته، وهي أمور خاضعة لرقابة مجلس الامة، في حين ان المليار الأخير والذي سيقدم كمنحة لدعم الشعب المصري الشقيق وغير عائد لخزينة الدولة، فإنه لن يقدم دون الحصول على موافقة مجلس الامة».وأوضحت المصادر ان الحكومة ستعرض على المجلس المقبل تقديم المنحة الكويتية للشعب المصري المقدرة بمليار دولار للحصول على موافقته عليها كما حصل في المنحة التي تقدمت بها البلاد لدعم الولايات المتحدة الاميركية بعد اعصار «كاترينا» والمقدرة بنصف مليار دولار، ووافق عليها المجلس آنذاك.وأشارت المصادر الى أن أي ملبغ تقدم الحكومة على صرفه لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يصرف من الميزانية العامة للدولة دون مروره بالقنوات الرقابية الدستورية والطبيعية لها ومنها مجلس الامة وديوان المحاسبة، وبالتالي حتى وان كان تقديم مثل هذه المنح لأمور تتعلق في شأن السياسة الخارجية للدولة فإنها لا تتجاوز قنواتها ومؤسساتها الطبيعية بالدولة».وعن مدى إمكانية البلاد تحمل اعباء مالية اخرى خاصة بالملف المصري، لا سيما وان نائب رئيس الجهورية الموقت للعلاقات الخارجية البرادعي ألمح الى امكانية تقديم دول الخليج دعما اضافيا لتوفير احتياجات بلاده المقدرة بـ35 مليار دولار؟ قالت المصادر ان «الجهات المسؤولة عن الشؤون المالية والميزانيات في الدولة تؤكد صعوبة تقديم اي مساعدات اضافية، هذا ان لم يكن مستحيلاً تقديمه في المستقبل، خصوصا بعد ما تم الاعلان عنه من دعم حالي ووفق الحدود التي تسمح بها ميزانية الدولة».وعن حقيقة ما ذكر عن عجز الميزانية العامة للدولة، وأيضا ما طرح ضمن عناوين خطابات بعض القوى السياسية عن غياب الاموال التي تم رصدها لخطة التنمية والمقدرة بـ30 مليار دينار وأين ذهبت هذه الاموال؟ أوضحت المصادر ان العجز المقدر بالميزانية الحالية هو عجز دفتري وفق تقدير سعر برميل النفط بالميزانية الحالية بـ70 دولارا، وهو ليس عجزاً واقعيا.اما في ما يتعلق بأموال خطة التنمية فهي يتم صرفها ضمن ميزانية كل عام منذ تاريخ اقرار الخطة، بمعنى انه في كل ميزانية سنوية تمت اضافة مبالغ تنفيذ ما ورد بالخطة ضمنها، بمعنى ان الخطة نصت على توفير فرص العمل وتم توظيف عدد من مستحقي الوظائف وتمت اضافة المبالغ المترتبة على ذلك في الباب الاول للميزانية من المبالغ المخصصة لخطة للتنمية، وكذلك الكوادر والزيادات ودعم الطلبة ومشروع تدريبهم قبل التوظيف، في حين تمت اضافة المبالغ المخصصة لخطة التنمية ايضا على الباب الثاني من الميزانية لدعم السلع والخدمات لتحسين مستوى معيشة المواطن.اما في ما يتعلق بالمشاريع الكبرى فقد تم الشروع ببعضها وتمت اضافة مبالغها المخصصة من خطة التنمية ضمن الباب الرابع والمتعلق بالمشاريع الانشائية والصيانة والاستكمالات العامة.وتابعت المصادر: ان المبلغ لم يرصد بشكل مستقل عن الميزانية العامة للدولة وانما ضمنها في كل سنة على حدة، وهي اليوم تقدر بنحو 21 الى 22 مليار دينار، 11 مليارا فقط للباب الاول «المرتبات» النقدية والعينية والتأمينية و6 مليارات لدعم المستلزمات السلعية والخدمات والبقية بحدود 4 الى 5 مليارات حسب الميزانية كل سنة منها توزع على الابواب الثلاثة المتبقية ويكون النصيب الاعلى منها للباب الرابع المعني بالمشاريع الانشائية والصيانة والاستملاكات العامة.ولفتت المصادر الى ان هذه الميزانيات تخضع لرقابة مجلس الامة في لجنة الميزانيات ولديوان المحاسبة، وبالتالي يجب ان تسمى الامور بمسمياتها «ونستغرب ممن يتساءل أو يطرح فكرة ان هناك من بدد خطة التنمية وكأن هذه الاموال رصدت بشكل مستقل قبل مرور ميزانيات اعوام الخطة وتم التلاعب بها وهي في كل عام تقدم لمجلس الامة؟!».وعن حقيقة ما يتداول عن قيام الحكومة بتسكين بعض المناصب القيادية خلال فترة غياب المجلس، رغم ان عمليات النقل والندب لصغار الموظفين والشبهات المصاحبة لهذه التعيينات لتنفيع وتقوية بعض الاطراف انتخابيا، قالت المصادر «في البداية نحن اوقفنا كل عمليات النقل والندب كعادة كل موسم انتخابي حتى لا تستغل لصالح اي من المتنافسين بهذا الموسم. اما في ما يتعلق بتعيينات اقرت اخيراً، فإن على الجميع ان يفحص الاسماء بشكل جلي وسيجد بأنها غير محسوبة على اطراف سياسية او تيارات او كتل، وهي جميعها اسماء مستحقة للتسكين بهذه الوظائف، وكان هناك قرار بهذا التعيين قبل صدور حكم المحكمة الدستورية بإبطال المجلس، واليوم جاء موعد استحقاق شغل هذه المناصب، وبالتالي تم اجراء تسكينها.وعن مدى امكانية اقرار القوانين كافة التي اقرها المجلس المبطل ولم تقرها الحكومة وانعدمت قانونيا، بداية الفصل التشريعي الحالي وقبل الخروج بالاجازة البرلمانية؟ قالت المصادر «الحكومة ستستوجب اتباع اجراءات اللائحة الداخلية بعرض هذه القوانين مرة اخرى على مجلس الامة ومن ثم مناقشتها في لجان المجلس ومن ثم عرضها للتصويت عليها، وبالتالي من المرجح ان تتم مناقشتها بعد انتهاء الاجازة الصيفية وليس قبلها».