قال الدكتور صفوت قابل، أستاذ الاقتصاد عميد كلية تجارة المنوفية السابق إنه بعد انقضاء عام على تولى الرئيس مرسى رئاسة الجمهورية، بدأ الصراع بين المؤيدين والمعارضين للرئيس، والحقيقة أن الواقع يكشف المزيد من الفشل فى مواجهة المشاكل.

وأضاف صفوت أن المشاكل الاقتصادية تزداد وتتعقد يوما بعد يوم، وهو ما يحتاج إلى إجراءات حاسمة لمواجهتها، ومن ذلك أزمة نقص الوقود التى تتزايد وأصبحت تشمل جميع أنواع البنزين بعدما كانت تقتصر على السولار وبنزين 80، وتتسع المشكلة بعد قطع الكهرباء، نتيجة نقص الغاز المطلوب لتشغيل المحطات، ولكن الحكومة تلجأ إلى إجراءات تزيد المشاكل ولا تقلل منها، فالحكومة عاجزة عن المواجهة الصحيحة لوقف هذا التدهور، وتكتفى بإطلاق التصريحات عن قرب إنهاء الأزمة وتحديد مواعيد لبدء نظام جديد لتداول المنتجات البترولية، وما تلبث أن تتراجع عن ذلك.

وأشار صفوت إلى أنه من القرارات التى أدت إلى مزيد من المشاكل ما قرره مجلس الوزراء فى 20 فبراير بزيادة سعر بيع المازوت من 1000 إلى 1500 جنيه للطن وبالتالى ستزداد المشاكل بمشكلة ارتفاع أسعار الطوب وكل المنتجات التى تستخدم المازوت ونتيجة لسياسة أنصاف الحلول التى تتبعها الحكومة سيقوم الكثيرون بالتحول من استخدام المازوت إلى استخدام السولار، لأنهما سلعتان بديلتان، وهو ما سيزيد الطلب على السولار الذى تتفاقم مشكلة عدم توافره حاليا.

ويلاحظ أن الحكومة كانت قد رفعت سعر المازوت إلى 2300 جنيه للطن اعتبارًا من 15 ديسمبر 2012، ولكنها تراجعت عن ذلك تحت ضغط منتجى الأسمدة والأسمنت، ثم عاودت زيادة السعر ولكن إلى 1500 جنيه، وهو ما سيؤدى إلى المزيد من المشاكل ورفع الأسعار ونقص السولار وكان على الحكومة أن تضع نظاما شاملا لأسعار الوقود، تراعى فيه أوضاع الصناعات المختلفة وكيف تواجه الزيادات السعرية وان تتوقف عن سياسة المعالجة الجزئية التى تؤدى إلى المزيد من المشاكل، وهو ما فعلته سابقا حينما رفعت سعر بنزين 95 وتركت باقى الأسعار فتحول الكثيرون إلى استهلاك بنزين 92، ولم تحقق الحكومة ما كانت تبغيه من زيادة مواردها نتيجة زيادة سعر بنزين 95، بل أدى ذلك إلى زيادة الطلب على الأنواع الأخرى من البنزين التى لم ترتفع أسعارها، لذلك على الحكومة أن تدرك خطأ سياستها فى التعامل الجزئى مع كل منتج لأن ذلك يزيد المشاكل نتيجة خوفها من اتخاذ القرارات السليمة لمواجهة الأوضاع الخاطئة فى الأسواق.

ولفت صفوت إلى أنه من المشاكل التى يتسع نطاقها وتستمر دون حلول مشكلة نقص السولار وكل ما تفعله الحكومة أن يصرح الوزير أن سبب المشكلة هو التهريب وهى بذلك تصف نفسها بالفشل فى مواجهة هذا التهريب، وخاصة إلى السفن خارج الموانئ، فهل إلى هذا الحد أصبحت حدودنا مستباحة ولا سيطرة للدولة عليها؟ أما إذا كان المقصود بالتهريب خارج المحطات فإن ذلك يؤدى إلى حصول البعض عليه بسعر مرتفع من تجار السوق السوداء، وبالتالى سيسد جزءا من حاجة السوق، ولكن بسعر مرتفع وهناك الكثيرين المستعدين لدفع سعر أعلى بدلا من الانتظار لأيام للحصول على السولار، وبالتالى فالتهريب الذى تتشدق به الحكومة ليس هو السبب فى مشكلة نقص السولار الذى يقدر بحوالى 30% مما يجعل الحكومة تخفض المطلوب لمحطات الكهرباء وتموين السيارات، وهكذا نجد أن حكومة الإخوان تهرب من مواجهة المشاكل مما يؤدى إلى المزيد من التدهور الاقتصادى، فبعد أن حددت الحكومة شهر إبريل لبدء نظام الكوبونات أعلن وزير البترول تأجيله إلى يوليو ثم أعلن التأجيل إلى يناير وبالطبع سيستمر مسلسل التأجيل لما بعد ذلك لأن الحكومة لا تملك القدرة على مواجهة المشكلة، رغم ما أعلنت عنه مؤخرا من بدء العمل بنظام البطاقات الذكية فى توزيع السولار دون أن تحدد كمية لكل سيارة وهو ما لم يقلل من الأزمة.

والسبب الحقيقى للمشكلة هو عدم قدرة الحكومة على توفير العملات الأجنبية لشراء الاحتياجات من الوقود فهى تحتاج إلى حوالى مليار دولار شهريا لاستيراد ما يسد النقص فى الأسواق ولا تستطيع الحكومة ذلك فى ظل تناقص الموارد من العملات الأجنبية وهى مشكلة ستزداد وبالتالى لن تستطيع الحكومة توفير المخصصات المطلوبة للاستيراد فهل من المقبول استمرار وتصاعد المشاكل فى الأسواق أم على الحكومة أن لا تهرب من مواجهة هذه المشكلة بالحديث عن مبررات غير سليمة، كما أن الأحوال فى مصر لا تحتمل المزيد من المشاكل، ولا يمكن لعاقل أن يتصور أن يستمر هذا النقص فى مواد الوقود دون أن يؤدى ذلك إلى المزيد من الفوضى ثم الصراع والدولة خائفة من مواجهة المشكلة.

ومما يزيد المشاكل أن الحكومة لا تستطيع الاستمرار فى الاقتراض لاستيراد هذه الاحتياجات ليس فقط لزيادة الأعباء فى السداد ولكن لأنها لن تجد من يقرضها، فوزارة البترول مدينة بمليارات الدولارات للشريك الأجنبى مقابل ما تحصل عليه من حصته لضخها فى الأسواق، وحاولت اقتراض 2 مليار دولار من البنوك لسد جزء من مديونيتها، ولكن البنوك تراجعت عن إقراضها للظروف التى تمر بها البلاد.