توصلت قبرص أمس
إلي اتفاق في اللحظة الأخيرة مع المقرضيين الدوليين يجنبها الإفلاس والخروج من
منطقة اليورو من خلال حصولها علي حزمة إنقاذ مالي بقيمة10 مليارات يورو مقابل
إغلاق ثاني أكبر بنوكها وإلحاق خسائر فادحة لأصحاب الودائع في بنك قبرص أكبر مصارف
الجزيرة،
لتصبح قبرص
خامس دولة أوروبية تحصل علي مساعدات دولية بعد اليونان وايرلندا والبرتغال
واسبانيا.
فبعد محادثات
ماراثونية في بروكسل بين الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس وممثلي الجهات الدائنة
وهي المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي, تم التوصل
إلي اتفاق يقضي بتحجيم قبرص لقطاعها المصرفي من خلال إغلاق مصرف لايكي, ثاني أكبر
مصارفها وسيتم تجميد الوادئع التي تزيد عن100 الف يورو والتي تعد غير مضمونة بموجب
قانون الاتحاد الاوروبي وتستخدم لحل الديون. أما بخصوص بنك قبرص الاكبر في البلاد
والذي يختزن تقريبا ثلث اجمالي الودائع في الجزيرة وبينها الكثير لمودعين روس, فلن
تتم تصفيته, غير أن أصحاب الودائع التي تفوق100 ألف يورو سيتكبدون خسائر فادحة لم
ترد أرقام بشانها حتي الآن. وتم التخلي نهائيا عن فكرة فرض ضريبة علي جميع الودائع
المصرفية وهي فكرة وردت في الخطة الاولي التي تم التوصل اليها في نهاية الاسبوع
الماضي وقد اثارت موجة احتجاجات واستنكار ورفضها البرلمان القبرصي. ووافق وزارء
مالية اليورو في اجتماعهم ببروكسل بسرعة علي هذا الاتفاق بمجرد التوصل إليه.
ومن جانبها, اعتبرت
مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد أن الاتفاق يقدم خطة كاملة وموثوقة
لمواجهة التحديات الاقتصادية في قبرص. وقالت لاجارد في بيان أمس أن هذه الخطة
تعالج مشكلة المصارف القبرصية عبر استراتيجية واضحة تؤمن سداد الدين ولا تشكل عبئا
كبيرا لدافعي الضرائب القبارصة كما أنها تبني قاعدة لاعادة الثقة في النظام
المصرفي. وأعلن كلاوس رجلينج رئيس صندوق إنقاذ منطقة اليورو أن قبرص ستحصل علي
أولي دفعات حزمة الإنقاذ بعد أقل من شهرين من الآن أي في أوائل شهر مايو المقبل. فيما
شدد رئيس مجموعة اليورو وزير المالية الهولندي يورن ديسلبلوم علي أنه يجب أولا أن
يعمل خبراء من الدائنين الدوليين علي وضع التفاصيل الفنية للاتفاق والتي من
المتوقع أن يتم الانتهاء منها بحلول منتصف أبريل المقبل. وأكد ديسلبلوم أن الاتفاق
بدد الشكوك حول قبرص ومنطقة اليورو.ومن جهته, أعرب الرئيس القبرصي عن سعادته
بالتوصل إلي صفقة إنقاذ لبلاده, بينما أعلن المتحدث باسم الحكومة القبرصية أن
الاتفاق وضع حدا لفترة من الشكوك وعدم الاستقرار الاقتصادي وجنب البلاد خطر
الافلاس الذي كان سيعني الخروج من منطقة اليورو بعواقب كارثية. وبدوره, أعلن وزير
المالية القبرصي ميخاليس ساريس أنه لم يتقرر بعد متي ستعاود المصارف القبرصية
المغلقة منذ10 أيام فتح أبوابها ولكنه أكد أن ذلك سيتم في أسرع وقت ممكن.
وفي رد فعل
روسي, انتقد رئيس الوزراء دميتري مدفيديف حزمة الانقاذ لقبرص قائلا إن السرقة ما
زالت مستمرة في قبرص. وأضاف مدفيديف أن روسيا ستدرس عواقب الاتفاق الذي تم بين
قبرص والجهات الدائنة- والذي سيلحق خسائر بكبار المودعين من الأثرياء الروس- علي
مصالحها.
وعلي الرغم من
الأجواء التفاؤلية التي سادت أوروبا بعد التوصل إلي الاتفاق, إلا أن كريستوفر
بيساريدس الاقتصادي الحاصل علي جائزة نوبل كان له وجهة نظر أخري حيث قال إن
نيقوسيا ينبغي وبأي ثمن أن تتجنب قبول قرار غلق بنك لايكي وما ينتج عنه من تحمل
بنك قبرص أعباء إضافية لأن هذا سيكون بمثابة إفلاس للبلاد بالكامل, مشيرا إلي أنه
إذا تمت الموافقة علي غلق ثاني أكبر بنك في قبرص فإن الدور سيأتي علي أول بنوكها
ومن بعده علي البلد بأكمله.
وقد انعكس
اتفاق إنقاذ قبرص بشكل إيجابي علي البورصات العالمية وأسعار البترول, حيث ارتفعت
الأسهم الأوروبية عند الفتح وزاد مؤشر فايننشال تايمز البريطاني0.6 % وكاك الفرنسي1.5
% وداكس الألماني1 %.