شهد
اختبار القوة الجاري منذ خمسة أيام بين رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وعشرات
الآلاف من المتظاهرين الأتراك الذين يتحدون سلطته في الشارع, تصعيدا مع إعلان
اتحاد نقابات القطاع العام الإضراب عن العمل لمدة يومين تضامنا مع المحتجين بعد
مقتل متظاهر ثان بالرصاص, في الوقت الذي أعلنت الحكومة التركية عن جلسة حوار بين
بولنت أرينج نائب رئيس الوزراء التركي وعدد من المنظمين للاحتجاجات.
وبعد
ليلة جديدة من التعبئة وأعمال العنف في عدد من مدن البلاد, قرر اتحاد نقابات
القطاع العام, أحد أكبر الاتحادات النقابية في البلاد, دعم الحركة الاحتجاجية
بتنفيذ إضراب ليومين.
وأعلن
الاتحاد اليساري التوجه والذي يضم240 ألف عضو أن الإرهاب الذي تمارسه الدولة علي
تظاهرات سلمية تماما يتواصل بشكل يهدد حياة المدنيين.
وبعد
مقتل أول متظاهر-20 عاما- دهسا بالسيارة خلال تظاهرة في اسطنبول, قتل متظاهر ثان
يدعي عبد الله جميرت-22 عاما خلال تجمع في محافظة هاطاي بإطلاق نار مجهول المصدر, حسب
ما أعلن حاكم المدينة جلال الدين لاكزيز. وفتحت الشرطة تحقيقا في ظروف الوفاة التي
لا تزال غامضة.
وتكررت
أعمال العنف في اسطنبول وأنقرة وأزمير حيث استخدمت الشرطة خراطيم المياه والقنابل
المسيلة للدموع ورد المتظاهرون بقذفها بالحجارة مما أوقع العديد من الجرحي قبل
عودة الهدوء الحذر.
واحتل
آلاف المتظاهرين من جديد لفترة طويلة ساحة تقسيم بوسط اسطنبول, التي تقع في قلب
الاحتجاجات المتواصلة منذ الجمعة الماضي, ورفعوا رايات حمراء مطالبين برحيل رئيس
الحكومة وهم يهتفون طيب استقيل.
وفي
مؤشر علي اتساع نطاق المظاهرات, كشفت صحيفة حريت التركية أن عمدة بلدية أنطاليا
بقيادة مصطفي أكاي الدين رفض السماح للشرطة بالاستفادة من خزانات المياه الخاصة
برجال الإطفاء, لاستخدامها في مواجهة المظاهرات, متعللا باحتمال حدوث مشكلة في
المستقبل مثل اندلاع حريق في المدينة.وأضافت الصحيفة أن قوات الشرطة اتجهت بعد ذلك
إلي مسئولي منطقة كيبيز التي يمثلها عضو عن الحزب الحاكم واستخدموا المياه التي تم
تخزينها في صهاريج والتي كانت تستخدم في ري المتنزهات والحدائق.
وفي
غياب رئيس الوزراء الذي يقوم بزيارة رسمية لدول المغرب العربي تستمر حتي غد الخميس,
قال بولنت أرينج نائب رئيس الوزراء التركي إنه سيجتمع مع عدد من المنظمين
الأساسيين للاحتجاج خلال ساعات. وأضاف أرينج أن هناك حاجة للتواصل بشكل واضح من
أجل التغلب علي أي تشوش في ذهن الناس. وتماشيا مع ذلك سأجتمع مع مؤسسات وممثلي
الاحتجاجات لمعرفة رأيهم. وقدم اعتذاره للعدد الكبير من المتظاهرين الذين أصيبوا
بجروح أثناء حركة الاحتجاج, مضيفا أنه لا أعتقد أنه علينا تقديم الاعتذار لهؤلاء
الذين سببوا الأضرار في الشوارع وحاولوا عرقلة حرية الناس.وقال أرينج وهو المتحدث
باسم الحكومة أيضا في مؤتمر صحفي في أعقاب لقائه بالرئيس عبد الله جول إن
التظاهرات الأولي التي انطلقت علي أساس مخاوف بيئية عادلة ومشروعة. وأضاف أن
الحكومة التركية تحترم أنماط الحياة المختلفة لكل المواطنين, موضحا أن ثقافة
الاختلاف تشكل الثروة الأكبر لتركيا.
وفي
مؤشر إلي قلق الأسواق المالية إزاء استمرار الأزمة, تراجعت بورصة اسطنبول حوالي10%,
وهو ما يعتبر الهبوط الأكبر منذ عشرة أعوام إضافة إلي هبوط قيمة الليرة التركية
مقابل أسعار الدولار واليورو بنسبة16%.
وفي
هذه الأثناء, نصحت السفارة الامريكية بأنقرة علي موقعها الالكتروني المواطنين
الأمريكيين المقيمين أو المسافرين بالبقاء في حالة تأهب تجاه عنف محتمل في تركيا.وفي
باريس, دعت فرنسا رعاياها بتركيا إلي توخي الحذر وعدم الاقتراب من المناطق التي
تشهد التظاهرات والاحتجاجات في العديد من المدن التركية.
وقال
وزير الخارجية لوران فابيوس نحث السلطات التركية علي ممارسة ضبط النفس ضد
المتظاهرين, معربا عن أمله أن تقوم حكومة أنقرة بتحليل أسباب الاحتجاجات.ووصف ما
تشهده تركيا من إحتجاجات بانه أمر مقلق, لكنه رفض الربط بين ما تشهده تركيا حاليا
واندلاع فكرة الربيع التركي علي غرار ما يعرف بـ الربيع العربي, مذكرا بأن الحكومة
التركية منتخبة بشكل ديمقراطي.
وفي
هذه الأثناء, رأي مارتن شولتس رئيس البرلمان الأوروبي أن تعامل الحكومة التركية مع
المتظاهرين لا يتفق مع عضوية الاتحاد الأوروبي. وقال شولتس إن عضوية الاتحاد تتطلب
الالتزام بالمعايير الديمقراطية. وإننا نري أن أردوغان غير مستعد لذلك في لحظات
معينة.