fiogf49gjkf0d

أكد عدد من خبراء الاقتصاد أن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد مرهونة بالحالة الأمنية والسياسية التى تمر بها البلاد، مؤكدين خلال المناظرة التى عقدت مساء أمس على هامش فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته الرابعة والأربعين والتى كانت بعنوان "أزمة الجنيه المصرى"، أن استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية بالطبع سيؤدى لاستقرار الجنيه.

الدكتورة سلوى العنترى، مدير عام قطاع البحوث بالبنك الأهلى سابقا، رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الاشتراكى المصرى، قالت إنه لا يزال مطلوب إجراءات عاجلة من شأنها استعادة الموارد الأجنبية، مشيرة إلى أن أقرب نموذج هو السياحة، ولكنها مرهونة بعودة الاستقرار السياسى والأمنى، بالإضافة إلى ضبط مسألة الاستيراد، وهيكلة الاقتصاد بحيث يكفى جزء من احتياجاته الداخلية ويكون قادر على التصدير.

وأكدت أن سبب أزمة ارتفاع الأسعار ليس انخفاض سعر الجنيه فقط، وإنما عدم وجود رقابة على الأسواق، حيث إنه فى أول أسبوع حدث فيه انخفاض لقيمة الجنيه أمام الدولار ارتفعت الأسعار بنسبة 20 %.

كما أكدت أن الفترة المقبلة ستشهد تآكل أكبر للجنية المصرى وارتفاع لأسعار السلع، خاصة وأنه سيتم فرض ضرائب على المبيعات تم الإعلان عنها ولكن تجميد قرارها لفترة، ولكنها ستطبق بسبب الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، مشيرة إلى أن الودائع الموجدة بالبنوك الآن بالنقد الأجنبى تمثل 20%.

وأوضحت العنترى أن أزمة الجنيه المصرى تحتدم عندما تنخفض القوى الشرائية له، وعندما يتم فقدان الثقة بالعملة الوطنية، وهذا يتحقق عندما يحدث تآكل فى القيمة الشرائية للجنيه، ويتراجع سعر الصرف بحيث تنخفض قيمته أمام العملات الأخرى، وقتها نكون أمام أزمة حقيقية، وعندها يلجأ المواطنون إلى استخدام عملة أخرى.

وأضافت العنترى أن مصر فى فترة الثمانينات مرت بهذه الأزمة حيث لجأ معظم المواطنين إلى استخدام الدولار فى شراء بعض السلع، حتى إنه كانت الأولوية لمن يحجز الأجهزة الكهربائية بالدولار، وحتى الآن لم نصل بعد إلى فقدان الثقة فى الجنيه إلى هذه الدرجة.

وأكدت أن من بين العوامل التى آدت أيضا إلى انخفاض قيمة الجنيه، تكالب الناس على الشراء وذلك لوجود اختناقات فى سلع معينة، كما أن السلع والبضائع كانت فى فترة من الفترات لا تصل إلى المستهلك، بالإضافة إلى وجود محتكرات تفرض على السوق دون تدخل من جانب الدولة.

وعن الصكوك الإسلامية، أوضحت الدكتورة سلوى أنها عبارة عن صيغة إسلامية للسندات، وتكون هذه السندات مضمونة بأصول مملوكة للدولة، والحكومة المصرية ترغب فى تطبيقه كأداة للتمويل لجلب ما يقدر بـ10 مليارات دولار سنويا، لترفع من قيمة الجنية، وقالت: السؤال هنا ما هى الأصول التى ستستخدمها الدولة لتكون ضامنة للصكوك؟ هل ستكون الأصول موانئ أو خصخصة الخدمات مثل التأمين الصحى؟.

من جانبه أكد الدكتور إبراهيم العيسوى أستاذ الاقتصاد بمعهد التخطيط القومى، أن الجنيه يواجه أزمتين، وهما انخفاض قيمته الخارجية، وأزمة انخفاض قوته الشرائية بالداخل، أى أن الأزمة مزدوجة.

وقال العيسوى: لم يكن صعب التنبؤ أننا سنواجه أزمة منذ بداية الثورة، وقام خبراء الاقتصاد بالإشارة إلى ذلك، ولكن البنك المركزى كان متصورا أن تحت يده من الاحتياطيات الأجنبية، ما يمكنه من السيطرة على سعر الجنيه، رغم خروج الأجانب من مصر، وبيع لأصول الخزانة، وربما أنه كان يتوقع أن تكون الفترة الانتقالية قصيرة، وبالتالى ستكون المشكلة عابرة.

