في
الوقت الذي كانت تؤدي فيه الحكومة الإيطالية الجديدة اليمين الدستورية في قصر
الرئاسة كورينالي, قام مختل عقليا بإطلاق أعيرة نارية أمام مقر مجلس الوزراء
بقصر كيجي في العاصمة روما.
مما
أسفر عن إصابة اثنين من ضباط الشرطة وسيدة من المارة, وقامت الشرطة بدورها بتطويق
موقع الحادث, فيما شوهد نحو6 أو7 أغلفة طلقات رصاص متناثرة علي الأرض. وذكرت صحيفة
كورييرا ديلا سيرا الإيطالية أن المهاجم الذي تمكنت الشرطة من إلقاء القبض عليه, يدعي
لويجي رييتي, وكان يرتدي زيا رسميا و رابطة عنق, وقد أطلق من مسدسه نحو7 أو8 طلقات,
موضحة أنه بينما كان يعاني أحد ضابطي الشرطة المصابين من جرح خطير بالعنق, فقد
تمكن الآخر من رد طلقات نارية ضد المهاجم ليصيبه بشكل طفيف, مما أسهم في عملية
اعتقاله علي الفور. وقد أثار الحادث حالة من الذعر العام خاصة أمام مقر الرئاسة
الكورينالي, الذي يبعد نحو كيلو متر واحد من مكان الحادث, حيث كانت تجري مراسم
تنصيب الحكومة الجديدة, مما أدي إلي تدفق الحشود إلي موقع الهجوم. من جانبها, أوضحت
وكالة أنباء آنسا الإيطالية أن المهاجم الذي أطلق أعيرة نارية أمام مقر رئاسة
الوزراء الإيطالي يعاني خللا عقليا, مضيفة أن نبأ الهجوم كان له صدي داخل قصر
الرئاسي, حيث تبدلت ملاح الفرح التي كانت تعلو وجوه الوزراء الجدد, خلال أدائهم
القسم لتحل محلها ملامح الذهول ثم الفزع. وفور اعتقال الجاني, قام رجال التحقيق
باستجواب الجاني وإجراء التحريات المطلوبة للوقوف علي ملابسات الحادث ومدي تورط
آخرين معه في عمليات أخري من عدمه.ومن جهته, قال جياني اليمانو رئيس بلدية روما
إنه لا يمكن وصف إطلاق الرصاص بأنه عمل إرهابي لكن المناخ السياسي المضطرب في
الأشهر القليلة الماضية زاد التوتر.
ويأتي
هذا الحادث خلال أداء الحكومة الائتلافية الإيطالية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء
الديمقراطي المكلف أنريكو ليتا اليمين الدستورية في ساعة مبكرة من صباح أمس بالقصر
الجمهوري أمام الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو, والتي من المتوقع أن يواجه
أعضاؤها اقتراعا بمنح الثقة بالبرلمان الإيطالي غدا بعد عرض برنامجهم عليه اليوم. وباعتباره
أعلي من يقف علي رأس الهرم الوزاري في هذا التشكيل الحكومي الجديد بإيطاليا, فقد
أدي ليتا ـ46 عاما ـ القسم أولا كرئيس للوزراء خلال مراسم أداء اليمين التي قادها
الرئيس الإيطالي جورجيو نابوليتانو بنفسه, ثم اصطف الفريق الوزاري المكون من21
عضوا واحدا خلف الآخر, حيث أدوا القسم بالولاء لجمهورية إيطاليا أمام رئيس البلاد
الذي كان قد كلف ليتا الجمعة الماضي باختيار أعضاء فريقه الوزاري بأحادية واستقلالية.
