أظهرت النتائج الرسمية شبه النهائية للانتخابات البرلمانية الإيطالية أمس فوز كتلة يسار الوسط بقيادة بيير لويجي بيرساني بأغلبية مجلس النواب‏

, بينما انقسمت مقاعد مجلس الشيوخ بين القوي السياسية دون أن تسفر عن أغلبية واضحة, لتواجه بذلك ايطاليا مسارا غامضا ازاء تشكيل الحكومة الجديدة وفرص استقرارها.

وبحسب الأرقام شبه النهائية التي نشرتها وزارة الداخلية الإيطالية, حصل تحالف اليسار الإيطالي بزعامة بيير لويجي بيرساني علي29.5% من الاصوات مقابل29.18% لتحالف يمين الوسط بزعامة رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو بيرلوسكوني.

وبالنسبة لمجلس الشيوخ, أوضحت أرقام وزارة الداخلية أن اليسار حصول علي31.63% من الأصوات, مقابل30.71% من الأصوات لليمين. ومن المفاجآت التي أسفرت عنها الانتخابات, تتويج حركة خمس نجوم بزعامة نجم الكوميديا الإيطالي بيبي جريللو لتكون الحزب الأول بالبلاد, حيث أن نسبة المقاعد التي فازت بها تتخطي سائر الأحزاب في البلاد منفردة. وتفوقت خمس نجوم علي الحزب الديمقراطي الذي يقود ائتلاف يسار الوسط, حيث حصلت علي25.6% من الأصوات بمجلس النواب في مقابل25.5% للديمقراطي اليساري. أما ائتلاف اليمين الذي يقوده رئيس الوزراء المستقيل ماريو مونتي فلم ينل سوي10.5%.

وبناء علي هذه النتائج, يحصد ائتلاف اليسار340 مقعدا بمجلس النواب, فيما يطلق عليه مصطلح مكافأة الأغلبية, في مقابل124 لكتلة بيرلسكوني, و108 لحركة خمس نجوم, و45 مقعدا فقط لمونتي. أما مجلس الشيوخ, فقد فاز ائتلاف اليسار ب119 مقعدا في مقابل117 لكتلة بيرلسكوني, و54 مقعد لحركة خمس نجوم, و18 فقط لمونتي. ولاتزال هناك6 مقاعد بمجلس الشيوخ للإيطاليين بالخارج ستحسم نتائجها خلال ساعات.

وذكرت وكالة أنباء آنسا الايطالية, أن نحو مليون و260 ألف ناخب قاموا بإبطال أصواتهم في انتخابات مجلس النواب, أو تركوا بطاقة الاقتراع بيضاء. وفي مجلس الشيوخ, وصل عدد من أبطلوا أصواتهم الي مليون ومائة ألف ناخب. وتأخذ ايطاليا بنظام القائمة النسبية المغلقة. وتراجع معدل إقبال الناخبين في هذه الانتخابات, حيث أدلي نحو75% من الناخبين المسجلين وعددهم50 مليونا بأصواتهم, مقابل أكثر من80% في انتخابات عام.2008

وفيما وصفته صحيفة لاربوبليكا اليسارية الايطالية ب الواقع الأكثر تعقيد, يتعين علي اليسار بالإضافة إلي أغلبيته في النواب تأمين أغلبية نصف مقاعد الشيوخ بما يعادل158 مقعدا, ومن أجل ضمان إقرار القوانين, مما يفرض علي اليسار الدخول في ائتلاف مع تحالف اليمين بزعامة بيرلسكوني أو حركة خمسة نجوم, وإذا لم يمكن الوصول إلي اتفاق فإنه سيتعين اجراء انتخابات جديدة.

وأعلن بيرساني الفوز, ولكنه قال إن من الواضح أن إيطاليا في وضع دقيق للغاية. ومن جانبه صرح نيكي فيندولا زعيم حزب يسار بيئة حرية وشريك بيرساني في ائتلاف اليسار وسط, بأنه لابد لائتلافه من التوصل إلي تفاهم مع حركة خمس نجوم.

من جهته, أشار بيرلسكوني إلي انفتاحه علي الائتلاف بين تحالف يمين الوسط بزعامته, وتحالف يسار الوسط الفائز أغلبية مجلس النواب وأكثرية الشيوخ. وقال خلال لقاء تليفزيوني لا يمكن ترك إيطاليا بدون حكومة, مطالبا جميع الأحزاب بالتضحية ببعض مصالحها من أجل المصلحة العامة, لكنه استبعد التحالف مع مونتي.

وفي الوقت نفسه, قال جريللو إن ايطاليا تتجه نحو تشكيل حكومة ائتلافية موسعة بين يسار الوسط ويمين الوسط بقيادة برلسكوني, متهما منافسيه بالفشل. وأضاف أن اتفاقا بين التحالفين أصبح أمرا محتوما, مشيرا إلي أن حكومة الوحدة الوطنية هذه ستدوم لمدة ستة أو سبعة أشهر أخري تعقبها انتخابات جديدة. وقال لن يستطيعوا البقاء أكثر أمامنا, مؤكدا أن حركة خمسة نجوم ستبقي في صفوف المعارضة هذه المدة.

وأدي تزايد التأييد الشعبي للأحزاب الإيطالية المعارضة لسياسات التقشف التي يوصي بها الاتحاد الأوروبي إلي انتخاب برلمان معلق في ثالث أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو, ليخيم شبح عدم الاستقرار السياسي لفترة طويلة علي البلاد. وكان مونتي قد رفع الضرائب وأجري إصلاحات في سوق العمل ونظام المعاشات بهدف إنقاذ إيطاليا من العجز عن سداد الديون, وهو أكثر المرشحين تأييدا للاتحاد الأوروبي. أما جريللو وبيرلسكوني فهما أشد منتقديه, بل إن الفنان الكوميدي يدعو إلي استفتاء علي خروج إيطاليا من منطقة اليورو.

وأمام تفتت مقاعد مجلس الشيوخ, عبرت صحيفة لاربوبليكا عن الوضع قائلة انتخابات2013, لغز الحكم, أما وكالة أنبا آنسا الايطالية فقد قالت الشيوخ في فوضي, وأشارت معظم وسائل الاعلام الإيطالية إلي أن إيطاليا أصبحت غير قابلة للحكم في ضوء هذه النتائج. وقال معلقون ان خصوم جريللو استخفوا بشعبية حركته التي وصفت نفسها بأنها ليست حزبية ولاسيما جاذبيتها فيما بين الإيطاليين الشبان الذين يجدون أنفسهم بلا وظائف أو افاق لمستقبل كريم.