وأضاف: لقد نبهنا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات بتقييد الطلب على النقد الأجنبى لمواجهة عجز الموازنة والحفاظ على الجنيه ولكن لم يكن هناك استجابة لهذا المطلب، ومطالب أخرى.

وأوضح العيسوى أن سعر صرف الجنيه بالنسبة للدولار ليس شيئا مقدسا، بحيث لا يمكن المساس به، فهو معرض للارتفاع أو الانخفاض، وقوة الاقتصاد المصرى لا تستمد من الجنيه، بل الجنيه هو الذى يستمد قوته من الاقتصاد، مشيرا إلى الصين التى تحافظ على قيمة عملتها منخفضة لتزيد من صادرتها لدول أخرى.

وأشار إلى أن الحفاظ على قيمة الجنية فى الفترة الماضية كان ثمنه باهظا، حيث انخفضت الاحتياطيات من النقد الأجنبى بنسبة 60%، موضحا أنه سبق وطلب من النظام السابق عندما كان لدى مصر زيادة فى الاحتياطى الأجنبى أن يستخدم فى عمل مشروعات إنتاجية، ولكن لم يلتفت أحد لهذا المطلب ولو حدث لكان الاقتصاد الآن قادر على مواجهة أزمة الجنيه.

وعن كيفية الحد من أزمة الجنيه، قال العيسوى: "يجب فرض قيود على خروج رؤوس الأموال من مصر، وفرض رسم على الأموال التى لا تقضى فترة معينة فى الداخل"، مشيرا إلى أن دول كثيرة تفعل ذلك، بالإضافة إلى فرض رسوم على ضريبة الأرباح الرأسمالية التى تحققها هذه الأموال البورصة، وكذلك تقييد الطلب على النقد الأجنبى من خلال وقف رحلات الخارج والممثلة فى الحج والعمرة وهذا لا يخالف شرع الله، ورغم أنه تم الاتفاق من قبل على منع من سافر لأداء الفريضة أكثر من مرة، ولكن لم يطبق ذلك.

بينما أكد الكاتب الصحفى عبد القادر شهيب أن قيمة أى عملة تتحدد بقوة الاقتصاد الذى يصدرها، وموارد النقد الأجنبى المتوفرة لديه وكيفية إدارة سعر الصرف".

وقال: "الاقتصاد المصرى يعانى من مشاكل حادة جدًا، أبرزها انخفاض معدل النمو، حيث لا يتجاوز 1.5 % طبقا للأرقام الرسمية، أى أن قدرته على إنتاج السلع والخدمات قليله، فأصبح يعتمد على الاستيراد من الخارج، كما أن السياحة انخفضت بنسبة 30 % وهى تمثل ثلث مواردنا من النقد الأجنبى، بالإضافة إلى هروب الاستثمارات الأجنبية بحيث أصبح نسبته فى مصر الآن "صفر"، وخروج الأموال التى كانت توظف فى البورصة ".

وأوضح شهيب أن موارد النقد الأجنبى التى تدخل لمصر من تحويلات المصريين بالخارج ودخل قناة السويس، رغم زيادتها إلا أنها لا تعوض ما خسرناه فى السياحة والاستثمار، لذلك كان الاعتماد فى العامين الماضيين على ما لدينا من الاحتياطى الأجنبى بالبنك المركزى، وتم إنفاق ما يفوق 8 مليارات دولار لاستيراد سلع أساسية، كما تسديد الديون والاستثمارات الأجنبية التى خرجت بقيمة 21 مليار دولار من الاحتياطى.

وأشار إلى أن سياسة سعر الصرف، كانت تدار على مدار العامين ليس بالحفاظ على سعر الجنية ولكن بمحاولة السيطرة على معدل التضخم وهو ما دفع البنك المركزى لإنفاق 8 مليارات دولار على السلع المستوردة.

وحذر شهيب من خطورة الوضع السياسى الذى تمر به البلاد حاليا، على الوضع الاقتصادى، مشيرا إلى انه إذا لم يتحسن، سيزيد تدهور الوضع الاقتصادى أكثر فأكثر، كما سينخفض الجنية أيضا وبذلك تنخفض قوته الشرائية، وفى ظل ثبات الدخل سينخفض مستوى معيشة المواطن المصرى وسيحصل على مستوى صحى وتعليمى أقل.