ويشارك
في فريق ليتا7 نساء فيما يمثل رقما قياسيا. ومن أبرز الوجوه التي تعكس تغييرا, تعيين
الطبيبة تشيشيليا كينجي وزيرة للاندماج المجتمعي, لتكون أول امرأة افريقية الأصل( الكونجو
الديمقراطية) تصل لهذا المنصب في ايطاليا. وقد اعتبرت كينجي( عضو البرلمان
الايطالي عن الحزب الديمقراطي اليساري) في قرار ليتا بانضمامها خطوة رئيسية نحو
تغيير حقيقي في ايطاليا. وكلف ليتا البطلة الأوليمبية ذات الأصول الألمانية جوزيفا
أدام بحقيبة الرياضة وتكافؤ الفرص. وجاء تشكيل الحكومة الجديدة ليضم وزراء من قوي
اليمين واليسار, الي جانب شخصيات من التكنوقراط. وتم الإبقاء علي الوزيرة آنا
ماريا كانشيلليري ـ التي تولت حقيبة الداخلية في حكومة مونتي ـ ولكن مع تكليفها
بحقيبة العدل.
أما
الخارجية, فقد تم اسنادها الي اليسارية الراديكالية ايما بونيو, التي تحظي بقبول
داخل حركة خمس نجوم. وكانت بونيو قد شغلت منصب مفوضة أوروبية سابقة, كما شغلت منصب
وزيرة التجارة الدولية سابقا في حكومة رومانو برودي الثانية. ومنذ عام2008 وحتي
مارس2013, كانت بونيو نائب رئيس مجلس الشيوخ الايطالي. وهي أستاذة فخرية بالجامعة
الأمريكية بالقاهرة. واحتفظ حزب شعب الحرية اليميني بزعامة سيلفيو بيرلسكوني, بخمس
حقائب وزارية, في مقدمتها الداخلية حيث تم تعيين أنجلينو ألفانو ـ الذراع اليمني
لبيرلسكوني ـ وزيرا للداخلية ونائبا لرئيس مجلس الوزراء. وذلك إلي جانب رموز
يمينية أخري تولت حقائب الاصلاح الدستوري والبنية التحتية, والزراعة والصحة.
أما
الوزارات التي احتلها التكنوقراط, فكان في مقدمتها وزارة الاقتصاد و تم إسنادها
الي المدير العام للبنك المركزي الايطالي فابريتسيو ساكوماني. ووزارة العمل حيث
اسندت الي انريكو جيوفانيني رئيس معهد الإحصاء الوطني الايطالي. وذلك فضلا عن
وزارتي التجانس الاجتماعي والشئون الأوروبية.
وتم
تكليف ماريو ماورو من قامة الخيار المدني بزعامة مونتي بوزارة الدفاع الايطالية. ومن
المقرر أن تعرض حكومة ليتا الإيطالية الجديدة برنامجها خلال جلسة بمجلس النواب
اليوم, وذلك قبل أن يخضع الائتلاف الحكومي الجديد لاقتراع بمنح الثقة في البرلمان
غدا. ويتعين علي الحكومة الجديدة الاتفاق علي برنامج موحد خصوصا بشأن السياسة
الاقتصادية, حيث إنه برغم أن وكالة التصنيف الائتماني موديز انفستورز سرفيس أكدت
الجمعة الماضي العلامة التي أعطيت لدين وهي بي إيه إيه2, إلا أنها احتفظت بإمكانية
خفضها علي المدي المتوسط لأن توقعاتها للنمو تبقي سلبية.
ومن
منظور معظم المحللين, يثير التحالف الحكومي غير المسبوق في إيطاليا والذي يجسده
رئيس الوزراء الديمقراطي ليتا ونائبه أنجيلينو الفانو, زعيم حزب سيلفيو بيرلسكوني,
شكوكا حول قدرته علي الاستمرار والتماسك. لكن الرئيس الإيطالي قال إنها الحكومة
الوحيدة الممكنة وتشكيلها لم يعد يحتمل التأخير, معبرا عن ارتياحه لقدرة هذه
الحكومة علي الحصول علي ثقة مجلسي النواب والشيوخ, طبقا لنصوص الدستور.